حكايانا طقوس
لأكلنا طقوس ونومنا وأناقتنا
وكذا أحلامنا وأمراضنا
أجواؤنا الكتابية تعبث بها فصول من طقوس
..
يرافقنا في كل طقوسنا مشاعر خاصة بكل منها
تختلف أحيانا _ تتشابه أحيان أخرى
..
اليوم تعرفت على إحدى طقوسي
الخاصة بالحمى ..!
ظلام مطبق _ هدوووء قاتل _ وهلوسات
أما الشعور الملازم لها .. فهو غريب نوعا ما
شبيه بطعم البرتقال .. وأكثر تحديدا فهو ليس طعم أتذوقه !!
إنما أستشعر طعم البرتقال يجري في دمي
بدايةً كان لذيذا
لكن لطول مكوثه في دمي أصابني بالغثيان والرغبة في التقيوء
_ _ _
بدأت تذكر تفاصيل تلك الحمى اللعينة
ابتداءً بلبس التي شيرت البرتقالي // المرتبط بطعم البرتقال في دمي
وانتهاء بإضافة منكهات غريبة لطبق السلطة !
المنكهات الأساسية لجميعنا لا اختلاف عليها / الملح وزيت الزيتون والحامض والفلفل الأسود
وكما لكل شيء طقوس .. حمى الأمس كان لها طقوس لن تتكرر !!
أًردت تذوقها بإضافة القليل من بودرة الثوم !! والزعتر
بعد ذر القليل منهما تذوقتها لم أشعر بشيء !!
أضفت المزيد ..
حين هممت بإرجاع كل ذلك صعقت حين رأيت بودرة الثوم في مكانه
إذاً ما الذي قمت بإضافته للسلطة ؟!
وأنظر لعلبة البهار التي بيدي وإذا بها باربيكيووو !!
والتهمت السلطة جوعا لا حبا
..
طقس لن يتكرر أبدا
_ _ _
:: قبل الحمى بقليل ::
تنشقت مزيجا لم تتحمله ذاكرتي وأذني !! قبل رئتي
مزيجا مركزا / لا أستطيع وصفه أو حتى تذكره
كل ما أتذكره هو :
مع أول خطوة .. حين دفعت الباب لأدخل .. ممسكة بيد أمي أعينها على صعود عتبات المنزل
باغتتني رائحة العجائز ! لا أعرف محتوياتها .. لم أحظ بطفولتي بجدة أو جد
أظنها مزيج من بخور عالق بملابسهم وفحم محترق !
وتلك الزيوت العجيبة التي يدهنون بها شعورهم
ومع ثاني خطوة تنشقت عرق الطفولة..
يركضون في كل الاتجاهات بصراخهم وتلك الكرة يذهبون معها أينما تذهب
توقفت أستعيد ذاكرتي / قواي الخائرة .. أفكر بالعودة / الخروج من ذلك كله
ومع كل خطوة للداخل .. أختنق رويدا رويدا
حاولت جاهدة اخفاء غرقي / فزعي لعلمي أني لن أحتمل المزيد
جلسنا مجتمعين في مجلس أشبه بصندوق محكم الإغلاق ،
والأطفال بحركتهم الطاغية يولدون طاقة حرارية تلهب جلدي دون مبالغة
صرت أتنفس بشدة .. لعلي أحظى بأوكسجين !!
فلا وجود لنافذة أو حتى ثقب في هذا المكان
شيئا فشيئا انخطف لوني .. باتت أنفاسي متسارعة ..
الكل يضحك ومبتهج !!
وأنا !! ألوح بيدي أمام وجهي لأحرك الهواء الساكن / الساخن .. الهواء المتخثر المتشبع بكل شيء
عدا النقاء والأوكسجين والنسيم العليل
وكلما عم السكون فجأة أسمع أصواتا صاخبة لتلك الروائح
صوت لكل منها .. حتى تلك الحرارة الناتجة عن لعب الأطفال لها صوت
أخذت قطرات العرق تتصبب مني .. لتعلق هي الأخرى بالهواء المحيط بي !
ليدويني صوتها أيضا
وفي كل مرة صمتوا فيها ازدادت حرارة أذني لصخب ما تسمع
لاحظوا اضطرابي .. سألتني إحداهن إن كنت أشعر بالحر ..
لم أشعر بنفسي إلا وأنا أقولها بصوت عالٍ إيييييي حر حر موووووت
كدت أبكي فأنا فعلا أختنق .. راقبت مَن حولي خلسة .. رأيت وضعهم طبيعي جدا !!
حاولت عدة مرات إخراج زجاجة عطري من حقيبتي .. رائحته نفاذة .. وأعيدها مكانها ..
لئلا أحرج أحدهم / كلهم
انتهت الساعة أو الساعة والنصف لست متأكدة.. رغم أني راقبت الساعة وعقاربها جيدا ..
كم لبثنا ؟! لا أحد فينا يعلم
وخرجنا وأنا أسعل وأسعل لأتقيأ الحلم ..وكأنه كان حلما _ لكنه لم يكن
وهكذا أصبت بحمى ( البرتقال ) _ كما أحب أن أسميها ..
أسبابها كثيرة لكن طعم البرتقال يجري في دمي !
//
حور
18 / 2