أين أنت أيها القلم الشجــاع ؟؟
وأنا في طريقي للعمل في أحد صباحات الإسبوع المنصرم تذكرت بان قلمي قد أخذه أحد المراجعين بعد توقيعه على إحدى المعاملات وكثيراً ماتتكرر هذة الحادثة معي ومع غيري، فنحن شعبٌ مثقف نُحب إمتلاك أشياء الغير وعند مواجهته يغرّدُ قائلاً:
(آه نسيت قلمك معي) فهي كالهواية لمرتادي المكاتب من بعض المراجعين.
فأخذت أبحث عن مكتبةٍ تجارية لكي أشتري لي قلماً فالأقلام هذه الأيام نستبدلها أكثر من إستبدالنا لملابسنا ، دخلت تلك المكتبة الكبيرة وأخذت أبحث عن أي الأقلام أفضل ،
وجدت تشكيلةً كبيرة منها مُختلفةَ اللون وبلد الصنع ، في الحقيقة لم يرُق لي أيةُ قلمٍ على الإطلاق.
خرجت من تلك المكتبة وأنا أبحث أيضاً عن مكتبةٍ أخرى وماهي إلا دقائق وإذا بي أتوقف أمامها ترجلت ودخلتها باحثاً عن هذا (الشقي) فلم أجد كبير اختلافٍ عن المكتبة السابقة فالأنواع هي هي لم تتغير خرجت باحثاً عن مرادي لعلي أجد ما أبحث عنه في مكتبةٍ ثالثة . في الحقيقة أصبحت الساعة الآن التاسعة صباحاً وأنا لازلت أبحث عن (الصندوق الأسود) أقصد ذلك القلم الغريب .
مررتُ على المكتبة الثالثة ومع تحفظي الشديد على تسمية هذة المحلات بـ(مكتبـة) لأن المكتبة تختلف موجوداتُها عن هذة المحلات التجارية البحته . دخلت لهذه المكتبة فلم أزدد إلا تضجراً من نوعية الأقلام المعروضه في واجهتها ، وخاصة بعد رؤيتي لتلك (الشخابيط) على طاولة عرض الأقلام الكرتونية (ماشاء الله ) ذكريات وأسماء (وشخبطة) أقربُ ماتكون لقراءة جهاز تخطيط القلب، فالأقلام تُستخدم لدينا بكثرة والدليل على ذلك (كرتون) التجارب الملاصق لطاولة عرض الأقلام فهو مؤشرٌ واضحٌ على ثقافتنا وحبنا للأقلام لكثرة مؤلّفاتنا ومانكتبة فيها، أعانها الله علينا ، وبدون طويل إنتظارٍ خرجت وقررت أن أذهب للعمل هذا اليوم بدون قلم ( تذكرت أيام الدراسة عندما نذهب للمدرسة وننسَ أو نتناسى أقلامنا مضِنة أن نُعفى من الواجب الصفي الإلزامي )
هيهِ يا أيام الدراسة ليتنا نعود لمقاعدكِ ونعلمُ أنكِ من أهم مراحل حياتنا .
وبعد عُدولي عن رحلة البحث عن هذا القلم المفقود وأنا في طريقي للعمل .
أخذت أنتقد تنقلي بين هذة المحلات الثلاث رغم وجود ما أبحث عنه ،
أترايَ محتاجٌ لقلمٍ غريب أو عجيب يكتب ما أريده بمجرد التفكير في ذلك !!
كل هذة الأقلام تؤدي الغرض المطلوب منها فما حاجتي لتضييع وقتي وتأخري عن العمل بسببٍ يعتبرهُ مديري لو أطلعتُهُ عليها غير مقبولٍ لديه .
ثم ماذا أريد من ذاك القلم ؟
فلامؤلفاتٌ تنتظرني لكي أكملها بهذا الغائب المبحوثِ عنه . ثم خطري ببالي هل أنا محتاجٌ لقلمٍ يختلف عن هذه الأقلام المعروضة في أسواقنا . أقصد هل لدي دافعٌ يدفَعُني للبحث عن قلمٍ عجيب أو قلم يمتلك شجاعةً في تفريغ مداده ، وما أن توصلت ونطقتُ كلمة الشجاعة وتفريغ المداد تذكرت مانسميه نحن معاشر المواطنين بـ(المعروض) ذلك الإستدعاء الّذي يقدمه كل إنسانٍ (عربي على هذا الكوكب) في أمور مختلفة فتختلف مواضيعه من شخصٍ لآخر ويُتفَقُ على ضروريته لدينا (معشر الشعب العربي وين) فنسمعُ ونقرأ الكثير من شروط المعاملات والإجراءات الرسمية بأنه لابد من وجود هذا المعروض الّّذي لافائدة واضحة من كتابته سوى إلزام الناس على ذكر المدح والإسترحام الّذي لايلقى أية أهمية تذكر من قبل المسؤول . كان الله في عوننا .
فمتى أجد ذلك القلم الشجاع؟ إن كان هناك قلماً شجاعاً !! ومن يصنعه ؟ وهل في أوطاننا العربية مصانع لهذا النوع من الأقلام فنحن من أكثر شعوب الأرض تأليفا( للكبْت) أقصد (الكتب) !!
وبعد طول تفكُّرٍ في احوالنا وفيما أجده في طريقي يميناً ويساراً وما أراه وأسمع به في محيطنا الضيق.
تيقنت من أن هذا القلم (الشجاع) لاوجود له إطلاقاً ولاتوجد لدينا أدنى فكرةٍ لإختراعة .
وإلا لَـمَـا وجدنا التقصير الواضح من أمانات المناطق (ماكان يسمى بالسابق بالبلدية )
ولا وجدنا التهاون في إيصال خدمات الصرف الصحي لبعض الأحياء . ولو كان هناك قلماً شجاعاً لَـمَـا تأخرت المنح السكنية ولو كان هناك قلماً شجاعاً لَـمَا تأخر إزدواج كثيرٍ من الطرق ولأنجزت بسرعة كما في بقية مدن مملكتنا الحبيبة ، ولو كان هناك قلماً شجاعاً لما تركت بناتنا المعلمات في مناطقهن الناءية يكابدن المخاطر ذهاباً وإياباً.
فأين أنت أيها القلم الشجاع ؟
فإذا بي أجاوبُ نفسي بصوتٍ أسمعه وبسؤالٍ مدوٍ لم أكن أتوقع سماعهْ .
فإننا ومن خلال نظرتنا لكتب القدماء وكتب سلفنا لم نسمع بسيفٍ شجاع . فكيف تبحثُ عن قلمٍ شجاع . والسيف أقربُ للشجاعة من هذا القلم المزعوم.
أليس الفارس هو من يوصف بالشجاعة ؟! أليس الفارس هو من يبارزُ ويعرّضُ نفسه للمخاطر؟!
أتعتقد بأن كلمة شجاع أتت من فعلٍ بسيط أو أنها مُنحت له كما تمنح شهادات التقدير في كل مكان ؟؟!
فبعد هذا الهجوم من نفسي أيقنت بأن الشجاعة لاتخص القلم بقدر ماتخص الكاتب كما في الفارس وسيفه السالف ذكرهما .
فنحن الآن نعيش أزمة شجعانٍ وحكماء لايخافون في الله لومة لائم .
نسمع فعلاً بمن يلجلجُ ويمجِّدُ ذاته بأن لاهم له سوى غيره على حساب نفسه وأن همه الوحيد أن يوصل الصوت ويراجع ويطالب ، ويغفل بأن الكثيرين يعرفون مقاصده .
. وهذا والله لهو عين الكذب . فإن كان خلاف ذلك فمالنا لانرى تحركاتهم .
فلو كنا كما هم لتغيرت كثيرٌ من أحوالنا بسبب جهودهم .(أقصد الشجعان)
فأعتذر عن سؤالي الأول / أين أنت أيها القلم الشجاع ؟
وأبدِّله بِــ / أين أنت أيها الكاتب الشجاع ؟
*نسيت أن أخبركم بأنني إشتريت قلمًا من إحدى المحلات الغذائية فالقلم يغذي هذة الأيام تماماً كما تفعل المواد الغذائية (أقصد أقلام المجاملات وذكِر المحاسن )
فهو منصنّفٌ من نفس نوعيتها .(مواد غذائية)
لكم تقديري ومحبتي.