منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - عــائلة (كـوري)
الموضوع: عــائلة (كـوري)
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-23-2008, 05:48 PM   #3
نـــجد
( شاعرة وكاتبة )

الصورة الرمزية نـــجد

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 22

نـــجد غير متواجد حاليا

افتراضي



( قصة كفاح )
هذه قصة أسرة عظيمة.. وامرأة أعظم.. فمدام "كوري" حصلت على كل شيء أرادته، وكل ما يمكن أن تحصل عليه، لقد كانت عالمة بإخلاص، وربة منزل بامتياز، وإنسانة بمعنى الكلمة، لقد واجهت الشدائد والصعاب كأفضل من ألف رجل، ولا يوجد من يضاهيها من النساء في العصر الحديث.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
ذروة المعاناة!

في 7 نوفمبر 1867 بمدينة وارسو ببولندا، ولدت سعيدة الحظ "مانيا -أو "ماريا"- سكلودوسكا" "Maria Sklodowska" لأسرة من أصل ريفي نبيل من بولونيا، ولكن ثروة العائلة تبددت مع انهزام بولندا أمام جيوش روسيا القيصرية، وكان والدها مدرس طبيعة ورياضيات، وأمها عازفة بيانو ماهرة، وكان والدها له ميول سياسية تجاه بلده بولندا، ونادى علناً باستقلال بولندا عن روسيا القيصرية.. وفي هذا الجو الغريب الذي نتج من تلاحم مدرس رياضيات ثوري متحفظ، مع موسيقية غارقة في المشاعر والأحلام، كان ولا بد أن يخرج إنسانٌ عبقريٌ مميز.

علينا أن نعرف شيئاً عن روسيا القيصرية في ذلك الوقت.. كان كل من يموت لا بد وأن يموت بالسل، وكل من يفكر في تحرير بولندا فلا بد وأن ينال أسوأ العقاب، وهكذا ماتت مدام "سكلودوسكا" بداء السل و"ماريا" في العاشرة من عمرها، وفقد والدها وظيفته، واستطاعت "ماريا" أن تحصل على الميدالية الذهبية -وكانت هذه عادة قديمة لأسرة "سكلودوسكا"- لدى تخرجها من المدرسة العليا بوارسو، وأُرسلت لقضاء سنة في الريف؛ خوفاً على صحتها من السل!

عملت "ماريا" لبعض الوقت لدى عائلة روسية نبيلة، وكانت على اتفاق مع أختها الكبرى "برونيا" بأن تعمل؛ لكي تعينها على دراسة الطب في جامعة "السوربون" الفرنسية لمدة ستة أعوام، ثم تنقلب الأدوار، فتساعد "برونيا" أختها على الدراسة في "السوربون"، ولعلنا نرى في موقف مثل هذا قمة النبل والإنسانية، ثم باشرت بعدها مهنة التدريس لبعض الوقت، وأخيراً تزوّجت "برونيا" من زميل في الجامعة، وأصبح بمقدور " ماريا" أن تسجل في جامعة "السوربون"، وهكذا كتبت اسمها حسب النطق الفرنسي "ماري"، وهناك واجهت أسوأ الظروف الممكنة، غذاؤها بالكامل يتكوّن من الخبز والزبد والشاي، تستذكر دروسها حتى الساعات الأولى من الصباح كل يوم متقوّتة بذلك الزاد الذي لا يُسمن ولا يغني من جوع، حتى إن حالاتٍ من الإغماء بسبب الجوع كانت تداهمها في المحاضرات، سكنت على سطح منزل بارد لدرجة أنها في مرة لفّت الكرسي على جسدها النحيل لعلها تحصل على بعض الدفء!

وواجهت أنواعاً عديدة من الأمراض، ولكنها استطاعت أن تواصل تعليمها، فدرست الرياضيات والكيمياء والفيزياء، ولكنها لم تنسَ أبدا الجانب الروحي الذي ورثته عن أمها، فكانت ترقص كأبرع ما يكون، وتدرّس الشعر، وتهوى الموسيقى، وتأمل في تكرار تجربة أختها، وتجد الحب والزواج مع أحد زملائها في "السوربون".

وفي منزل الأستاذ "كوفالسكي" البولندي تقابلت "ماري سكلودوسكا" مع "بيير كوري" Pierre Curie أستاذ الطبيعة، وتحقق حلم "ماري"، فتزوجت من "بيير" في يوليو 1895، وأصبح اسمها هو "ماري كوري"، Marie Curie أو "مدام كوري" وهو الاسم الذي حملته طوال حياتها بعد ذلك، وتحقق حلم "بيير" أيضا، الذي ظل يبحث طوال حياته عن امرأة عبقرية، وبدأت أيام سعيدة للغاية بين الزوجين، أيامٌ من ركوب الدراجات في ريف فرنسا.. نزهات عائلية كثيرة.. رحلات طويلة إلى المزارع، قبل أن يعود الزوجان إلى باريس لتبدأ مرحلة جديدة.

اكتشاف البولونيوم Polonium

كان "رونتجن" قد اكتشف أشعة (x) أو الأشعة السينية عام 1896، وهكذا طرح الأستاذ "بكريل" Henri Becquerel، سؤالاً مفاده: "هل تصدر أشعة مماثلة عن المواد المشعة؟"، وعندما ترك قطعة من مادة "اليورانيوم"، على لوحة حساسة للضوء، وجد أنها قد تأثرت دون أن يكون هناك ضوء، وبهذا كان قد اكتشف ما أسمته "ماري" بـ (النشاط الإشعاعي) Radioactivity.. وقد وجدت "ماري" في إجابة هذا السؤال محوراً لبحثها للحصول على درجة الدكتوراه..

كانت "ماري" تقوم بتجاربها الأولى في مختبر ضيق جدّاً، بارد دوماً في الجامعة، ولكنها حصلت في النهاية على معلومة مهمة، وهي أن هناك العديد من المواد تطلق الأشعة طوال الوقت بغضّ النظر عن اتحادها مع مواد أخرى أو عوامل خارجية مثل الحرارة والضوء.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ثم بدأت تفكر في وجود عنصر جديد له تأثير إشعاعي قوي جدّاً، فشاركها حلم اكتشاف العنصر الجديد زوجها "بيير"، وقضيا أربعة أعوام في معمل حقير كان يستخدم كمعمل تشريح تحت سقيفة خشبية لا تصلح حتى كمستودع لجثث الموتى، ولكن "ماري" كتبت تقول عن تلك الفترة: "لقد كان يخيم على حظيرتنا الحقيرة جو من السكينة والطمأنينة، كما لو كنا في حلم"..

وبعد هذه المعاناة الكبيرة، خاصة وأن "ماري" أنجبت في تلك الفترة وحصل لها نوبات مرضية متتالية، حصلت على عنصر جديد مشع، فأطلقت عليه اسم "بولونيوم" تيمنا باسم موطنيها "بولندا" و"بولونيا".
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

التوقيع




نـــجد غير متصل   رد مع اقتباس