أين أنت مما تكتب؟!!

[خميس السلطي]

أين أنت مما تكتب؟!!

بقلم: خميس السلطي

* قدر للإنسان الشاعر أن يكون مختلفا عمن سواه من بني جلدته وذلك لما ميزه به الخالق بالكثير من المعطيات التي يفتقرها الإنسان العادي ، ولأن الإنسان الشاعر تميز بملكة الشعر فهناك الكثير من التبعات التي يحظى بها ، منها ماهو مادي وملموس ومنها ماهو غائب عن الأعين والمشاهدة المجردة ، فثمة صفات قد يتصف بها الشاعر وقد تكون ملازمة له تسكنه في محيط حياته اليومية المختلفة بجميع مفرداتها هذا إذا أردنا المبالغة في القول أهمها الجانب الإنساني المفعم بروح الصدق ونبل التعامل الذي قد يفتقده الآخرون ، فالبصيرة تقول إن هذا الإنسان (شاعر) ولابد أن يصقل ويبلور ما يكتبه في أجندته الشعرية بصورة تمثله في المقام الأول ، رغم إعتراف ذواتنا إن الشاعر قلما ما يكون منظم فكريا وذهنيا وإنما يبقى في دوامة متغيرة قابلة للتبديل والتغيير في أي وقت من الأوقات، ولكنه في نهاية المطاف يبقى تحت وطأة أيديولوجيا الشعر التي تميزة عن غيره ولكن ثمة ما يناقض هذا التوجه حيث نر الكثير من الوجوه الشعرية في واد وما يكتب من قبلها في واد آخر كما يتبادر في ذهن الإنسان العادي المتلقي والمتتبع لهذه الوجوه الكثير من الأسئلة التي قد تشكل شرخا في مخيلته تجاهها ، وقد لا يسأل الشاعر عن مفردات حياته اليومية ويظل الأهم ما في الأمر هو الشعر فقط بعيدا عن الجانب الإنساني والنبل والحلم والصدق والأمور الحياتية الأخرى وهذا بكل تأكيد إعتقاد الكثيرين ممن حملوا لواء الأصولية الشعرية ولكن يوجد هذا تناقضا واضحا يفكك جيوب الوازع الشعري ويحدث هوة بين ما هو إنساني وما هو شعري ، وهنا تبرز ملامح التخبط التي تبين الفراغ الذي يسكنه هذا الشاعر ، وهذا إن دل فيدل على فقدان أبجديات الوعي الحقيقي لديه ، فهناك أمثلة كثيرة على هذا النمط في ساحات الشعر المختلفة ، تخيل أيها النقي لو أنك شاعر تكتب في الأمانة وفضائلها وأنت أول من يهتك عرض الأمانة ، تخيل لو أنك شاعر تتبجح في قصائدك بالفضيلة والرقي الإنساني وتدعوا إلى قطف عنق غول الخيانة وأنت أول من يخون عرضه وبيته وإنسانيته ، تخيل إنك شاعر تمتدح وطنك مشبها أرضه بالخلد والنعيم بغية الحصول على مادة قذرة فانية وأنت في حقيقتك أول من يسب ويلعن خيراته وينكر فضله ، هكذا يكون التناقض مشرعا بأنيابه النتنه التي لا ترضاها أرض الشعر الطاهرة ، نعم نعترف ونقول إن الساحات الشعرية لدينا ملئية بأوباش الشعر الذين أبتلياء بهم وزجوا بقداسته إلى مناضد التملق واللغو ، ولنعلم ولكي نكون مقربون من قلوبنا لابد أن تكون النفس الشعرية دائما منزهة غير قابلة للإنحاط الفكري والأدبي ، ففي إعتقاد الوعي هذا يشكل إنهزاما للأدب فيما لو تفرعت أصول التخلف الشعري فلكي نصبح مثلما اعتقدنا بإننا (شعراء) لابد من الأخذ بمقتضيات الجانب الإنساني وان يكون الشاعر أداة تصقل ما يكتبه في ظروف حياته اليومية، تصيّره ليكون ذو قبولا لدى محبيه بالصورة التي يرضاها ويألفها عادة، لأن ما ميز به الإنسان الشاعر من صفات هناك ممن حرموا منها أبدا.