قصص حب حقيقي ....ستكرهونها
(من العالم السفلي..من زوايا المدن المهملة..من مزابل الأغنياء...)
-تعرفين حبيبتي .. البارحة وأنا أتوسد دراعك الغَضَّة، بماذا أحسستُ...؟
-صحيح حبيبي..؟؟ ! بماذا أحسستَ؟ قُلْ.. شوَّقتَني؟
-لا شيء حبيبتي، بل فقط تمنَّيتُ.....
-تمنيتَ ماذا حبيبي ؟ ! أخبرني.. فقد أصبحتَ اليوم غريبا..؟ !
-تمنيتُ حبيبتي أن نفتح أعيننا يوما ، ويكون وضعُنا مختلفٌ..
-غريب حبيبي، هل قرأت شيئا من جرائد أولئك الذين ينظرون إلينا باشمئزاز وتعالٍ واحتقار أو تجاهل..؟
-لا حبيبتي.. الجرائد وضعتها كلها في كيس الطحين الفارغ، لأصنع لكِ وسادة تُريح رأسكِ من قساوة وبرودة ذلك البرميل البلاستيكي اللعين، الذي يُقَصِّف خصلات شعرك، ويُتْعِب رقبتكِ...
-شكرا لك حبيبي، أشعر اليوم أنني أحسن ..
-أصحيح حبيبتي..هل أصبحتِ اليوم "تشعرين"..؟؟ !
-وهل صحيح حبيبي..هل أصبحتَ أنتَ "تُحِسُّ" و"تتمنَّى"..؟؟ !
-رُبَّما يكون هذا حبيبتي هو "الإختلاف"؟ !
-رُبَّما..رُبَّما..لا أعرف !!
بعد أيام، مساء يوم أحد..
-حبيبتي، اقتربي أزيل عن خدك تلك اللطخة التي تغتصب وجنتك..
-افعل حبيبي، فقد كنت محظوظة اليوم، لقد وجدت قنينة عطر بإحدى عبوات القمامة بحي المتسلقين.. صحيح نصفها فارغ، لكن ستمنحنا أريجا يبدد العفونة المقيمة في أنوفنا..
-وأنا حبيبتي، وجدت لك هذا..
أخرج سلسلة من ذهب مغشوش من جيبه السميك، ثم بدأ يعالج بأصابعه الضخمة المتسخة بعض حلقاتها التالفة. اقترب منها قائلا:
-حبيبتي، اعطيني عنقك أزينه بهذه السلسلة التي انتشلتها هذا الصباح من فتاة تشبهك كثيرا...
-شكرا حبيبي، لكن لا أحب أن يلمس جيدي إلا أناملك الخشنة، وبما أنها منك حبيبي، فهاك عنقي توجه بهديتك المسروقة.
أحكم غلق السلسلة حول عنقها، ووقع عليه قبلة عميقة ارتعشت لحرارتها كل أوصالها. تساءلت مع نفسها، من أين اجتاحه كل هذا الحب والرقة المفاجئة التي لم تعتدها منه أبدا؟ كان دائما باردا كبرودة هذا الحصير والأسمال التي يفترشانها، لا شك أنه تفرج على بعض لقطات تلك المسلسلات التي ابتلي بها أولئك الناس، لا بد أنه استرق لحظات من شاشات أحد المقاهي التي يرتادها للشحادة أو ارتشاف ما تبقى في كؤوس الرواد من قهوة أو شاي، في غفلة من النادل.
جلس بجانبها، رتب بعض الأغراض المتناثرة بذلك الركن المظلم من الزقاق الذي لا مخرج له، والذي احتضن جسديهما منذ زمن. كان لهدوءه وخلوه شبه اليومي من المارة، دور في تلك الألفة والحميمية التي شعرا بها منذ أن استقرا به. كان اكتشافه صدفة، كما كانت معرفتها به أيضا صدفة. ولعل الصدفة هي التي انتشلته من ادمانه على شم "السيليسون" والتدخين الشره لأعقاب السجائر، التي كان يلتقطهامن صناديق قمامة المقاهي والملاهي "البارات" المنتشرة لحد التخمة، بكل أرجاء هذه المدينة الكبيرة الصاخبة التي لا تنام.
خاطبته وهي تداعب القلب الصغير الذي كان يتوسط تلك السلسلة التي وضعها حول عنقها هذا الصباح..
-حبيبي، هل تذبرت أمر عشائنا؟
-نعم حبيبتي، في هذا الكيس عشاء فاخر، منحني إياه ذلك الطباخ الذي قدمت له تلك الخدمة التي تعرفين.
نشر الجريدة على الأرض، وتبث زواياها ببضع قنينات خمر فارغة، اتقاء شغب نسائم الليل الجامحة. فتح الكيس، وأخرج قنينة "ويسكي" ممتلئ نصف نصفها. ثم وضع نصف دجاجة مشوية مع بضع حبات زيتون مشكل، وحبات بطاطا مقلية، وقطع خبز كثيرة. ارتشفا جرعات سريعة من القنينة المحرمة، فسرى في جسديهما دفء طارئ بدد البرودة التي كانت تجتاجهما في هذا الليل البهيم.
طبعت على خده قبلة طفولية، وانخرطا في أكل لذيذ، بعدها استغرقا في نوم عميق....
يتبع........ توقيع: حسن قرى (مراكش في:05/05/2013)