السيدة " تـاء " تتحدث :
أول مرة رأيت فيها فارس سعيد ( أو : محمد الوطبان ) كانت في المقهى الايطالي . لفت انتباهي ، وانزعجت كثيرا ً لأنني لم ألفت انتباهه !
كان يجلس وحيداً في ركن ٍ قصي ٍ من المقهى ، العجيب أنه كان " وحيداً " رغم أن المقهى لايسمح بدخول " الشباب " !.. قلت لنفسي : " هذا الشاب ( دبّر ) أموره مع إدارة المقهى .. أو لعل له وضعاً خاصاً ليتمكن من دخول المقهى .. لوحده " !
لفتت انتباهي وسامته الهادئة ، وربما كان الذي لفت انتباهي هو تجاهله الغريب لي !
أقول الغريب لأنني اعتدت أن أي مكان أدخله أسبب له ربكة ما .. أراها في عيون الحضور ، وكان هذا الأمر يرضي غروري ، فأنا أعرف جيدا ً ما أمتلكه من أسلحة.أتسبب في كثير من الارتباك واللخبطة في المقاهي التي اعتدت الذهاب إليها – ومنها هذا المقهى – مع صديقتيّ المقربتين وحافظتي أسراري : حنان وميرفت ... في الشقة التي تجمعني مع الشلة في سهرات نهاية الأسبوع ... في الشاليه وفي أرجاء " درة العروس " ... في الرحلات البحرية على ظهر اليخت ، كنت دائما ً أرى تلك الوجوه التي تتمنى لو أن تحصل على جسدي ولو لليلة واحدة .. أرى الرغبة في هذه العيون .. أرى تلك الوحوش الصغيرة التي تفضح نفسها في نظراتهم الجائعة .
أعرف أن هذه " الشلة " والممتدة من جدة إلى الرياض وقلة قليلة منهم في الشرقية – وبكل ما تحتويه من علية القوم والسادة والأثرياء والتي تنتهي بأسماء عائلات مهمة .. وأنا منهم – أعرف أن الغالبية العظمى منهم تافهون وفارغون ، وبيني وبين نفسي لا أحترمهم .. بل أحتقرهم .. ولكن هذا لا يمنعني من العيش في هذا الوسط والاستمتاع بلياليه الصاخبة ، وحضور الحفلات لكي أرقص وأشرب وأغني .. وأحيانا ً أسحب أحدهم إلى إحدى الزوايا .. بل لديّ الجرأة لسحبه إلى غرفة النوم إذا وافق مزاجي .. ونادرا ً ما أجد من يوافق مزاجي !
أنا التي لا أؤمن بالخطوط الحمراء لديّ أربعة خطوط حمراء :
الخط الأحمر الأول : شخصيتي الحقيقية ، فهم جميعاً لا يعرفون من أنا .. ابنة من ؟.. زوجة من ؟ .. أين أسكن ؟.. كلها مجهولة بالنسبة لهم .. فقط اسمي الأول . أنا مسئولة عن اسمي .. أنا فقط ، ولا علاقة لاسم عائلتي أو اسم عائلة زوجي فيما أفعل وفيما أمارس من مغامرات . طبعا ً باستثناء صديقتيّ حنان وميرفت ، وكلتاهما تنتميان لأسرتين معروفتين ، فهما تعرفان كل شيء عني ، وأزورهما وتزوراني .
الخط الأحمر الثاني : موبايلي الرسمي لا يعرفه أي أحد . هناك هاتف نقّال للأسرة ، وهناك هاتف آخر للأصدقاء والشلة , وكل منهما ( أسرتي وأصدقائي ) لا يعرف رقم الهاتف الآخر .
يتبع ...