-
ملابسها القصيرة المُمزقة الرّثّة لا تكسو من جسدها الضّئيل إلا نصف طفلةٍ نَامت على كفنِ الحزن في ليلة هلّوف .. لم يحضنها إلا البَرد !
عيناها الواسعة مُكحّلة بالخوف ، واللاأدري .. والجوع ينخر عقلها الصّغير بحثًا عن كسرة أمل تمحو الفحم عن حظها وطبشورٍ أحمر يرسم الحُب لها !
تركنُ هُناكَ في زاوية مليئة بشباكِ الوَهم وظلام التّيه يشرنِق ابتسامتها ، يشيحُ بصرها عن كل شي إلا ركبتيها المضمومة إليها قلقًا !
تُضيء حُلمًا كلّ ليلة ، وتلتحف الرّجاء ، وتشدو بصوتها المُتهدّج أمانيها ، يُخرسُها صوت المَاضي مزمجرًا..تغطي رأسها ويتبعثر الحلم مع خصلاتها!
تتسلل الشّمس في الصباح من ثُقب الباب والنّافذة المكسورة ، تحيطُها بابتسامة يقاطعها ارتطام الباب بقدم ذلك العجوز ضاحكًا : إلى العمل يا قبيحة !
تمسح يديها الصّغيرتين بردائها البَالي وتنهض سريعا ، تتحسّس كدمات الذّل ، وتمدّ يديها للمَارة بتوسّل "أنقذوني" !
كلّ شيء جميل هذا الصّباح ومتوهّج كدمعةٍ ساخنة في عينيها .. أرسلت سلامًا لوجنتيها جُوعًا فسقطت !
وحِيدة و العالم كثر ، حزينة والكُل مُبتسم ، فقيرة والسمَاء غنيّة بالمطر ، تمشي بهدوء و الكل يركض ، تبحثُ عن دميةٍ وحظّ يخطفها إلى الحياة !
ترى الحياة في صرخة طفلٍ تشبّثَ بيد أمّه ويده الأُخرى ترمي قطع الحلوى دون مُبالاة ، تقتربُ من تلكَ القطعة وقبل أن تصِلَ إليها تركلها قدمُ عابر، لوّح لها بابتسامةٍ وأعطاها أُخرى مُغلّفة !
تقفز بالقرب من النّهر ، تغسل ملامحها الصّغيرة ، وتبتسم لعين صديقها المتورّمة حزنًا ، يلهوان بالمَاء وتنطلق ضحكاتهما للسماء .. تنامُ الشّمس ويعودان للظلام !
يَعُودانِ للعراء المُحاط بألواحٍ خشبيّة لا تستر البرد عنهما ، و ذلكَ العجوز الذي لا يحمل لهمَا إلا الفقرَ و القسوة .. وَ ينامانِ بعد ضربات الخُذل يلتحفانِ الأمل وَ الحلم بـ سعادة .. ودمية من فرح تبعث في كُلّ صباح ابتسامة ..
تستيقظ الشّمس ولم يستيقظ إلا واحدٌ منهما .. قدِمَ إلى الظُلم مُتأخرًا وبقي له القليل من الصبر ..
هيَ حياةٌ بلا حياة .. وأملٌ مَقتول أعتمَه الظلام ، أحشاؤه مُصابة بالتليّف ، و ألوانه مسحوبة ، أضاعها الحزن إلى رمَاد ..
همسة :
الخَيال كقطع الحَلوى ، تشبعنا ونجوع سريعًا !
حقيقة :
لا أعلمُ ماهيتها لكنّها ارتمت من عقلي هكذا : )