القصيدة النبطية وأغراضها الشعريه .. زمان كنا نُدرك تماماً أن أغراض الشعر لا يتعدى المدح والغزل والرثاء وغيرها من الأغراض القديمه
الزمن تغير والشعر كذلك
فـ اليوم مثلاً بدأنا نسمع أن هناك قصائد رمزيه
و وجدانيه وسيرياله وآخرى قصائد غامضه .. لم تُصنف للآن .. ربما لأن النقد الشعبي .. ما زال يعيش حالة من عدم النضوج والتبلور ...حتى يدون ويسجل كل ما بدأ يظهر على القصيدة النبطية ..
الموضوع الذي أود أن أطرحه هنا لـ نناقشه سوياً ..
هو عن الغموض الذي بدأ يسيطر على القصيدة النبطية هذا الأيام وهل بالفعل هو عنصر مطلوب في قصائدنا ..
أم الأفضل أن يخرج القارئ من النص وهو يفهم كل معطيات ودواعي ما قرأه
فـ مثلاً .. عندما يتهم النقاد والشعراء القصيدة العمانيه بأنها قصيدة رمزيه
وبـ صراحة تامة .. أنا فقط وغيري يود أن يعرف هل من أطلق على القصيدة العمانيه بالمزيه .. يفهم ما معنى الرمزية الحقيقية ؟؟
وهل بالفعل شعراء عمان تمكنوا من كتابة القصيدة الرمزيه بالشكل المطلوب .. أم أنهم فقط يمارسوا هواية لوي ذراع اللغه ...؟؟
فـ من وجهة نظري
الرمزيه : مصطلح نقدي أكاديمي طرحه شعراء عاديين ونقاد غير أكاديمين .. وللأسف الشعر العماني صدّق ذلك الأمر ؟؟
وابتسم
ولكن في الحقيقة والواقع ..
أننا لم نجد سوى قصائد تتميز بـ عدم الوحده العنصرية . . وشعراء يلون ذراع اللغه من أجل إثبات تهمة الرمزيه على ما يكتبون
وهل بالفعل من يكتب الشعر الرمزي_كما يدعون_ هو الوصول لـ أعلى مراتب كتابة الشعر ؟؟
،
،
،
كذلك
الغموض في القصيدة النبطية .. وأنا أقصد الغموض الغير مبالغ فيه
هـل المتلقي يستمتع به لأنه يفتح له آفاق للتأمل والتفكير؟؟
أم يخرج من النص وهو متذمراً لأنه لم يفهم شيء ؟؟
الشاعر عبدالعزيز رشيد كانت وجهة نظره كما يلي :
أغلب الظنّ ان المشكلة تكمن في الدقّة المفقودة أثناء إطلاق التصنيفات الفوضويّة
لاأعتقد بأن الرمزيّة مدرسة قائمة بحدّ ذاتها حتّى تطلق على مجموعة من الشعراء وحسب ماأفهمه من الرمزيّة:هو اتّخاذ رمزٌ يدلّ على شيء معيّن بطريقة تمويهيّة ويتمّ دحرجة هذا الرمز في خضمّ النصّ بشكلٌ يتناسب مع سياق النصّ,
أمّا عن الشعر الذي يكتبه بعض الشعراء العمانيين لاأعلم قد يكون أقرب مصطلح اليهم الشعر الذهنيّ والقائم على الصور التي تتخذ من الذهن منطلقا لها وقد تعاني العديد من النماذج بشطحات خياليّة فتكوّن صورا خرافيّة غير مستساغه عقلانيّّا لامنطق يحكمهاوقد تستهوي محبّي الصور المبهمة والسرابيّة , لكن كثير من تلك النصوص تكون جميلة جدّا خصوصا إذا استوت على قاعدة واقعيّة-أذكر نصّ حمد الخروصي في النسخة الأولى من شاعر المليون كان جميلا
وبالنهاية الغموض مطلوب أحيانا بـ قدر ولاأعتقد بأنّه من الظرورة وجوده بالنصّ الشعريّ, فاحيانا تكون هنالك نصوص لم تكتب إلا لإجهاد القارئ ليس من شيء بل لأن الشاعر صاغه الصور على طريقته وفكرته التي يفهمها هو وحده
وكذلك لاأوافق على رفض كلّ شعرٍ سطحيّ ومباشر, قد تكون هنالك أبيات وقصائد مباشرة وفي غاية الروعة والشاعريّة بقدرٍ اكبر بكثير من النصوص الغامضة والمليئة بالصور الفنيّة
فهنالك بساطة تصلّ لـ حد التعقيد, لايصيغها إلا شاعرٌ فذّ كـ بيت ابن لعبون
ضحكتي بينهم وانا رضيع
ـــــ ماسوت بكوتي يوم الوداع
ياحبّذى لو يخرج الشعر من تلقاء نفسه حتّى وإن كان معقدّا لكن بعيدا عن العمد بالتعقيد
،
،
،
أما الأستاذ ابراهيم الشتوي :
بنظري أن النص الناجح هو الذي يحمل من الغموض ما يتيح للمتلقي الواعي الولوج لفضاءاته تارك له الشاعر / الكاتب نوافذ ليخرج النور للأعلى حيث إدراك المتلقي ، كذلك هناك فرق بين الغموض والإبهام في النص فالغموض يبني علاقة أجابية مع المتلقي عبر الإشارات وتبعية الدال للمدلول بينما الابهام يلغي ذلك الضوء الذي يوجد بين الواقع والمتلقي بسبب اهتزاز الرؤية التي لم ينجح كاتب النص بإيصالها للمتلقي .
إذا من هنا يجب أن يكن الغموض في ترابط تام مع عناصر الشعر الأخرى ومنغمس في كينونة الهدف المعرفي والوجداني والإبداعي ، عن طريق الرمز والاستعارة وتكثيف الصورة الفنية ، والتي تزول عند المتلقي الواعي الذي يرتقي بثقافته العالية لآفاق النص ليشارك الكاتب متعة التذوق الإبداعي للنص .
أما من خلال قراءتي لبعض النصوص لشعراء عمانين فأني ألاحظ تكثيف الصورة الشعرية لدرجة أنه لا يخلو شطر البيت الواحد من صورة أو صورتين في ذلك النص وهذه سمة أجدها بشكل واضح في بعض نصوص شعراء عمان علما أن ذائقتي تتطلع لتلك الصور الشعرية المبنية على رؤية عميقة أنيقة ومتصلة بالواقع ومنفصلة عن التقريرية والمباشرة .
،
،
،
أما الشاعر محسن الدويخ كانت وجهة نظرته :
الرمزية في القصيدة ليست وليدة هذة الايام ولكن تم الكتابة بها حتى في القصائد القديمة
وبرزت كثيرا في المجتمعات القمعية او التي لا يوجد بها هامش حرية كبير حيث يقول الشاعر ما يجول في خاطرة بشكل رمزي يوصل المعلومة والمعني بشكل " مخفي "
ولاحظت ان شعراء عمان يكتبون في رمزية طاغية هذا ما لاحظتة في مسابقة شاعر المليون
ولاحظت ايظا بعض الشعراء يجهلون الكتابة بالرمزية ويكتبون النص بغموض مقيت ويعتقدون ان هذة هي الرمزية !
اعتقد " وهي وجهة نظر شخيصة "
" ان الشعر هو تقليل الكلام في القصيدة " وان الزج بكلمات دسمة ما هو الا تعقيد للنص وقتله ببطئ
السهولة في كتابة القصيدة والوضوح اسهل طريق للوصول الي قلب وذهن المتلقي
ولا اقصد بالوضوح الاسفاف والسطحية ما اعنيه تقديم ما تريد ان تقولة بشكل مبسط يفهمة الجميع بلغة مفهومة ومحببة للجميع
ومن الصورة السيئة ما يسمون بشعراء الحداثة وما يقدمون من نصوص يعتقون انها رمزية وماهي الا طلاسم لا يفهمها الملتقي ولا حتى من كتبها اعتقد فاهم منها شي
بأختصار
الرمزية " الحداثية " ان صح التعبير
هي ضعف من الشاعر لعدم توصل فكرتة بشكل مثالي ويلجأ لها من باب الضعف وعدم التمكن في صياغة القصيدة بشكل مناسب
،
،
والأستاذ قايد الحربي قال :
سأبدأ الحديث عن خطأ تعميم [ الرمزية ] على الشعر العمانيّ
لأنّ أيّ تعميم : جهل !
و أُعرّج ثانياً على مصطلح [ الرمزيّة ] الذي يعتقده البعض [ غموضاً ]
ولا ألومُ بذلك [ البعض ] بل اللوم يقع أولاً وأخيراً على من أطلق هذا
المصطلح و كان قاصداً به [ الغموض ] ، وهذا جهلٌ آخر ..
- المثال الملائم لذلك لجنة شاعر المليون - ،
و أجزمُ بأنّ هذا الجهل أخطر من جهل التعميم .
:
لأنّ [ الرمزية ] تختلف تماماً عن [ الغموض ] ، فيعني هذا أنْ ليس
كلّ نصٍ غامض رمزيّ - بالضرورة - .. مع ضرورة غموض كلّ نصٍ رمزيّ
ولأنّ الأول مُنتفِ الحضور في النصّ الشعبي فلم يبقَ إلاّ النص الغامض
- فقط - وعنه أقول :
لم تكن قضية الغموض حديثة الشعر ، بل مُتجذّرة بجذوره الأولى
و عن ذلك تحدث النقد القديم مُسهباً و مُقسّما ..
و رآه بعضهم شرطاً من شروط الشعر إذ " استحسن الجرجانيّ الغموض
في الشعر وليس بأي غموض، بل ذالكم الغموض المبني على التعقيد
الفني الذي ينم عن قدرة فنية فذة، فرأى أن وضوح المعنى لا يتعارض
مع المعنى اللطيف الذي يتوصل إليه بشيء من التفكير "
ويؤكد الجرجانيّ " أن الصورة لا بد أن تتميز بشيء من الغموض من خلال
تباعد أطرافها مع كون هذا التباعد مقبولاً عقلاً ولذلك فعبد القاهر يشبه هذا
النوع من الغموض في الصورة والغوص على معناه بالجوهرة النفيسة داخل
الصدفة فلا يحصل عليها إلا ببذل الجهد لشق هذه الصدفة فيبعث الطلب
الممزوج بالمشقة في النفس فرحاً وأنساً إذا ما تحصّل المطلوب "
:
عندما سئل أبو تمام بـ :
- لماذا تقول مالا يُفهم ؟
أجاب بـ :
- لماذا لا تفهم ما يُقال ؟
هنا أسّس بإجابته قاعدةً أخرى لقراءة الشعر ، تختلف عن تلك المُبَاشَرة
بالفهم التي أنتجتها المُباشَرة بالقول ...
لأنّ الشعر كائنٌ حيّ لا يمكنه إلاّ التعايش مع زمانه و في مكانه ، وفي هذا
العصر المليء بالنظريات و المدارس الفكرية كان لزاماً على الشعر أنْ يتجرّد
من الوضوح الفاضح و يكتسي بالغموض الواضح ليواكب الحياة و به نحيا .