هذه الشخصيات العجيبة المريضة التي عرضها سعد الدين وهبه
في كتابه " نادي النفوس العارية "كان يستطيع أن يعرضها أكثر وضوحا
وتأثيراََ في مسرحية جديدة او فيلم جديد بما أنه مؤلف مسرحي وكاتب سيناريو مصري.
ولكنه فيما يبدو لم يرد أن يمنح هذه الشخصيات شرف التحرك الدرامي فوق المسرح
لأنها في نظره لا تستحق هذا الشرف وكل ما تستحقه هو الهجاء والسخرية
والتعرية من الاثواب والألقاب وكل أنواع الزيف الآخر التي تتستر به أمام الناس
" نادي النفوس العارية "
كتاب وقع مؤخرا تحت يدي أخذ من دهشتي واعجابي وتعجبي
هو نصف عنوان الكتاب الجديد
أما نصفه الاخر فهو " حوار مع ارسطو "
ولكن هذا الحوار مع ارسطو يتعلق كذلك بالنفوس العارية أو بنفس واحدة علي الأقل
من هذه النفوس العارية كما يراها الكاتب سعد الدين وهبه
فما هو نادي النفوس العارية ؟
هو مكان خاص يجمع خليطا غريبا من البشر يجتمعون من حين الي حين
" وقد اتفقوا فيما بينهم علي ان يقدم واحد منهم نفسه في كل اجتماع عاريا من الداخل ..
ففعلوا وتعاقب الأعضاء يكشف كل منهم عن نفسه في جرأة مصطنعة "
وكان الكاتب _ فيما اخترع من قصة النادي _ حاضراََ هذه الاجتماعات
يسجل اعترافاتهم وينقلها بامانة تامة للحقيقة والتاريخ
واعترافات هؤلاء الناس ذات اهمية خاصة لانهم من ذوي الأهمية في المجتمع
فان من بينهم من يقول : انا مثقف
ومن يقول " أنا متجاوب "
ومن يقول أنا غير موافق "
ومن يقول : أنا تقدمي
ومن يقول : أنا ناجح ومن يقول : أنا شاعر ومن يقول أنا مخرج
وليست الأنانية هي كل ما في نفوس هؤلاء الناس من الداخل
إن نفوسهم سراديب حالكة تتكدس فيها الأسرار والأوزار
وعلي أبوابها حراس اشداء يقاتلون عنها بالمخالب والأنياب
ومن المدهش ان هذه السراديب المظلمة يشتد ظلامها وخفاء امرها
وعدوانها علي الحقائق والأضواء
كلما كان صاحب هذه السراديب فنانا او قريبا من الفن نوعا من القرب
يجعله منسوبا اليه بدرجة من الدرجات
فقد تجد في نادي النفوس العارية بصيصا خافتا من النور عند بعض اعضائه
ولكنك لا تلمح هذا البصيص الضئيل عند المخرج او السيناريست او الشاعر
او المثقف وكلهم ينتمون الي الفن بالحق او بالباطل
فالمثقف الدعي مثلا يزعم لنفسه العلم بالموسيقى الأوروبية
وهو لا يعرف عنها الا شيئا بالغ الضألة يطلع عليه في المجلات الاجنبية
ولا يكتب عنها إلا ما يترجمه ويقتبسه من هذه المجلات
موقعا باسمه الكريم أدناه
ولا يحفظ الا اسماء مؤلفي الموسيقي وعناوين الأوبرات
يكتبها في مقالاته او بحثا من عم جوجل وكأنه جاء بها من اوربا رأسا
ومن المانيا مباشرة او من رأسه الذكي
اننا جميعا نعرف هذا النوع من المثقفين الخاويين المنفصلين عن شعبهم ووطنهم ..
كل كتابتهم من النقل والترجمة ثم الإدعاء والتشدق بمواقف زائفة
وازدراء كل مكتوب بحروف عربية وكل منطوق بلسان عربي
احدهم مثلا لا يسمع ام كلثوم ولا أي أحد من عمالقة طربنا
بل احيانا لا يكتب عنهم
لأنهم في نظره لا يصلحون موضوعا للكتابة الرفيعة المستوى
اما الموسيقى السيمفونية والاوبرا الالمانية التي لا يفقه شيئا حقيقيا فيها
يكتب عنها نقلا واقتباسا فهي الفن الحق الرائع !!
4 يناير 2016
.....
\..