كنت اواجه في مناماتي كوابيس , عبارة عن صور متقطعة مما حصل لنا , فكان عقلي البطن يترجم ما سمعته , ويبثه في احلامي مواقف متعددة , رأيت ابي يقبض عليه , رأيت الشرطة تطلق عليه النار رأيت صديقة يموت اثناء عراكهم مع الشرطة , رأيت امي تحمل حقيبة المخدرات وتختبيء . رأيت امي وصديقها يدخل الى غرفة نومها , رأيت اخوتي وانا امسك بأيديهم ونحن نعبر الشارع , فتقابلنا حافلة كبيرة وتخطف اختي الصغيرة وهي تبكي وتنظر اليّ , الكثير من المشاهد المؤلمة التي تفتح عيني مرغمة . فأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم واقوم فأشرب كوبا من الماء ثم اعود لأتكوع في فراشي ,
لا اعرف كيف تدبرنا امر معيشتنا تلك الأيام , تقول امي انه كان يصرف لنا مبلغ بسيط من الشؤون الاجتماعية .
تخرجت من الابتدائية وانا بنت بقمة اخلاقي مهذبة وهادئة وخجولة كل المدرسات يحبوني هل كانت شفقة وتعاطف ؟ طلبت امي ان اسجل بالمتوسطة التي بالحي الاخر , ليتسنى لي التعرف على صديقات ومخالطة المجتمع من جديد, قبلت امي وسجلتني بالمتوسطة , كانت المدرسة رائعة ربما لان نفسيتي بدأت بالتحسن , ولكن هيهات , بنفس الغرفة التي ننام فيها انا واخواتي وفي احدى الليالي وقد جافاني النوم كنت افكر بالمدرسة وكيف ان البنات يتجملن وافكر بأن اصمم مريول للمدرسة جديد لكي تفصله لي امي , حينها انطلقت اول هواياتي وهي تصميم الازياء والرسم بينما انا ارسم وامسح واعدل سمعت باب الشارع قد فتح وقفل فهرعت لأنظر من تحت الباب كعادتي منذ زمن لان الباب مغلق , رايت وليتني لم ارى ذاك الحذاء الاسود الرجالي والثوب الابيض الطويل وامي خلفه تمشي متجهه الى غرفتها بهدوء , رايتها ولم افكر بشيء سوى الطرق على الباب لا أ عرف لماذا ؟ لم اكن مدركه خطورة ما اراه بكثر ادراكي للخوف الذي الم باطراف جسدي طرقت وصرخت حتى استيقظن اخواتي , وفدت امي مسرعة وفتحت الباب , طلبت منها الذهاب الى الحمام وانا ارى لباسه الحريري الذي يواري بعض من جسمها الممشوق , دخلت الحمام وهي واقفه تتنتظر خروجي منه حين خرجت منه سألتها : ماما من اللي دخل من شويه ؟
قالت امي ( كاذبة ) وهي واثقه مما تقوله انه خالك ادخلي ونامي يالله حبيبتي ونوّمي اخواتك اللي صحيتيهم , اقفلت الباب خلفها ووضعت قطعة من القماش في فتحت المفتاح واسفل من تحت. فنمت مصدقه ما قالته, بعد بضعت ايام رايت خالي يدخل مع امي غرفتها باخر الليل عندما سمعت نفس الباب هممت بادخال قلمي من تحت الباب لازيح قطعه القماش التي كانت تضعها امي كل ليلة بحجة عدم دخول فأر او حشرة داخل غرفتنا لم اتحمل فضولي , طرقت الباب وفتحت قلت لامي اريد ان مـاء , فذهبت لتحضر الماء ووقفت عند باب غرفتها وقلت : ماما خالي فيه ؟ صرخت بي وقالت وهي خايفه أيوه , بعدين تسلمين عليه قلت ماما ليه يدخل غرفتك ؟ فسحبتني الى غرفتي وهي متبرمة صامتة
اذكر ان ابي حين كان مسجونا لم نقم بزيارته ولا مرة . خلال سنوات سجنه الخمس , وعندما كبرنا وتغيرنا كنا حينها بالكاد نتذكر حتى امي لم اسمع يوما انها ذهبت لزيارته . ربما لأنها كانت مشغوله مع ذاك العشيق المجهول طيله تلك السنون!! كنا نحن الصغار مع عمي رحمه الله يأخذنا ويسلينا حتى اننا كنا نناديه , أبي , كان رجل دين يقوم لصلاة الفجر ويخلد للنوم باكراً كان يامرنا للصلاة فكنا نصلي امامه فقط
بقي عمي المتدين يرعانا بقدر استطاعته ووقته فيأخذني مع اخوتي الى الحدائق ويسرّي عنّا ويعطف علينا الى ان خرج والدي قبل مضي مدة سجنه مع من خرجوا في العفو الرمضاني جاء والدي ليواصل عيشه معنا وكان قد اصيب برصاصة في ساقه وفقد توازنه بالمشي .
لا زلت الى اليوم اذكر تلك المرأة الطيبه الحنون التي كانت تعمل خادمة بالمدرسه . فتنقل الأوراق بين الفصول والمعلمات , وتقوم بإعداد الشاي والقهوة , وتسقينا الماء ايام الإختبارات , جاءت يوما الى فصلنا وقالت : ان المديرة تريدني , فخرجت معها وانا خائفة لا اعرف ماهو سبب استدعائي . فاذا بامي عند المديرة قالت : ابوك عندنا بالبيت وطلبنا وعمك وأستأذنت لنا 3 ايام من المدرسة , خرجنا ولا اذكر كيف رايناه ولكن اذكر الوليمة التي اعدتها امي لاستقباله
لكنه تغيّر للأسف لم يعد ابي الذي اعرفه كان كثير الضجر عصبي المزاج سريع الغضب ولم يعد يهتم بنا او يسأل عن حالنا في المدرسة او يرعانا , حتى علاقته بوالدتي ساءت كثيرا اخذ يضربها لأتفه سبب .
الى الفصل القادم