المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موعد باقة -غَصَّة طويلة


خليل الاحمد الشهري
04-23-2009, 03:05 PM
فتح النافذة
كان الغبار عالقاً على أطرفها ، كان يتلذذ بالكتابةِ على الأشياءِ المُتَّسِخة ، كتب بسبابةِ يدهِ اليُمنى (أُحِبُكِ) ، نظر لأصبعهِ فوجدها مُتسخةً ، أيقن عندها أن الأوساخ نتاج حب
العجيب ، في نظره أن الغبار لم يكن بهذا السواد عندما كان على أطراف النافذة ، بدأ الشك يزوره كضيفٍ غير مُحبب ، وبدأت الأسئلة تأتي تباعاً هل عدم صدقي ساهم في هذا الحال ؟ ، هل يكون الغبار أصدق منِّي وهو اللذي يرفض البقاء في الصدر دون أن يُخلف خلفهُ معارك من السعال المُستمر وضيق التنفس ؟ سكت فجأة تذكر أن الموعد قريب ، نَسيَ أن يتنفس الخارج ، أغلق النافذة ، أخذ يزفر داخل غرفته ويردد :
- أين أشيائي قد تخونك الأشياء إذا عَلِمت بكذب قلبك وقد تكون الأوفى في حالة صدقك .
كان يعلم أن أشياءه وفيِّة ، إستجمع قواه وخرج من شقته مُسرعاً ، أغلق الباب بالمفتاح ، المُفتاح في يده كان دائماً لا يُعيد المفتاح لجيبه قبل أن يعزف أنغام نزوله السريع على دربزين الدرج ، كان مُزعجاً لسكان العمارة ، وكأنه العاشق الوحيد ، الكُل يَعشق ولكنَّهم ليسوا مُزعجين ، أعاد المفتاح لجيبه بعد أن خدش الكُل في طريقه ، نظر إلى الساعة ، تكلم في سره بصوت فاضح :
- مازال الوقت مُبكرً أمامي ساعة والمكان قريب لما لا أذهب لشراء باقة ورد .
وقف.! كفَّاهُ تمر بسرعةٍ على جيوبه يطرق صدره كأنه يبحث عن قلبه , توقف فجأة تكلم في سره بصوت فاضح :
- " أنا لا أملك نقوداً" ماذا سأفعل هل أذهب هكذا ، يدايَ خاليتان وقلبي مُمْتلئ.
لم يكن ذكياً جداً ، ولكنه أيضاً لم يكن غبياً ، كان القلم الأحمر هو القلم الوحيد الذي يملك بدأ الأحمق برسم الورودِ على أصابِعِهِ ، كان يبتسم عند الإنتهاء من كل وردة ويتخيلُ إبتسامَتِها عِنْد رؤيتها للباقة ، أحمق لم يخطر في بالهِ سؤال بسيط بماذا سيقدم الباقة إذا كانت يديه هي الباقة ، أحمق لم يخطر في باله أبداً أن الأنثى هي أكثر المخلوقات تأويلاً للألوان ، أحمق لم يخطر في باله أبداً أن السماء ستمطر بعد قليل وسيضطر لوضع يديه داخل أكياس خشية خيانة الحبر للجلد ، إقترب الموعد دقات قلبه تتسارع لم يعد يفصل نبضاته الا نبضاته , السماء مُثقله بالغيم أنوار المدينة تنعكس من الأعلى ، كأن الغيم جمر في فصل الرماد الأخير قطرة قطرة قطرة " مطر ، تذكر يديه وضعها في جيوبه أخذ يركض مُسرعا كأن بين أمرين أحلاهمُ بلل كان بائعوا المظلات يملؤن الرصيف بالطبع لن يشتري ، فهو لا يملك المال كان يُفكر بمقايضة إحدى أصابعه (وردة الخنصر) بمظلة , يكفي أنه كان يُفكر , فكَّرَ ملياً واستمر في ركضه ، إقترب من المقهى كانت هناك تنتظره وكان جرسون المقهى صديقاً قديماً له وقد إتفقا مسبقاً على مبلغ الطلبات كُل الأشياء كانت تهطل عليه والمطر في قمة سطوته إقترب أكثر , المقهى فالشارع الآخر يجب عليه أن يعبر قائدوا السيارات مسرعون ، لن يتنبهون لنزوله الهمجي في الشارع . نزل, المياه المُتجمعة كواحات مُصغرة وكفرات السيارات كجبالٍ تهوي عليها فتُرمي الماء عليه ، كأنها تلقي بأطفالٍ يتامى في حضنه .تبلل أصبحت خطواته لاتخلوه من صوت الماء المُضحك .
إلى الآن مازلت يديه في جيوبه لم يكشف عنها إلى الآن , وصل للرصيف الآخر المقهى يقترب ونبضه يتسارع وجسده والبرد في صراع مستمر ، كان يخشى أن يرتجف ليس لشيئ ولكنّه يخشى على أصابعه أن ترتجف فتشوه ترتيب الباقة وصل لباب المقهى دَفَع الباب بكتفه ترك كتفه أثرً ، من الماء على الباب الزجاجي تجَهم وجه عامل النظافة "أين يديك يا أحمق" قالها العامل في سره , إتقترب من طاولة حبيبته يداه مَخفيتان عن الأنظار
وقف على طرف الطاولة إلى الآن لم ينطق بشيء سحب بقدمه الكرسي كأنه يُطفي سيجارة مرمية على الأرض الكرسي لَم يُسحب بشكل مُنتظم ، جَلس بشكل مائل أمامها إلى الآن لم يتكلم لف قدميه على أرجل الكرسي وأعدل جلسته بدأ يستجمع أنفاسه , زفر زفرة قوية وأبتسم :
أهلاً حبيبتي
أهلاً بك حبيبي
تأخرت؟
قليلاً
أعتذر فقد صادفت صديقي المطر وتحدثنا في ركضٍ سريع عن البلل
تُحبين الورود؟
إبتسم
: نعم ياحبيبي ومن مِنَّا لا يُحب الورد
إبتسم مرة أخرى
ماذا لو أحضرت لك ورداً لم تري مثله قط
إبتسمت , حقاً
نعم ياحبيبتي
هو في جيبي الآن
في جيبك!
نعم في جيبي
ضحكت بصوتٍ عال
كُل من في المقهى إلتفت لها
فأنتبهت وأكملت ضحكاتها ويدها الجميلة تحاول أن تُخفي معالم ضحكتها
تقول في جيبك؟
إذا أرني إياها
حسناً
أنظري هذي هي أج م ل ب ا سكت وشعر بمصيبته القادمة
سكتت
دفعت كُرسيها للخلف بهدوئها المُعتاد وأخذت شنطتها وذهبت وهي تُتمتم بصوت أشبه باللاشيء " في جيبك؟
بالرغم من هذا المَشهد المؤلم إلا أن عطرها كان كحمائم على غُصن ساكن وحركتها المُفاجئة كانت كعيارٍ ناري
شّمّها كل الحاضرين وتَشمَت به كل الحاضرين أيضاًَ
لم يُحرك ساكن مازالت يديه مرفوعتان كطبيب للتو أنهى عمليته الجراحية
كان الحبر الأحمر قد لطخ يديه كان منظر يديه بشعاً وكان هذا المنظر المُقزز
في نظرها هو أكثر الأشياء مدعاةً للرحيل
كانت غاضبة جداً بدأ ذلك الغضب مرسوماً على محياها عندما فتحت باب المقهى بغضبٍ قَلب اللوحة اللتي كانت مُعلقة على باب المَقهى
كانت كلمة مُغلق بإتجاه الداخل وبعد خروجها كانت تُشير للقادمين للمقهى بأن المقهى مُغلق
إخذ المسكين مناديل موضوعة على الطاولة مسح الحِبر عن يديه وذهب لدورة المياة لإكمال غسلهم ولإكمال البكاء بشكل ساتر
بكى بصمته المعهود نظر للمرآه وشتم نفسه وشتم أصابعه أيضاً كانت بدلته على وشك الجفاف وعلى يقين حزنه خرج من باب دورة المياة
وأخذ يراوغ طاولات المقهى كطفل حزين كان يستند على كل طاولة يَمر بها, كان الحبر مازال ساكناً في مدينة جلده كغريب أوشك على الرحيل
كانت أكمام قميصه قصيرة كموعده معها وصل لباب المَقهى نظر للوحة " مفتوح" إبتسم, كان يعتقد بأن
هذه الكلمة رسالةٌ منها خَلفتها بعد رحيلها فحواها أن باب الحياة مازال مَفتوحاً للقاءٍ أصدق ولباقةٍ أصدق ولحبيبةٍ أصدق

صالح العرجان
04-23-2009, 04:15 PM
الأشياء التي تمر سريعاً لا تدون
وسنه من العمر ليس كافية لوأد مشروع الحياة
إلى الرضا كن أقرب ولو بصوت من حنجره مشروخه


خليل الأحمد الشهري
شيء من الفرح لأني أول الوراد لـ نافذة أعتبرها مقهى للأرواح المحلقة

دوم لمزيدك إن شاء الله
رد ود




http://ro7elb7r.jeeran.com/ثَغْرٍ%20الوٍُرٍٍدِ.gif

نايف الروقي
04-23-2009, 04:54 PM
:
خليل الشهري
:
الا تعلم
ان قميصه بلا جيوب
وخانت يديه الورود
وانتهى قبل البدايه بقرن ..!!
اشعر بغصه طويله كملامح انتظارها
بؤساء اصحاب المشاعر الخلاقه
فلا ورد ولابرد
يردعهم عن اهدار انفسهم وبثقه ..!!

:
الخليل

ما اقصر اللحظات الجميله
وانت من يزيدها قرناً من الفرح ..!!
لاتقلق معك وان كنت مختفي يالص ..!!!

عائشه المعمري
04-24-2009, 05:31 AM
لم يَخونه الحبر مَهما تمرد على الماء
بقدر ما خانته بـ الرحيل
وفي أكثر المواقف حاجة لـ تَفهمها ،



القدير : خليل الشهري
،
مُتقنٌ لـ كل الأشياء
كل ما في القصة متحرك ، مُتنامي ، مُبتكر
حتى النهاية ، تفتح أفقاً عديدة لـ القارىء
وتمنحه فرصة لـ التامل ،



شُكراً لـ من أوحى في داخلك ما كتبت


،

أصيله المعمري
04-26-2009, 07:36 PM
الأوساخ ليست نتاج حب :)


أنت هنا بربك ..
هل نفسك أنت خليل الأحمد الشهري
دعني أتيقن جيداً
وأحضن كل الأشياء هنا ..



خليل .. غصتك طويلة .. طويلة جداً
كـ دهشتي بك
وبك
وبك



كن بالقرب