يبدوُ الطّريقُ طويلاً جدّاً حينَ يكونُ وراءَكَ الوطن , و تمضي و أنتَ تخافُ الالتفاتَ إلى الخلف , و لكنّك تفعل , و تعاقبُ نفسكَ بتظاهركَ باللامبالاة .
اعتقدتُ أنا أيضاً أنّي لستُ مبالية , اعتقدتُ ذلكَ كثيراً و كنتُ أديرُ وجهي بثورةٍ طفوليّةٍ عنه , و اغضبُ في داخلي عليه و ألومهُ و أحمّلهُ خطيئةَ الحزنِ و أجلدهُ , ثمّ أجثو امامَ عينيهِ و أقبّلُ أصابعهُ و ترابَ أرجوحتي القديمة الّذي احتضنَ عبثي الطّفولي , و شجرةَ "النّارنجِ " تنغرسُ في جِلدهِ , فيُثمر بها / معها ألفَ سنبلةٍ و أمنية , و جدولاً صغيراً يختبئُ في ساقية , يروي عطشَ القلوبِ إلى الحبِّ و انتماءَها إلى الأرض .
حين يكونُ وراءكَ الوطن , يكونُ الطريقُ طويلاً و شاقّاً و مُفضياً إليك , إليكَ وحدك , لتكونَ في مواجهةٍ مع نفسك , مع أخطائكَ و اخطائهم ,عفوكَ و غفرانهم , و ظلمكَ و جورهم ,
حينَ يكونُ وراءكَ الوطن , تُدركُ انّهُ الوحيدُ البريءُ من دمك , و أنّكَ و هم تحملونَ اثمَ دمه !