مقآل نُشر لي في صحيفة"عآلم آليوم آلكويتيه" وآلشكر موصول للشآعره وآلإعلاميه: رنين آلذهب
"حشرآت على ضفآف آلشعر"
«ما إن تسمع بذكر أسماء «بعض» الشعراء في عصرنا الحاضر إلا وتتخيل أمامك ذلك الشحاذ وهو يقول «قدر الله علي» ولكن بطريقة مهذبة».
هذه العبارة التي سمعتها من شيخ طاعن في السن في قريتنا وهو يروي لي تركه استماع الشعر منذ 23 عاماً.
وقال بنبرة فيها حزن شديد: ياوليدي الشعر مامات بس «هيبته ووقاره» ماتوا..!!
نعم هو كقارع ايقظني، أو كطيفٍ من الماضي ومض ومضةً في زمن مُنكسِر تسابق فيه الشعراء على شرف السير على خطى النابغة عند (الغساسنة والمناذرة) والفرزدق عند ا(لأموييين) وغيرهما من شعراء التكسب فياترى كم منهما يوجد لدينا اليوم؟
فلقد كثرت في الآونة الأخيرة قصائد المدح المبالغ فيه فأصبحنا أمام (شحاذين سبشل) شوهوا مفهوم الشعر ووطنه الرحب وارضه الخصبة، فالجميع لايهمه أحد ولايعمل حساباً للشعر ولا قوانينه وفرضياته.
فمنذ ظهور تلك العينة بكثرة على السطح بفعل بعض المطبوعات الشعرية والقنوات الـ(مسبقة الدفع) ومهرجانات التفاخر والبذخ جعلت كثيراً من الشعراء الحقيقيين يختفون بل وينتحرون تحت الظلام مما أحدث شرخاً في وجدان الشعر وضميره وتوازنه،
ومنذ غياب كثير من تلك الأقلام المشهود لها بالإتزان والعقلانية وإلى اليوم فقدت الساحة الأدبية الشعرية بريقها وقيمتها ومصداقيتها مع المتلقي خصوصاً وأن لغة ملء الجيوب يُجيد ممارستها الكثير من (الفاشلين شعرياً) الأمر الذي من شأنه جعل النصوص القوية والصادقة والتي تناقش قضايا اجتماعية تعيش في غربة بحثاً عن وطن وملاذ آمن بعيداً عن العبث لتُفسح المجال ل»كومة القش»
التي تصدرت أوائل الصفحات في كل عدد بعد أن كانت في حقبة الثمانيات وأوائل التسعينيات الميلادية تشرفت بضم عمالقة الكلمة فحقا من سره زمن ساءته أزمان.
فليس من المعقول أبداً أن يمدح شاعر معروف أميرا عمره لايتجاوز الـ 13 عاما بمبالغة كبيرة عندما يقول:
أنت الذي تاقف لك الدنياوأنت الذي كفك سحابه...ووو
ومن المضحكات المبكيات أيضاً شاعر كبير وإعلامي معروف في مطبوعة مرموقة مدح شيخين من قبيلتين بنفس النص مع فارق التوقيت الزمني وفقط تغيير الاسم مع تعديل بعض المفردات لدواعي الوزن!!
نعم لاتستغربون ذلك في وقت أصبحت الشاعرية كشهرة فقط وكوسيلة للتكسب والإغتناء والإنبطاح والتذلل وتعاطِي بعض أعيان المجتمع مع هذه الفئة بشكل مكثف وخصوصاً مع كثرة القنوات الشعرية «المنفتحة» لعبور هؤلاء الشواذ إلى مايطمحون إليه.
ولكن لاأعلم أهم شواذ أم من يكتب عن القضايا أصبح يعكس السير ويشذ عن البقيه؟؟
فكيف نأمن على موروثنا الشعري ومكتسباته التاريخية ومن يُمسك بزمام بعض المطبوعات الشعرية والقنوات الفضائية المهتمة بالشعر هم شحاذون محترفون؟
أكاد أُجزم بأن ابن قتيبة المتوفى عام 276 هـ لو كان معنا اليوم لوضع ضمن البواعث الخارجية لكتابة الشعر في مؤلفة -الشعر والشعراء- (الشحاذة) بل وأفرد لها باباً واسعاً وترك بقية البواعث الداخلية المؤثرة في كتابة الشعر الإبداعي.
أين هم شعراء الكم والسرعة وكيل المديح من قول الأمير خالد بن سعود الكبير
ليت المدايح كل أبوها على ساس
.......................وليت الثنا لا قيل قيل بمحله
يامرخص شعرك لعابس وعباس
.........................مدحٍ يذلّك لو يمصلحك خلّه
فما زالت أغلب نصوص شعرائنا هي نصوص مُصطنعة لدخول عامل الطمع والجشع فيها .
أين هي أمانة الكلمة وفضيلة الصدق من شعراء (المدح)؟؟
وهل أُصيب الغالبية من الشعراء بإنفلونزا العطاس حتى يأتي تشميته على قدر عطسته؟!
ولسان حالهم يقول:
«على قدر أهل العطسِ تأتي الدراهمُ»
هل حقاً جرت علينا تلك الكذبة التي تقول أن الشعر العامي يعيش أزهى عصوره وأقواها الآن؟
وهل ابن خلدون عندما قسم الشعراء إلى ثلاث فئات فئة مفكرة وفئتين تقتات على الشعر(اللهم لاحسد) كان ينظر بعمق مستقبلي بحيث أن ثلثي الشعراء مهرجون ومتسولون؟!
همزات وصل:
شاعر يصرح بصوت عال»الشعر إذا ماترس جيبك فلوس وش فايدته في ستين داهيه»
يقول الشاعر عيضة السفياني عن هذه الظاهرة:
«لاشك أن الشعر أدب يرتقي بالأشياء ويجعل المادة الخشبية في مناصب التتويج وينفث الحياة في الجماد وكل ماهو ساكن وبعيد عن التفاعل الإجتماعي البناء ورغم كل هذ اإلا أن مايُسمى بشعر الشحاذة قد تكون تسمية خاطئة لأن الشعر أرقى وأسمى من هذه الظاهرة ولكن الأفضل أن نسمي هذه الظاهرة شحاذة الشعراء ونفصل عنهم الشعر؛ هذا الكائن المتنامي للسمو والرُقي وهم في الحقيقة (وأقصد بهم هؤلاء الشعراء) حشرات تعيش على ضفاف الشعر».
يقول متعب التركي «وهو شاعر إعتزل الشعر بعد إلتزامه»
(أشعر في أحيان كثيرة بالأسى على وضع الساحة الشعرية الحالي)
شاعر يمدح رجلا وهو لايعرفه وعندما أستوضحت الأمر قال لي :من شان الزرقا نطوع القوافي.
نقطة الختام مع أبيات للشاعر مانع القبع:
شعرٍ هذاه أتلاه تبغى الصدق ينعاف أوله
........................مافيه عفه»حب قيس» ولافخر «غزوة حنين»
من مهزلة نطلع وندخل كل يوم بمهزله
...........................وهذا هو اللي حد من كثر إنتشار المبدعين
الطيب خلوه لهله والشعر خلوه لهله
.............................للمبدعين الأولين والمبدعين الحاضرين