المهلهل بن ربيعة

[عبدالله باسودان]

المهلهل بن ربيعة فارس الوفاء والانتقام

المهلهل أو الزير سالم ويكنى أيضاً بأبي ليلى، هو عدي بن ربيعة بن الحارث بن مرة بن هبيرة التغلبي. لقـب بالزير سالم لأنه كان في صباه كثير اللهو والشراب ومجالسة النساء والتشبيب بهن ولهذا سماه أخوه كليب ( زير نساء ). وقيل سمي بالمهلهل بسبب قوله:

لما توغل في الكراع هجينهن
هلهلت من أثار مالك أو مليلا

وقيل سمى بالمهلهل لأنه أول من رقق الشعر وسهل معانيه حيث أن شعره يمتاز بالرقه والسهولة في اللفظ والمعنى يختلف كثيراً عن غيره من الشعراء في زمانه. وكذلك كني بالمهلهل لأنه يلبس ثياب مهلهلة.
كان المهلهل صبيح الوجه فصيحا.وعزيزاً في قومه، وهو خال الشاعر امرئ القيس وكذلك جد الشاعر عمرو بن كلثوم وأم عمرو هي ليلى بنت المهلهل. تقول بعض الروايات أن المهلهل هو أول من قال الشعر، وهذا القول فيه خلاف، وكان امرؤ القيس في بداية أمره راوية له. وعندما قتل جساس أخاه كليباً تبدل حاله فامتنع عن الشراب واللهو وكرّس حياته ليثأر وينتقم لأخيه كليب من جساس ً

ومنذ أن مات كليب أخذ أخوه يرثية بقصائد تنذر بإعلان حرب وتحث القبائل على شن الحرب على بكر وعندها اندلعت الحرب بين بكر وتغلب التي عرفت بحرب البسوس التي دامت أربعين عاماً. كان المهلهل شجاعاً مقداماً في المعارك التي خاضها ضد بكر وابلى فيها بلاءً منقطع النظير، كان فيها للمهلهل العجائب والمآثر والأخبار المثيرة العجيبة.

من جيّد شعره في رثاء أخيه كليب:

كليب لا خير في الدنيا ومن فيها
إن أنت خليتها في من يخليها

كلـيب أي ّ فتى عزَّ و مكرمة
تحت السفاسف أذ يعلوك سافيها

نعى النعاة كليباً لي فقـلت لهم
مادت بنا الأرض أم مادت رواسيها

ليت السماء على من تحتها وقعت
وحالت الأرض فأنجابت بمن فيها

أضحت منازل بالسلاّنِ قد درست
تبكي كليباً ولم تفزع أقاصيها

الحزمُ والعزمُ كانا من صنيعته
ما كل آلائه يا قوم أحصيها

القائد الخيل تردي في أعنتّها
زهواً إذا الخيل بُحت في تعاديها
من خيل تغلب َ ما تلقى أسنتها
إلا وقد خصّبها من أعاديها

قد كان يَصحُبها شعوا ءَ مُشعلةٌ
تحت العجاحة ِ معقوداً نواصيها

تكونُ أولها في حين كرُتها
وأنت بالكِّر يوم الكرّ حاميها

وكان سبب حرب البسوس أن وائل بن ربيعة المعروف بكليب وائل كان لا يجير أحداً على جواره وله جرو يطلقه فأينما وصل نباح الجرو كان حمى لكليب فلا يدخله أحد او يُستعمل ماؤه إلا بإذنه ولهذا قيل "أعزمن كليب وائل" فبلغ من العظمة والمنعة مبلغا عظيما.
وبداية الحرب أن البسوس خالة جساس بن مرة وهو من بني بكر أبناء عم بني تغلب قوم كليب أصرت أن تسقي ناقتها من ماء كليب في حماه فغضب كليب وأراد أن يضرب ضرع الناقة ويقتلها فاستغاثت البسوس بابن أختهاجساس بن مرة فضرب كليبا بالسيف وقتله فاستعرت نار الحرب بين بكر وتغلب وظلت مستعرة أربعين سنة، وانتهت حرب البسوس بمقتل جساس على يد الهجر كليب وجساس أيضا هو خاله الذي رباه فقد كان كليب متزوجا من الجليلة أخت جساس.
واستمرت هذه الحروب مشتعلة بين كر وفربين القبيلتن كادت أن تقضي على القبيلتين لولا أن قبيلة تغلب تصالحوا مع بكر ولم يكن المهلهل حاضراً أثناء هذا الصلح ولما سمع المهلهل بهذا الصلح نقضه واستمرفي غاراته على بني بكر فأسره عمرو بن مالك أحد رجالات بني قيس بن ثعلبة. ويقال أنه أثناء وجوده في الأسر أهدى إليه تاجر يبيع الخمر بعض الشراب فأسرف بالشراب
وتقول الروايات أنه لما سمع عمرو بن مالك هذا أقسم ألا يشرب المهلهل عنده ماء ولا خمر ولا لبن حتى يرد ربيب الهضاب(وهو اسم جمل له كان أقل وروده في الصيف الخمس أي مرة كل خمسة أيام) ويعني هذا ألايشرب المهلهل شيئاً إلا بعد خمسة أيام، وعندما رأى بعض قومه أن المهلهل كاد أن يموت من العطش أشاروا عليه أن يرسل فيأتي بالجمل قبل يوم وروده ففعل وأتوا به بعدثلاثة أيام ولكن كان المهلهل قد وافته المنية وكان ذلك عام 94 ق.هـ -531 م


بتصرف من كتابنا " موسوعة فرسان الشعر العربي "

 

[عبدالإله المالك]

أحسن الله إليك يا أخانا الأستاذ عبد الله با سودان

ما أراه هنا اجتهاد يحسب لك، ولكن جله خطأ وقد جانب الصواب كثيرًا،
فمن حيث التسميه أو تلقيبه بالمهلهل هذا أمر صائب.
أما البسوس فهي ليست ببكرية بل هي تميميّة، واسمها الهالة أو الهيلة بنت منقذ.
ثم أن بداية شرارة الحرب بين القبيلتين الوائليّتين لم تكن كما أسلفت وذكرت بل كانت بين أخذ ورد وشد وجذب، تضع البسوس الناقة سراب وفصيلها (ناقة لجارها واسمه سعد بن شمس الجرمي القضاعي) عنوة في المرعى دون إذن كليب وقد توعدها بالتحذير والإنذار وما فعلت إلا تذكية لنار الفتنة وإيقادا لشرارة الحرب. رمى كليب الناقة فأصاب ضرعها فشخطت بين دم ولبن حتى ماتت، فقالت شعرًا تستحث به جساس ليركب رأسه ويمارس حماقة غير محمودة العواقب فأقسم أن يقتل جملا فذهب أبوه (مرة بن ذهل) وإخوته يحمون ويحرسون علاّلًا وهو فحل إبل كليب، وما علموا أن جساسا يريد رأس كليب لا فحل إبله.
فقالت الهيلة أو البسوس:
لعمري لو أصبحت في دار منقذٍ لما ضيم سعد وهو جار لأبياتي
ولكنني أصبحت في دار غربةٍ متى يعد فيها الذئب يعد على شاتي
فيا سعد لا تغرر بنفسك وارتحل فإنك في قومٍ عن الجار أمواتِ
ودونك أذوادي فخذها وإنني لراحلة لا تغدروا ببنياتي

قتل جساس كليبا رميًا بالرمح من دبر أن ضربه من ظهره ولم يواجهه من قُبل ولا مبارزة ولا مسايفة، فأوصى المهلهل بعدم الصلح قائلاً للراعي أن ينقلها لمهلهل:
لا تصالح وإن أعطوكَ مالا مع عبيدِ
لا تصالح وإن أهدوك زيناتِ النهودِ
لا تصالح وإن أعطوكَ إبلا مع قعودِ

ثم أن مقتل جساس كان في بداية الحرب لا في نهايتها، ولقد قتل مضاربة هو ومن معه ومن كان في طلبه وعلى رأسهم ابن عم المهلهل، أبو نويرة التغلبي، فطويت صفحة جساس بن مرة، ولكن المهلهل لم يرضَ بذلك فقد أقسم أن يبيد جميع بني بكر عن بكرة أبيهم ولم تمكنه العرب من الوصول لمبتغاه. فقال:
أكثرت قتل بني بكرٍ بربهمُ
حتى بكيت وما لم يبكِ لهم أحدُ
آليتُ ألا أرضى بقتلهمُ
حتى أبهرج بكرا أينما وجدوا

وفي مسألة مقتل المهلهل، أراك أخذت قولا بكريا وحيدا وانفردت به، وهذا منافٍ للمصادر العديدة والروايات الأخرى التغلبية والمختلفة، من حيث أن مقتله كان على يد العبدين عندما وسن وخرف وأرادا أن يتخلصا منه بقتلة طعنًا بالخنجر فأرسل معها قبيل وفاته بيتا من الشعر يحوي على رسالة إلى اليمامة بنت كليب، فقال:
من مبلغ الأقوام أن مهلهلا
لله دركما ودر أبيكما

فعرفت اللغز وأعملت البيت كما يلي:
من مبلغ الأقوام أن مهلهلا
أضحى قتيلا في الفلاة مجندلا
لله دركما ودر أبيكما
لا يبرحِ العبدانِ حتى يقتلا

فورث إمارة تغلب من بعده سبطه صاحب المعلقة الشهير: عمرو بن كلثوم، قاتل عمرو بن هند

 

[عبدالله باسودان]

أخي الأستاذ عبدالإله

شكراً على ردك المثير للجدل. وهذا رائع جداً لأن النقاش يفرز إبداعات ويصحح أخطاء أحياناً يغفل عنها أحد المتجادلين
تقول في ردك علي :
اقتباس:
قتل جساس كليبا رميًا بالرمح من دبر أن ضربه من ظهره ولم يواجهه من قُبل ولا مبارزة ولا مسايفة، فأوصى المهلهل بعدم الصلح قائلاً للراعي أن ينقلها لمهلهل:
لا تصالح وإن أعطوكَ مالا مع عبيدِ
لا تصالح وإن أهدوك زيناتِ النهودِ
لا تصالح وإن أعطوكَ إبلا مع قعودِ

قصيدة لا تصالح هي للشاعر المصري أمل دنقل قالها في أنور السادات عندما كان في كمب ديفيد
للصلح مع إسرائيل. وبناءً على هذه القصيدة سجنه أنور السادات.وهذا معروف لدى المتخصصين في الأدب الحديث.
القصيدة أصلاً ليست لكليب ولا للمهلهل وليست من شعر ما فبل الإسلام وإن كان فيها بعض الإشارات لأحداث ما قبل الإسلام، ومن يطلع على شعر أمل دنقل يناقض قولك.
هذه القصيدة لم ولن تجدها في الشعر القديم. لذلك أقول أذكر لي من أي مصدر من كتب التراث استقيت هذه القصيدة.؟
أما الروايات التي أوردتها حول المهلهل فهناك روايات كثيرة جداً قيلت في كتب التراث، وكل كاتب يستقي من مصدر. ذلك لأن كتب التراث كل راوي له روايات تختلف عن الروايات الأخرى.
ومثالاً على ذلك القصيدة اليتيمة قصيدة دعد رواها أكثر من واحد منهم من قال

هي قصيدة الشاعرالحسين بن محمد المنبجي ،

وهي القصيدة التي حلف أربعون من الشعراء على انتحالها ثم غلب عليها اثنان هما
أبو الشيص
والعكوك العباسيان،
وتنسب في بعض المصادر إلى
ذي الرمة، و من ذهب إلى أن هذه القصيدة هي
لدوقلة المتوفى سنة 291هـ.
إذا عندنا اربعة شعراء قالوا هذه القصيدة
لكن من هو الشاعر الحقيقي الذي قال هذه القصيدة ؟ لا أحد يعرف.

 

[عبدالإله المالك]

يا أهلا بأخي عبد الله

أراك تمسكت بأهداب أبيات لا تصالح .. وهذا ليس لب الموضوع بل أردت بها أدخال ما قد وضع على لسان رجل لم يقله أي كليب، وهذا التوضيح واضح.
وأين بقية الموضوع والنقاط المهمة التي ذكرتها .. الخ.

وإن كنت ترى أن وجهة نظرك فقط هي الأصوب فلك الحق وكل الحق في ذلك، فالإختلاف لا يفسد للود قضية.
وكل حر في تمسكه بمصدر وحيد سواء قويا كان أم ضعيفا، فالأمر لا يعدو عن سيرة مضت، رغم أنها تحتمل الشيء الكثير.
شكرا لك

 

[عبدالله باسودان]

أخي الأستاذ عبدالإله

اقتباس
وأين بقية الموضوع والنقاط المهمة التي ذكرتها .. الخ.
وإن كنت ترى أن وجهة نظرك فقط هي الأصوب فلك

أنا ذكرت كامل الروايات سواءً مهمه أم غير مهمة و لم أقل أن وجهة نظري هي الأصوب و أن رواياتك هي الخطأ.
بل قلتُ:
أما الروايات التي أوردتها حول المهلهل فهناك روايات كثيرة جداً قيلت في كتب التراث، وكل كاتب يستقي من مصدر. ذلك لأن كتب التراث كل راوي له روايات تختلف عن الروايات الأخرى.
معنى كلامي أعلاه أنت أخذت بروايات وأنا أخذ بروايات ولا أدري روايات من هي الأصوب. وكذلك استشهدتُ بالقصيدة اليتيمة دعد فلها عدة روايات.
شكراً لك.