علي " الحائك " والأربعين " خيط "

[سعـد الوهابي]

بسم الله . .

الذي علم بالقلم . .

وبعـد :

تُجبرنا بعض الاشياء على الكتابة عنها . . لأننا جزء لايتجزأ منها . .

ونحتاج للكتابة عنها فقط لـ دافع وفكرة . .

عندها سنكون على موعد مع ولادة مايستحق القراءة والتصفيق . .

ولأني أرى ماتُغمض عنه الأعين مُجبرةً تارة وبطواعيةً تارة أخرى . .

وجدت الدافع . . وبحثت عن الفكرة . .

ووجدتها :

.
.

ياسادة وياسيدات . .

الكاتب . . حائك

والعقل . . إبرة

والنص . . قطعة قماش

والأفكار هي الخيوط الممتدة على يمين الحائك

بطول عمره ، تجاربه ، بيئته ، معاناته . .

وكلما كان الحائك / الكاتب ماهراً ومحترفاً

كان استخدامه لـ الإبرة / الفكر مناسباً وأكثر احترافية ومهنية وعقلانية. .

وكلما كان تصوّره لما يَحيِّك ويفعل أكثر حرفية في التنسيق والإبداع . .

والحائك / الكاتب الماهر لايحتاج لأن يسرق فكره / خيَّط أو صورة

يتخيلها من تصاميم غيره . .

لكنه يختار خيوط / أفكار قطعته المنسوجة

من بيئته وتجاربه وعمره ومعايشاته ورؤيته لما يدور في

الواقع المحيط به مُدعماً بالأدلة والبراهين . .

لـ يسهب في تفاصيلها ويبدع في تداخل ألوانها ويتألق في احتوائها . .

وهو بذلك يعرف الخيَّط / الفكرة السر الذي لو سُحب لـ نُقض النسيج

من أوله لآخره ولـ اتضحت معالم الحبكة لـ الجميع . .

وليس كــ الحائك / الكاتب المزيَّف الذي ينسج من خيوط / أفكار ثياب الآخرين

قطعة قماش مهترئة وزائفة ومُقلدة . .

يختار أو بالأحرى يسرق الخيَّّط / الفكرة من قطعة نسيج غيره

أو يحاول تقليد غيره في اختياره لـ الخيوط/ الأفكار . .

فـ الخيط خيط غيره والإبرة إبرة مُعوّجة تنتمي لـ إصبعيه

ولن تستطيع أصبعيّه المرتجفتين التحكم

فيها لـ حبّك عقدة أو عقدتين في نسيجٍ جديد . .

حياكته غير مُتساوية الزوايا . .

غير متناسقة الألوان والخيوط . .

خطوطها متراكبة كتـراكب آثار سربٍ من القطا في أرضٍ فلاة . .

لايُعرف فيها من اين بدأ وأين انتهى ؟

وإن أتقن الحبكة / السرقة يبقى هناك " حاكةٌ محترفون "

يكتشفون العيب والزيَّف مع أول نظرة / قراءة . .

الحائك / الكاتب الزائف قطعته / نصه أوهن في الحبكة من بيت العنكبوت . .

الحائك / الكاتب المُزيّف . .

بـمُنتجاته يكسُد السوق . . وتهبط الأذواق . .

ويتدنى مستوى التفكير . .

لأن البُهرج الخداع في نسِيجه من ألوانٌ مُزيفة / مُفردات

وتشكيلاتٌ هندسية / صورٌ مستوحاة من مبدعين آخرين . .

أخلّت بميزان الذائقة والتفكير في عقول المُتلقين . .

.
.
.

يتشارك الكاتب والحائك في " الحبكة "

فـ الكاتب بـ حبكة أدبية ، ثقافية ، فكرية

والحائك بـ حبكة خياطته وبراعته في التنسيق والترتيب . .

وكلاهما يستقي تلك الحبكة من محيطه . .

فالكاتب يعيش بين انداده ومجتمعه وبيئته ولـ نركز على بيئته

لأن الإنسان ابن بيئته وإن حاول الخروج من دائرة بيئته . .

اصبح خروجه ذلك مقزز ومُنفر . .

ولكم أن تُشبهوا ذلك الخروج بكل أشكاله

بــــ " السرج على الـ بقرة أو الحمار أكرمكم الله "
.
.
.

" حبكة ركيكة "

كاتب فقير يحلم بالثراء لكنه لم يجرب حياة الثراء ولم يعشها . .

عاش فقيراً يلهث خلف لقمة عيشه . . يكد ويكدح . .

ويكتب عن الثراء وتفاصيل الثراء بـ نقص حاد في التفاصيل

وعقم شديد نابع من عدم تعامله مع أقل درجات الثراء

وإن طاله النقد . . لجأ لـ شماعة الخيال !!

وماعلم . . المُزيّف أن الخيال سلاحٌ ذو حدين

مهما بُرع الشخص في استخدامه حتماً سيؤذيه . .

الخيال مهما كان عميقاً قوياً لن يصل لدرجة الإقناع

لأنه بـــ بساطة خيال وليس كـ من عاش الحقيقة .
.
.
" حبكة تافه "

كاتبٌ مُزيَّف . . في كل كتاباته / زيّفُه . . يرفض الارتباط بأنثى . .

ينتقد العلاقات ، يُقِيْم الأرض ولا يُقعدها على النصوص العاطفية . .

بـ حجة أننا نعيش واقعاً لايسمح لنا كأمة مُذلة أن نُحب أو نعشق !!

علماً أنه لم يكتب يوماً عن هذه الأمة التي يزعمها أو عن ذلك الذُل

الذي لطالما تشدق به وامتعض منه ..

وحقيقة الأمر أنه لو تسنت له علاقة مع أي شيءٍ ينتهي

اسمه بــ ( تاءٍ) مؤنثة حتى وإن كان جماداً أو حيوانا

لما تأخر لحظة ولدفع الغالي والنفيس لإنشاء وتوطيد تلك العلاقة . .

ولكن لأنه يُرفض كُلما عرض نفسه ، ويُقابل بالصد . . فوصل لمرحلة الإحباط . .

فـ بدأ بتزييف موقفه لعل أن يجد من وراء ذلك نفعاً . . أو نتيجة . . . وهيهات .
.
.
.

"حائكة مُفلسة "

حائكة / كاتبة تكتب عن الحب . . ولم تُحب يوماً . .

لم ينبض قلبها بـ بنت وريدٍ واحد يوماً . .

لا تعرف ماهو الحب ؟ ولم يتواجد في ردهات قلبها رجلاً . .

تكتب عن الحب . . وفاقد الشيء لايعطيه . .

تتعمق في تفاصيله بفضل قرائتها لـ مقطوعات غرامية لـ عشاق حقيقين . .

ولـ ترجمات لـ نصوص أجنبية قديمة وفريدة . .

في كل قطعة نسيج خاصه بها / نص

نجد عدداً لاحصر له من الخيوط المسروقة

والـ مصطلحات المترجمة والأفكار المسلوبة . .

تدّعي . . وتحاول إيهام المتلقي بـ صدقها وعفويتها ..

فتكتب ماتقرأه وتستخلصه من مصادرها. . ولكن بـ المقلوب . .

فتبدأ بالنهايات . .

ولم تعلم أنها تكتب بذلك نهاياتها عند كل متذوق حقيقي وصادق

لاتستحق هي القراءة أبداً . .

وإن سقطت عيناك على نصٍ لها حاول أن تكتشف

الحائك / ة الحقيقي لتلك القطعة من النسيج . .
.
.
.

" مُستهلك ساذج "


يلج المعرض ولايعي ماذا يريد ؟!

وعندما تقع عيناه على إحدى قطع النسيج المُزيفة المعروضة / النص

يلتهمه قراءة سطحية لايبتعد كثيراً ولايتعمق مطلقاً . .

لـ يخرج بـ عدد لابأس به من الـ قطع / النصوص المُزيفة

بعد أن يُشبع حائكوها مديحاً وإطراءً وتبجيلاً

وكأنهم من جلبوا القمر في كأسٍ مُذهب . .

وماعلم الساذج أن أولئك لم يتطاولوا ويزيدوا من تواجدهم

لطرح بضاعتهم الفاسدة والزائفة إلا بفضل أمثاله من السطحيين والسُذج . .

- وإن سلمنا بـ برائته -

فـ "المُستهلك الحائك "/ الكاتب القارئ يعي ويعلم جيداً

أين يستطيع أن يجد العُقدة الأضعف في النسيج المعروض . .

ولكن المصيبة عندما يكون ذلك المُستهلك الحائك . .

يسعى لأبعد من إبراء ذمته أمام المتلقين . .

من أجل علاقة عابرة أو أملٌ بعلاقة أو من أجل صلة قرابة أو صداقة . .

فـ يختار العقدة الأقوى في ذلك النسيج لـ يظهرها لـ الجميع

لـ يلفت انتباههم عن العقد الضعيفة والكثيرة فيه . .

لـ يعيشوا معه الوهم والزيّف . .

بـ تبجيل وتطبيل ومديح لاطائل منه سوى أغراض شخصية دفينه

في صدر ذلك المُستحلك . .

.
.
.

الحياكة / الكتابة

فن ، ذوق ، أخلاق ، أمانة . .

فنٌ . . لأنك باختصار ترسم لوحة ، تستخدم ريشة ، تُطرب قلوباً وعقولاً . .

ذوق . . لأنك باختصار تختار الفكرة بـ ذائقة والمفردات بـ عناية . .

وأخلاق . . لأنك تحرص على احترام المتلقي وتأخذه بعين الاعتبار دائماً . .

وأمانة . . لأنك تحمل أمانة أن يكون ماكتبته من نتاج عقلك

وبصنع كفك وقلمك . .

و كلما كانت خيوط قطعة النسيج تلك من نفس

لون البيئة او مقاربه لها كانت أكثر جمالاً وأكثر قبولاً . .

وإلا كانت غريبة ومنفرة ولايستجدي العاقل أن يخرج بها في حضرة أقرانه . .

لأنه بـ اختصار لايصلح السرج إلا على الخيل لا على الــ . . . .
.
.
.
.
ختاماً . .

تُرى كم خيِّطٍ مسروق في قطع النسيج الخاصة بنا ؟!!"



(احترامات . . محيوكة )

سعـد