عباءات المذكّر

[الأخضر بركة]

عباءات المذكّر


المذكّرُ أو… يلعب الدّورَ ..
بدءًا منِ امرأةٍ طوْطمتهُ..إلى أن يشيخ...
على مقعد الرمل، حتّى الحديدُ يشيخُ،
ولا شيءَ أصلبُ مثل اللغة.
***
لاحتلال مقدّمةٍ الصفّ يخطو
بعباءاته،
يزدهي بالمزايا
مثل دكّانةٍ من حليٍّ،
يسوسُ قطيع افتراضاته،
يتقرفص حول ثريد الفرص،
يتلمّع بالبخترات
في بلاط الفحولة،
سؤدُدُه نابتٌ بالجبلّة،
كالشَّعْر، أسماِؤه ماؤُه..
تتدفّق بين الترائب والصُلْبِ في شهوة الحرث،
لا ينبغي الالتفات...
سوى لكراماته، أو كأن..كائنٌ
يتنضّد في الفخر موسوعةً من قوافٍ
***
يُرى
دائماً، يتكرّرُ، يستعمرُ الحيّز العامّ،
مُنتظرٌ أبداً عند باب،
على مرفأ البحر
أو قرب خيمة أنثى
وقد
يتكاثرُ
أكثر
مثل مقاهٍ

***
عادةً ما يعدُّ له المنبر..النّصُ.. والاستواء،
فوق سرج الدراية، تهطل منه نصائحه دونما حاجةٍ،
الفصيح
إلى حدّ أن ليس يسمعه غيرُهُ
كلّما ازدهر المدحُ في جهةٌ كان هُو،
كلّما حدث المجدُ، خيط له منه ثوبٌ، كأنْ..
نسخةٌ تتضاعف في آلة الطبع،
لا يملك الأصلَ منها أحد.
***
يُعْتِمُ الجسدُ الفظّ أكثرَ في لغة الوصف،
حتّى مرايا الأنوثات تغدو محدّبة إذ تراه،
يعرّيه حسّ التباهي،
رتابتُه
حين يستعرض الكونَ من فوق صهوة شهوتِهِ تلك،
حتّى الدُمعيات، إن كان لابدّ، ماءُ البهاء.
***
حارس المفردات، وحارثها،
تتكدّس ألقابُهُ
مثلما يتكدّس في قاع اسْطبل خيلٍ سِمادُ،
ويحصي ذخائره خلسةً،
يتفقّد ماء خصوبته عند منحدر العمر، أو..
ربّما رمّمت حيلٌ وعقاقيرُ بعض انهداماته،
ربّما سدّد الصدقُ بعض خطى ضَعْفِه الشهْمِ،
لكنّ سرعان ما يتعثّر في الإدّعاء،
ديدنٌُ..
أن يكون له صوتُه الخشنُ المتقعقع ذاك..
ليكون الأبُ ، الإبنُ..؟ حتّى الثيابُ..
مقاسُ مخيّلةِ الاشتغال بهندسة الفضّ،
***

قد
ينحني الظهرُ،
يندلق البطن أكثرَ ، يغدو الذارعُ نحيلا مُدلّىً كخرطوم فيلٍ كئيب،
ويشتعل الشَّعْرُ أو يتساقطُ،
ينكمشُ الوجه مثل حذاءٍ نُسي قرب نار،
جدارٌ يداهمه الصدع من كلّ جنب،
إذن
ما الذي يمنح الآن هذا التداعي امتياز المذكّر،
***
كنتُ..
أراقبني
من بعيد
لعلّي أرى غير ما قيل لي في كتاب
ماكراً كنتُ، أعترفُ،
كان لابدّ من حيلة لأرى جسدي آخرا
محْض جُغْرَافْيةٍ.. هو،
من مادّة اللحمِ، والمتبقّي محيط التآويل،
أوْرَامُ فقهِ النصوص،
انتفاخُ الكناية...أو..
***
قيل ها إنّه رجلٌ
يتذاكى لينماز،
لا بأس أن يتأنّث عند الضرورة،
أن يتشيّخ ثمّة،
أن يتصابى
ليصطاد، أن يتمرأى
هنا وهنا مثل آل،
***
له أن يدخّن أيضاً
وينحاز، أن يتصفّح لا شيء خلف الجريدة،
أن يستريح إذا اسطاعَ
من واجبات الحضور المذكّر،
أن يتغامض في وَضَحِ الفضْحِ،
ألاّ يُرى غيرُه في زحام
***
يثابرُ،
ينظر من ثقُب الوهْمِ في ساعةٍ
ويثابرُ
بعض أعضائه الجوهريّةِ لا ينبغي أن تفوّت فرصتها في الظهور
ويختالُ ،
يذهب، يرجعُ،
يوسع بعض حدود فحولته فوق أرض المِؤنّث،
امرأة هي أم لوحُ سبّورة أتلقّن درس الذكورة فيه،
***
يثابرُ
أيضاً
سيحفر لا شكّ في كلّ صوبٍ وحدبٍ كعادته
قبل أن يرتخى
ويغيب.
***
أبٌ
يتكاثر كي لا تزولَ ممالكهُ،
يتأمّل فينا قطيع السلالة،
مثل محرّك سيّارة شاخ..
ينفث آخر أتباغه
ويكحُّ.

 

[خالد صالح الحربي]

:
للتأمُّل وقفةٌ طويلةٌ هُنا ~ تماماً كَتنهيدة عاشق .
كثير الشُّكر على كُلّ هذا الثراء ~ وهذه الحرفيّة وهذه الرُّوح الخلاّقة .

 

[الأخضر بركة]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد صالح الحربي

:
للتأمُّل وقفةٌ طويلةٌ هُنا ~ تماماً كَتنهيدة عاشق .
كثير الشُّكر على كُلّ هذا الثراء ~ وهذه الحرفيّة وهذه الرُّوح الخلاّقة .

الأستاذ خالد صالح الحربي
أسعدني مرورك، وتلميحك الجميل. هذا ممّا لكم من ذائقة فائقة.
مودّتي وتقديري

 

[د.باسم القاسم]

حسناً ..
أرى جاك دريدا يتبختر في أرجاء هذا النص ...يحمل جعبة ألغازه وكأنها ماعادت تلك الأحجيات التي حيرت الفكر النقدي ..
هنا وبامتياز يقدم الأخضر بركة نموذجاً عن كيف الشعر عندما ينقض الكوجيتو العدمي (( مذكر /مؤنث )) وبنفس الوقت ينجو برأس قصيدته من فخ التمركز المنطقي
يُرى
دائماً، يتكرّرُ، يستعمرُ الحيّز العامّ،
مُنتظرٌ أبداً عند باب،
على مرفأ البحر
أو قرب خيمة أنثى
وقد
يتكاثرُ
أكثر
مثل مقاهٍ

وثمة خداع لغوي ..يوهمنا بأن هذا نص إجاباتٍ أو تفسيرات ...ولكنه على العكس ..إنه يواري أسماء أخرى وصفات أخرى ومكانة أخرى لجنوسة الشعر ..
إنه نص الأسئلة ..والإجابة تهرب من المحرم المشبوه ..

يوسع بعض حدود فحولته فوق أرض المِؤنّث،

امرأة هي أم لوحُ سبّورة أتلقّن درس الذكورة فيه،

ولي هنا وهناك مآرب أخرى ... إلا أنها فسحة من البياض ضئيلة ..
الأخضر بركة ..
دعني ..أمعن أكثر .. فلي صدىً في أصواتك المتعددة ..
ونبقى ..على رأي ... درويش (( وتنتحر الخيول الأصيلة ..في آخر الميدان ))

عباءات المذكر ... نجمة قطب ..في تيه الشعر الحداثي ..

 

[عثمان الحاج]

ترميم الثقوب
الهاجس الذي ينسرب كالضوء
يوجب المسعي للخلاص..
فالتحايل لإمتلاكه لا يكفي
وفي القصيدة متسع:
له ..
للإحساس به..
الأخضر بركة:
انت تدير ظهرك لقضايانا الهامشية
وتلامس واقعنا بشفافية عالية..

 

[الأخضر بركة]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.باسم القاسم

حسناً ..
أرى جاك دريدا يتبختر في أرجاء هذا النص ...يحمل جعبة ألغازه وكأنها ماعادت تلك الأحجيات التي حيرت الفكر النقدي ..
هنا وبامتياز يقدم الأخضر بركة نموذجاً عن كيف الشعر عندما ينقض الكوجيتو العدمي (( مذكر /مؤنث )) وبنفس الوقت ينجو برأس قصيدته من فخ التمركز المنطقي
يُرى
دائماً، يتكرّرُ، يستعمرُ الحيّز العامّ،
مُنتظرٌ أبداً عند باب،
على مرفأ البحر
أو قرب خيمة أنثى
وقد
يتكاثرُ
أكثر
مثل مقاهٍ

وثمة خداع لغوي ..يوهمنا بأن هذا نص إجاباتٍ أو تفسيرات ...ولكنه على العكس ..إنه يواري أسماء أخرى وصفات أخرى ومكانة أخرى لجنوسة الشعر ..
إنه نص الأسئلة ..والإجابة تهرب من المحرم المشبوه ..

يوسع بعض حدود فحولته فوق أرض المِؤنّث،

امرأة هي أم لوحُ سبّورة أتلقّن درس الذكورة فيه،

ولي هنا وهناك مآرب أخرى ... إلا أنها فسحة من البياض ضئيلة ..
الأخضر بركة ..
دعني ..أمعن أكثر .. فلي صدىً في أصواتك المتعددة ..
ونبقى ..على رأي ... درويش (( وتنتحر الخيول الأصيلة ..في آخر الميدان ))

عباءات المذكر ... نجمة قطب ..في تيه الشعر الحداثي ..

الشاعر والناقد الرائع باسم القاسم
أسعدني كثيرا هذا التعليق بهذه اللغة الشعريّة المتفتّقة عن موهبة خاصّة في النظر إلى نصوص الشعر،
لكأنّك لا تقرأ النّص بوصفة قصيدة، بقدر ما تقرأه بوصفه إمكان تأمّل وتفكير.
إنّك بذلك تمحو الحدود المدرسيّة والبلاغية بين قصيدة ورأي نقدي، لتفتح مساحة الكتابة الممكنة والمنزاحة عن القوالب النمطيّة أو التجنيسية. الكتابة التي يلتقي فيه القارئ بالمقروء في منطقة إبداعيّة لم يسطع النقد الشائع الأكاديمي استضافتها أو استساغتها حتّى الآن .
أجدّد شكري، وإعجابي الكبير بهذه الكتابة التي تتلقّي لتضيف وتضيئ بعيدا عن ابتذاليّة المدح والمجاملة.
مودّتي وتقديري وأرجو أن يدوم التواصل

 

[الأخضر بركة]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عثمان الحاج

ترميم الثقوب
الهاجس الذي ينسرب كالضوء
يوجب المسعي للخلاص..
فالتحايل لإمتلاكه لا يكفي
وفي القصيدة متسع:
له ..
للإحساس به..
الأخضر بركة:
انت تدير ظهرك لقضايانا الهامشية
وتلامس واقعنا بشفافية عالية..

الشاعر الرائع والكاتب عثمان الحاج، شكرا لمرورك المتيّز، وللذائقة المنمّة عن فكر نقدي عميق.
سعدت برأيك الجميل، والذي يمنح للقارئ زاوية نظر مضيئة ممكنة في تأويل النّص.
مودّتي وتقديري