تأمُّلاتٌ..
لا أدري هل هذا مكانها هنا؟ أم لا مكان لها ؟
لكني سأكتبها لكم لما تحمله هذه الخاطرة من التناغم بين القوة الموسيقية للصوت ، و بين الفكر المتلقي و القلب المستمع الهائم.
حِيِنَ أَسْمَعُ القُرءانَ – خُصُوُصَاً آياتَ الوَعْدِ و الوَعيِدِ أو آياتَ الإعجازَ في الكونَ ، أو آياتَ الإمتنانَ على العبادِ بِشَتَّىَ أنوعِ النِّعَمِ – بصوتٍ يمتلكُ السُّلَّمَ المُوسِيِقِي ليتناغمَ معَ رَوْعَةِ المَعَانيِ ، أجِدُنِي لا أمْلِكُ القُدْرَةَ على مُغَالَبَةِ أجْفَاِنِي .
تَسَائَلتُ كَثِيراً : لِمَ ؟ ، و ما هيَ المَرَاحِلُ الطبيعيةُ التي مرّتْ بها عَبَرَاتِي حتَّى وصلَتْ إلى هنا ؟!!
فوجدتُ أن:
جَمالَ الصوتِ حَمَلَ رَوْعَةَ المَعَانِي على طَبَقٍ مِنْ حُرُوفِ رِيِشَةِ أَبِي تَمَّاَم الجَمَالِيَّةِ ، و ذلك على النحو التالي:
جمالُ الصوتِ في حَدِّ ذاتِهِ بِمَنْظُومَةِ : ارْتِفَاعِ نِسْبَةِ الحُزْنِ فِيهِ تَدْرِيجِيَّاً ، و انْخِفَاضِهَا كذلكَ تدريجياً ، و اعْتِدَالِ نِسْبَةِ النَّغْمَةِ المُتَكَيِّفَةِ مع انْسِيَاقِ المجموعةِ البيانيةِ في (النَّصِّ السَّمَاوِي) مع شُعُورٍ بالقَدَاسَةِ و الخُصُوصِيَّةِ للكلامِ الذي يُكْسِبُ الصوتَ الروحانيةَ المُفْعَمَةَ ، جَعَلتْ منهُ ريحانةً تَنْفُذُ إلى الأعماقِ ، فانتعشتْ المشاعرُ ، ففاضتِ العُيونُ .
فاضت العيون:
إمَّا فَرَحَاً بما يحملهُ النَّصُّ من البُشْرَى. و إمَّا خَوْفاً من الوعيد .
و إما تخُاوُفاً من الوعيد ؛ اختلاقاً لمُبَررٍ وجداني قائمٍ من خلالِ المجموعةِ السابقةِ من العواملِ ، و ذلك لغرضِ الحصول على المتعة في الحزن أو الفرح .
و إنما ترغب النفس في البكاء لأنه يريحها من عناء الجدية و الجفاف بسبب التكاليف في الحياة فهي تشعر بالمتعة من خلال كل تلك العوامل و الآثار ؛ لكي تأخذ الأحاسيسُ حقها من إسبال العبرات بشكل متناغم مع الفكر و الوجدان ، فتستمتعُ الأحاسيس و يُلقي الفكرُ بجناحيه مُحلقاً فوق سماء الرفرفات الوجدانية ، فلا يكاد يكون إلا ضيفا خفيف الظل على القلب و العقل الباطن .
و لو انتقلنا إلى جانب آخر من التأمل فقلنا :
أليستْ بعضُ الكلماتِ تجعلُ بعضَ أعضاءِ الجَسَدِ تتفاعلُ و تتحرك ؟؟
سأخبرك:
* النكتة المُضحكة ... تستثيرُ شفتيكَ و صوْتَكَ ، و ترسمَ على مُحيَّاكَ بسمةً و سروراً. و هي كلمة أو جملة ، لكنها هنا اجتمعت مع قوة الخيال للمحتوى.
* الكلام الجارح يجعلُ الغضبَ أو الحزنَ ينطبعُ على تقاسيمِ وجهكَ ... لكنه هنا امتزج سبب التأثير بعدة متراكمات في العقل و القلب .
* القصةُ المحزنة ,,, تُبكيك .... القصة الماتعة ، تمتعك.
حقيقةً فكرتُ في هذه الأشياء و توقعتُ أن تأتيَ ثورةٌ علميةٌ فتكتشفُ أن للكلام أو الأصوات القدرة على التأثير إما سلباً و إما إيجابا على البشر ، و توقعت أن يكون للأصوات معايير و مقاييس من حيث التأثير و عدمه ، و ذهبتْ ظنوني بعيدا بعيدا إلى درجة أنني تخيلتُ أنه قد : يكتشفون من خلال مبدأ تأثير الأصوات على سلوك و نفسيات البشر ، قد يكتشفون طُرقاً لتسخير الأصوات أو الكلام في معالجة بعض الأمراض ، لا يمنع أبداً أن تكون بعض المجموعات الصوتية ذات كيفية خاصة في التركيب و الإنطلاق لها القدرة على استهداف جهاز المناعة فيتخلص من بعض الأمراض العضوية.
طالما أن التأثير بالأصوات – بغض النظر عن مدى التأثير - حاصلٌ من غير شك ، فلا يمتنع أن يتحقق هذا الخيال.
احتمال الإمكان ، و وجود جزء منه -و لو مُصغَّرا- يعني احتمال تطور القدرات البشرية لتكتشف كامل الطاقة و القدرة في الصوت ، و ربما تم إدراجه ضمن مواد المختبرات لصناعة حُزَمٍ من الفايروسات لتُستخدم بحسب الخير و الشر الذان في البشر.
لا أدري... لكنني ظننت ذلك ...
هل القرءان الكريم من هذا القبيل؟
نحن نعرف أن القرءآن الكريم شفاء للناس ، سواء لقلوبهم أو اجسادهم ، فهو شفاء على الإطلاق. ( لاحظ لم يعبر ب كلمة (دواء) ، لان الشفاء يعني النتيجة للدواء بغض النظر عن نوع الدواء ، كأني به يعني نتيجة قوة و طرد جهاز المناعة للمرض (و هذا هو الشفاء))
بكل تأكيد أنه يحمل من القوة الروحانية ما يُخْضِعُ الجسمَ على الإنصياع و الإستقامة البدنية - إن قُرِئ على وجهِ النيةِ و الإخلاصِ و اليقين .. لانه من العليم الخبير.
.... فعلا لا مانع أبدا...
اسمحوا لي أن أبتعد قليلا في الكلام على تأثير الأصوات...
و آمل من الجميع تفهُّم وجهة نظري ، و حملها على مطلق التأمل فحسب ، دون التعرض لأي حكمٍ شرعي هنا.
المقاطع الموسيقيةُ الحزينةُ لها تأثيرٌ في عكس نفس قوة حزن الموسيقى على الوجدان ، و مثلها الراقصة ، لا شعوريا ، تجد الشخص يتفاعل و يبدأ يهز رأسه أو رجليه أو ما شابه.
و إني لأستغرب جدا الغرابة من بعض الأطفال ، حينما يسمع موسيقى راقصة فإنه دونما وجود قدوة له في هذا الرقص تجده يرقص ...
ما الذي حركه؟
إنه سحر الصوت ، إنها الترانيم الموسيقية التي تحمل في طياتها هذه القفزات و الرقصات.
الصوت يتكلم ,
النغمة تُخاطب.
لذ أُمرنا بتحبير القرءان تحبيرا ،يعني تجويده و تنغيم القراءة به ، ليكون (التحبير و التنغيم ) عنصرا مساعدً إضافةً إلى ما فيه من القوة الروحانية و العقلية على التأثير و قرع باب العقل و القلب معا.
و كما أن الصوتَ قد يكون وسيلةً للتعذيب :
قال تعالى (فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىَ فَعَقَرَ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * إِنّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ )
فكثيراً ما يكون كذلك وسيلة آسرةً للقلوب .. و مدعاةً لشد الروح إليه.
قالوا:
.......و الأذن تعشق قبل العين أحيانا