\
زارني في الآونة الأخيرة صديقي الدرويش الغني: زاهر السلامي، جاء هذا السلاميّ بوجع الأرض والفن والمسرح قاصداً ركني القصيّ في أواخر العزلة، هناك بالقرب من حديقة التراث على كورنيش أبوظبي.
:
وبعد أن قرر زاهر عودته إلى أرض السلطنة، اخترت أن أهديه ولو شيئاً بسيطاً أرد به جميل هذه الزيارة العزيزة. فاحترت كثيراً في شكل الهدية كوني لا أملك حينها سوى ما يكفل لنا الإثنان نصف فنجان قهوة، لا أكثر!... فما كان مني أن جمعت له ما بين يدي من نصوصٍ شعرية.. حدَث أنّ وقت الزمن لدي قد انكبّ على هذه النصوص منذ سنون، شارعاً بعمل دراسة انطباعية حول عدد من شعراء اللهجة البيضاء.
فعلى وجه العجالة.. جمعت له (الحميدي الثقفي/ عبدالمحسن بن سعيد/ عبدالله الكايد).. وأوصيت زاهر بأن يرفع صوته كثيراً حين توقفه قدماه عند أطراف النخيل، وأوصيته أكثر بأن لا يلتصق الجبل على صوته ذاك؛ وهو مُشْرعٌ بإلقاء نص (أنفاس) لعبدالله الكايد، ذلك أن شعراً كهذا قد ينسف كل شيء جامد أمام النظر، ويخرّب المرئيّ من الطبيعة الجلفاء، إن شعراًُ كهذا هو الأصلح بأن يوسم بصفة (الإلقاء).. كونه يسقط على تراب الأفئدة كما تسقط حبة المطر على خد اليباس، فتحيله لروضة شيح وبيلسان. إن عبدالله الكايد أحد القلة الذين لا يمكن لهم الابتسام داخل القصيدة، أولئك الذين اعتادوا ذرف المطر من المحاجر، وبث عشب الشعور للجبال الخاوية، فأصبحت طبيعة الشعر المحكي بين أيدهم: بسيطة، كبساطة العُقَدِ الذرية!
/
يا لك من مبهج يا عبدالله.. يا لك من شاعر وربي.
\