:
:
مع قدمها وتغير بعض الآراء ؛ إذ وافقت النقاد ، ولكن ليتقبلها ذوقكم الراقي كما هي منبأة عن فترة حماس للشعبي ،
مع أن النظرة للشاعر لم تتغير أبدا :
أود أن أنبه بداية قبل طرح هذه الدراسة أنني كنت أقدم رجلا وأؤخر أخرى في طرحها تبعا لنظرة النقاد والأدباء وموقفهم من الشعر النبطي (وليس الشعبي) وخصوصا المكتوب سواء كانت دراسة فنية أو نقدية أو غيرها ، لأنهم يرون أنها ليست شعبية ، أي لا تعبر عن الحالة الشعبية وليست بلغتها ، وإنما حين تعلم الشاعر وتثقف ودرس في المدارس والجامعات والمعاهد أتى ليكتب بلغة ليست لغته ، ولا تعبر عن الشارع وتصطبغ بصبغته ولا تعكس وجدانه ، ورؤيتهم له أنه لابد أن ينحصر بالمشافهة والرواية دون أن يكون له من يهتم به دراسة ونقدا ، وأنا ومع احترامي لوجهة نظر النقاد الذين يقولون بهذا القول إلا أنني أخالفهم في هذه النقطة لأمور كثيرة منها :
أن هذه الدراسات توافق الفترة الزمنية للتوجهات العامة في الوقت الــ (ما )بعد حداثي من العودة للخصوصيات ، وفتح الآفاق للمهمش والمسكوت عنه في الخطاب ، وليست هذه القصائد النبطية إلا نافذة تطل على قدر كبير من المسكوت عنه إذ كان أسيرا للإعراب النحوي الذي لا يتقنه إلا المتخصصون في هذا الفن ،وكذلك للرؤية العامة لبعض المناهج النقدية الحديثة التي ترى أن اللغة هي التي تتكلم على ألسن قائليها وليس هم الذين يتكلمون بها ، فعلى ذلك فلغة القصيدة النبطية تحمل ما تحمله اللغة الفصيحة من إشارية الكلمة ورمزيتها ودلالتها لمدلول غائب وصورة في ذهن المتلقي ، ولم تتخلف فيها إلا العلامة الإعرابية (النحوية) في أواخر الكلمة – الترتيب الذهني وإدراك العلاقات الذهنية بين الكلمات في الجملة-
ولا تخفى دلالة لغة القصيدة النبطية على المعنى العام وإشارتها للمعنى المقصود دون الترتيب النحوي بين أركان الجملة الأساسية من مبتدأ وخبر وكذلك بين الفعل وفاعل ، وكذلك هذه هي توجهات الجامعات الغربية في هذا الوقت ودراسة اللهجات دراسة لغوية وفنية لأنها أصدق في عكس الحياة العامة التي يعيشها الجميع وكذلك يتحدثون بها لا الفصحى التي لا يتقنها إلا النخب وطلبة الجامعات وأساتذتها .
كانت قصيدة الشاعر / خلف المشعان ( حكاية عن إنسان مسكين) هي التي قادتني لكل هذه المقدمة ،لأنها تجري مجرى الحكاية ، وذلك لتشريحها والغوص في المسكوت عنه فيها – رغم ضعفها ، لا من الناحية الفنية وإنما لعدم انفتاح النص وقابليته للتأويل القرائي – والذي يبدع فيه الناقد إبداعا آخر يكون امتدادا لإبداع الشاعر في قصيدته .
بحكي لكم قصه عن انسان مسكيـن
ربـا يتيـم وكـان رابـع خواتـه
ابوه مات ولا تـرك لامهـم شيـن
ما غير رحمة ربهم فـي وصاتـه
وعاشوا على شغل امهم بالفساتيـن
وياحسين ود الثوب يا حسين هاتـه
باول حياته جرب الشين و..........
هو فيه زين يجربه فـي حياتـه ؟!
باول حياته جرب الشيـن والشيـن
مافيه زيـن يجربـه فـي حياتـه
إن راح يلعب عيـروه الوراعيـن
واذا رجع للبيت مـو مـن حلاتـه
يسمع كلام امه عن الفقـر والديـن
ويضيق فيه الكون باربـع جهاتـه
يعني بنت مستقبلـه دمعـة العيـن
ما عاد تفرق عـن حياتـه مماتـه
كبر وصار اكبر حرامـي دكاكيـن
يسمـع بفقـر الذيـب والا غناتـه
لين كفشوه وصارله اربـع سنيـن
يدعي لرب البيت بآخـر صلاتـه
يارب تشملنـي بعفـو المساجيـن
وتفرج عن اللـي يرتجنّـه خواتـه