محمود درويش لم يحضر
يحلّ العالم العربي ضيفاً على معرض لندن للكتاب الذي أفتتح اليوم، متضمناً ندوات ولقاءات يشارك فيها أكثر من أربعين كاتباً من بلدان عربية، وبمشاركة ناشرين عرب وبعض وزارات الثقافة والمؤسسات الرسمية. البادرة قام بها معرض لندن للكتاب الذي يُعدّ من أهم أسواق الكتب في العالم، رغم أيامه الثلاثة، متعاوناً مع المجلس الثقافي البريطاني وفروعه العربية. وتولى المجلس تنظيم المشاركة العربية واختيار الأسماء وبرمجة الندوات واللقاءات، وتوزيع المحاور التي تشمل حقول الرواية والشعر والفكر والترجمة وسواها.
ويبدو ان المجلس ركز على الحركة الأدبية الحديثة والشابة في العالم العربي، فدعا الأسماء الشابة لتقدم نفسها لجمهور عربي وبريطاني، واستثنى الرواد و «النجوم». هكذا يغيب عن المعرض أدونيس وأحمد عبدالمعطي حجازي وأنسي الحاج وسعدي اليوسف وإدوار الخرّاط وزكريا تامر وسواهم... ووجهت دعوة الى محمود درويش لكنه اعتذر، متخوفاً من تكرار الخطأ الذي واجهه في معرض فرانكفورت الذي استضاف العالم العربي قبل ثلاثة أعوام.
إلا أن المشاركة العربية في المعرض تبدو على مقدار من التنظيم. فالمشرف عليها هو المجلس الثقافي البريطاني وليس جامعة الدول العربية كما حصل في معرض فرانكفورت. وهذا الإشراف الأجنبي يعني الابتعاد عن الفوضى والمنافسة «القُطْرية» والتمثيل العشوائي. لكنّ الجامعة العربية لن تغيب عن هذا الحدث، اذ يشارك الأمين العام عمرو موسى في حفلة الافتتاح. إلا أن الملاحظ هو غياب بعض الدول مثل اليمن والكويت وقطر وعُمان وسواها، عن برنامج الندوات، وكذلك اقتصار المشاركة الخليجية على ثلاثة أصوات «نسائية» هي: رجاء الصانع صاحبة «بنات الرياض» ورجاء عالم من السعودية ونجوم الغانم من الإمارات. لكنّ الجوائز التي تمنحها دبي وأبو ظبي، إضافة الى مصر وجائزة «بوكر» العربية ستحضر في ندوة خاصة. ويستضيف المعرض أيضاً أسماء فرنكوفونية من المغرب العربي، مثل فايزة غين صاحبة رواية «كيف كيف» الشهيرة الصادرة في باريس، وأسماء انغلوفونية مثل الكاتبة الفلسطينية جاين سعيد مقدسي شقيقة ادوار سعيد والشاعر الليبي خالد مطاوع والروائي الليبي هشام مطر الذي أدرج اسمه في اللائحة الأخيرة لجائزة بوكر البريطانية العام 2006 عن روايته «في بلاد الرجال».
أي صورة عن الأدب والثقافة العربيين الراهنين يمكن أن يستخلصها جمهور الندوات واللقاءات؟ هذا سؤال تطرحه المشاركة العربية المتراوحة بين الأصوات الشابة والأصوات المخضرمة، وسط غياب «الآباء» أو الروّاد و «النجوم». ويمكن هنا استثناء علاء الأسواني صاحب رواية «عمارة يعقوبيان» التي جعلت منه نجماً بعدما ترجمت الى لغات عدة وراجت عالمياً. تغيب أسماء روائية مهمة وتحضر أخرى مهمة أيضاً، ومنها: رضوى عاشور، رجاء عالم، ابراهيم الكوني، بهاء طاهر، حسن داوود وسواهم. ومن الشعراء يشارك مريد البرغوثي، عباس بيضون، أمجد ناصر ومنذر مصري ونجوم الغانم. لكن هذه الأصوات المهمة لا تمثل كل المشهد الشعري العربي الجديد بل جزءاً منه. ويحضر الأدب العراقي في ندوة خاصة وكذلك الأدب الفلسطيني في الخارج والداخل وأدب المرأة العربية وأدب المذكرات والسيرة الذاتية والترجمة... والمفاجئ غياب أو تغييب أسماء عربية معروفة بريطانياً ومترجمة الى الانكليزية، مثل حنان الشيخ وغادة السمان والياس خوري وجمال الغيطاني والطاهر بنجلون وسواهم، عطفاً على أسماء مهمة مخضرمة وشابة لا يكتمل المشهد الأدبي من دونها. مجلة بانيبال تشارك في رعاية بعض الندوات وكذلك صحيفتا «ذي غارديان» و «ذي انديبندنت».
أما الناشرون العرب فيعرضون مختارات من كتبهم ومنشوراتهم وهي ليست للبيع، وبعضهم يشارك عبر أجنحة وزارات الثقافة والمؤسسات الرسمية. والرهان هو أن يتمكن الناشرون هؤلاء من توقيع عقود لترجمة أعمال عربية الى لغات عالمية، وشراء حقوق نشر الكتب الأجنبية التي يختارونها للترجمة الى العربية.
أما المأخذ الذي يُسجل على المعرض والمجلس المنظّمين للتظاهرة، فهو عدم إحياء لقاءات بين الأدباء العرب والأدباء البريطانيين خلال الأيام الثلاثة للمعرض الضخم. وكان ممكناً عقد مثل هذه اللقاءات التي تساهم في ترسيخ الحوار بين هؤلاء وأولئك.
قناة المنار