عندما لم أجد شيئاً لأقرأ أخذت هدية صديقي ترجمة القرآن جلست أقرأ
في الصفحة الأولى والثاني بسرعة في السورة الثانية ( البقرة ) الاية 37 وصلت
إلى قصة البشرية قرأتها متعجلاً ربما 9 أو 10 آيات قصة الرجل والمرأة الأول .
لاحظت بعض التفاصيل التي تشبه القصة كما تعلمتها في طفولتي إلا أنني لاحظت هناك
خطأ ما، كان واضحاً لي أن كاتب هذا القرآن أياً كان فهو بلا شك لا يعرف القصة جيداً
بل على الأغلب لا يعرف الهدف أصلاً من القصة، لذلك قرأت القصة مرة تلو مرة فقط لمحاولة فهم وجهة نظر الكاتب
أدركت أخيراً أن هناك خطب ما غريب لأنه من الواضح أن الكاتب يريد أن يطرح وجهة نظر جديدة،
ولم أكن متأكداً ماهي لكن ممن الواضح أن القصة تحمل الكثير من المعاني حتى أن كل كلمة تحدث
فارقاً.
آتيت للآية 38 سورة البقرة ( وإذ قال ربُك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) الكلمة العربية
خليفة تعني ممثل رسمي أو وكيل عني ( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحنُ نسبح بحمدك ونقدس لك)
فرد الله عليهم قال : ( إني أعلم مالا تعلمون ) هذه هي الاية التي خط إنتباهي وجعلتني أقرأ
القصة مراراً وتكراراً والسبب واضح في طريقة البداية عندما وضع في الأرض خليفة
ليتصرف بالنيابة عن إرادة الله ، ظننت الأمر ليس كذلك
أنت لم تضع الإنسان على الأرض للقيام بدور إيجابي، أنت وضعت الإنسان على الأرض بسبب خطيئته
ثم أتى السطر التالي ( أتجعل فيها من يفسدُ فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك )
نظرت إليها مرة أخرى ولم أكن أصدق السؤال، قلت حقاً هذا سؤالي.
لماذا تخلق هذا المخلوق الذي تفترض وجوده من أجل دور إيجابي في الوقت
الذي يمتلك فيه القدرة على فعل القبائح؟
في الوقت الذي يفسد في الأرض ويسفك الدماء.
لماذا تخلق هذا المخلوق العدواني في الوقت الذي تستطيع أن تخلق الملائكة؟ كما تقول الملائكة بوضوح
( ونحنُ نسبح بحمدك ونقدس لك ) إنهم يسألو أحد أكثر الأسئلة أهمية وأساسية في تاريخ قاطبة الأديان؟
لماذا تخلق الإنسان المخطئ ذاك المخلوق الذي يمكنه التمرد على إرادة الله ويقوم بأشد الأمور سوءاً
كما لم يقوم أي مخلوق آخر على الأرض في الوقت الذي يمكنه جعله مثل الملائكة؟
وأين يتم طرح هذا السؤال إنه يطرح في الجنة؟!!
وكأنهم يقولو لما لا تخلقهم ملائكة وتجعلهم هنا معنا؟
لماذا تضعهم على الأرض حيث يشعرون بالبعد عنك ويقومو بكل أشكال الجرائم شاعرين
بالاستقلال عنك، في الوقت الذي يمكنك أن تضعهم في الجنّة وخاضعين لإرادتك؟
نظرت للسؤال وقلت هذا سؤالي لم أتقدم بعد في قصة البشرية لأجد سؤالي في مواجهتي.
هذا السؤال يمثل كل مافكرت به، كل ما مررت به من أحداث بل كل ما خبرته في حياتي
كان في قلب هذا السؤال.
بدأ لي وكأن الكاتب لخص قصة حياتي وطرح السؤال الصحيح ليبتدأ الغضب والثورة،
ثم أدرك أنني أجادل إله لا أؤمن بوجوده.
ثم انتقلت للاية التالية واتضح لي أن القرآن لم يتهرب من السؤال وإنما بدأ يجيب عليه
قليلاً وتقول الآية ( وعلم أدم الأسماء كلها ) ثم وضعهم أمام الملائكة وقال ( انبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين )
وأتضح بجلاء أن هذه الأية تشير للأية السابقة.
لاحظت ما قالته الآية من خلال خلفيتي المسيحية أتذكر أن آدم بدأ في تسمية الأشياء لكن لم يكن مرتبط
بالإجابة على أي سؤال فلسفي، يجب علي القراءة بتمعن وتدقيق لهذه الآيات لما تحمله من دلالات ومعاني.
آدم لم يكن شخص لقن الأسماء للإجابة على السؤال وإنما كائن قادر على التعلم،
عند هذه الآية اتضح لي ما سيكون جلياً في الآيات التالية أن أول الأمور التي سيؤكد
عليها القرآن هيا قدرة الإنسان على المعرفة، إنه مخلوق قادر التعلم وتم تعليمة
وما الذي تعلمه؟ ماهي أكبر موهبه منحها الله له؟
كجزء على إجابة السؤال الذي طرحته الملائكة إنها موهبة اللغة لأن اللغة ليست مجرد وسيلة لتعلم البشر،
بل وسيلة ليتلقى بها خبرات الآخرين الذين عاشو في مئات الأماكن البعيدة عنه
ومئات السنين التي تفصله عنهم وبالتالي كل علومنا تتراكم كل جيل يتعلم ممن يسبقة،
إنني اقرأ اليوم وأتعلم من كتاب عاشو في أماكن أخرى من العالم ومن عصور تمتد لألفي عام مضت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ