أصبح ثاني رئيس تحرير يغادر الصحيفة خلال أقل من ثلاثة أعوام
خلف الحربي يوضح لإيلاف ملابسات مغادرته صحيفة شمس السعودية
· يمكن القول أن استقالتي جاءت على نفس طريقة منصور البلوي!
· وقد جاءني خبر الإقالة 75 مرة.. وفي المرة 76 صدق حدسي!
· شمس حجزت لها مساحة بأقل الإمكانيات
· *ولست حزينا لمغادرتها
فهد سعود وأحمد البشري- إيلاف:
ربما تحول كرسي رئاسة التحرير في صحيفة شمس السعودية، إلى مقصلة الصحف المحلية، حيث تبدل فيها كرسي الرئاسة مرتين خلال السنوات الثلاث التي هي عمر الجريدة الشابة تقريبا، التي خرجت للوجود وهي تحمل رسالة واضحة بأنها صحيفة للشباب فقط، مدللة على ذلك بمظهرها الشبابي الذي يختلف عن بقية الصحف الأخرى، سواء بالشكل الخارجي، أو من خلال مضمونها الموجه للشباب.
ففي الأيام الماضية ظهرت بعض الأنباء عن إقالة أو استقالة رئيس التحرير خلف الحربي، ولأن استقالة أو إقالة رئيس تحرير إحدى الصحف السعودية يعتبر من الأخبار التي تحظى بمتابعة كبيرة، سواء في أوساط الإعلاميين، أو متابعي تلك الوسيلة، فإن الكثير من الشائعات انتشرت خلال الأيام الماضية، والتي أصبح مطلقوها نجوما في التأويل والتوقع، فإن إيلاف قررت أن تتجاهل كل ما يطرح ويقال حول هذا الأمر، والتوجه مباشره لصاحب الشأن لتحصل منه على حقيقة مغادرته شمس، والأسباب الفعلية التي ساهمت في تركه مقعد رئاسة التحرير في صحيفة شمس.
إيلاف أشعلت قنديل السؤال وأضاءت به قسمات خلف الحربي، لترى ملامحه في لجة الإشاعات التي صاحبت خبر الإقالة، الذي أجاب على الأسئلة التي طرحت عليه، فكان هذا اللقاء:
في البداية سألناه: هل أُقلت أم استقلت، وفي كلا الحالتين، ما الأسباب الحقيقية وراء مغادرتك كرسي رئاسة تحرير شمس؟
فأجاب: أقلت أم استقلت.. كلاهما نتيجة واحدة، يمكن القول بأني استقلت على طريقة منصور البلوي، وقد عبّرت عن ذلك في آخر افتتاحية لي في الصحيفة، فقلت أنا من شمس وشمس مني، وقد بذلت جهوداً كبيرة، ووصلت إلى مرحلة شعرت وقتها بأن الجريدة بعيدة عن شروطها الاحترافية، وعن شخصيتها كجريدة، لذا كان من الضروري أن أبتعد، أو أبُعد كما حصل معي.
وبالفعل كان هناك العديد من الخلافات في وجهات النظر، بيني وبين مجلس إدارة شمس، وكنت أؤمن بأن التحرير لابد أن يكون مستقلاً، حتى يؤدي دوره بكل كفاءة وفعالية، لكي تكون الصحيفة قوية وجريئة ومشاكسة. والخلاف كان بسيطاً وعميقاً في الوقت ذاته، وربما كان للإدارة بعض وجهات النظر، التي ربما لم نتوصل لحلول وسطية نستطيع معها التعايش سوياً.
ماذا يعني لك تضامن كلا من سكرتير تحرير شمس سامي الفليح وفهد عافت معك، بتقديم استقالتهم من الصحيفة بعد خروجك منها؟
في البداية أشكرهم على تضامنهم، وإن كنت أتمنى استمرارهم، فالصحيفة لا تقوم على شخص واحد، وهم شركاء في التجربة ، فسامي هو الحليف، وقد كان الجندي الخفي في الصحيفة، إذ كان يقوم بأكثر من 70 % من العمل، وبالعديد من المهام، وفهد عافت شاعر كبير قبل وبعد شمس.
وربما كانت مواقفهم نتيجة إيمانهم بموقفي، ولا استغرب عليهم ردة الفعل، فهم صحافيون اصحاب مواقف ومبادئ، وأود من جميع زملائي البقاء في شمس، وخدمة شمس.
خبر الإقالة هل جاء مفاجئا لك، أم أنك كنت تتوقع هذا الأمر في ظل الخلافات بينك وبين مجلس الإدارة؟
لم يكن مفاجئا لي منذ اليوم الأول لي في شمس، كان عزائي أن لدي هدف ومهمة لإنهائها، فقد كنت أحزم حقائبي كل يوم استعدادا للرحيل، يمكن القول بأنه جاءني خبر الإقالة على الأقل 75 مرة ، وفي المرة 76 كان الأمر صحيحاً، خلال سنتين ونصف.
هل أنت حزين لمغادرتك شمس؟ وما طبيعة العلاقة التي تربطك بالصحيفة، بحكم كونك أحد أعضاء اللجنة التي أشرفت على إصدارها؟
أنا أحب شمس، وشمس جزء مني، وقد تدرجت في الصحيفة بدأً من رئيس لجنة النشر، حتى مقعد رئاسة التحرير، ومن المؤكد أني ارتبطت بالناس الذين بها، وقد حققت شمس مساحة صعبة لنفسها وسط الصحف السعودية، حيث بدأت بإمكانيات لا توازي 10% من إمكانيات أصغر صحيفة يومية، وقد حققنا الكثير من الإنجازات بالعمل والسهر.
وانا لست حزينا، فانا صحافي محترف، ولا أحب البقاء في مكان واحد وإلا تحولت مثل القادة العرب الذين يستمرون عشرات السنين، وقد كان عندي تصور بأنه يتعين على خوض العديد من التجارب في أكثر من مكان. من يدري قد يكون الخطأ هو نتيجة وجودي على رئاسة التحرير.
هل أنت نادم على تركك المجموعة الوطنية للأبحاث والنشر من اجل شمس؟
كما قلت لك أنا صحافي محترف، والتجربة تحتم على الانتقال، والتجربتين أثرتني وزادت من خبراتي، وكلا التجربتين أعطتني شيء مختلف، فالمجموعة الوطنية أعطتني الخبرة في مجال العمل، وفي الصحافة كصناعة، وشمس أعطتني الخبرة كممارسة يومية، وفي شمس حاولت بإخلاص لخدمة الصحافة والحرية والكلمة. أنا فخور بكلا التجربتين، كما سأكون في غير مكان.
أخيرا، استاذ خلف، هل لنا أن نعرف ماهي وجهتك المقبلة؟
في النهاية توجه الحربي بالشكر لكل من عمل معه في صحيفة شمس، وتمنى أن تسير شمس في الطريق الصحيح لها. ويعتبر خلف الحربي، رئيس اللجنة الرباعية التي قامت بوضع أسس صحيفة شمس، مع رئيس تحرير شمس الأول بتال القوس، والإعلامي سعد الهمزاني، وسامي الفليح. وقد كان يشغل قبل أن يصبح رئيس تحرير شمس مدير التطوير الإعلامي لمجموعة الوطنية للأبحاث والنشر، وله مساهمات كثيرة في المجموعة، فهو من أسس مجلة ليالينا، وغيرها من الصحف، كما انه كان يعمل على وضع أكثر من دراسة لصحف اجتماعية واقتصادية ينتظر أن تظهر للوجود خلال الفترة المقبلة.
وعُيّن خلف الحربي رئيسا لتحرير شمس خلفا للإعلامي بتال القوس، الذي أقيل من منصبه بعد شهرين فقط من انطلاق الصحيفة، إثر إيقاف صحيفة "شمس" في إطار تحقيق يتمحور حول قرارها نشر الرسوم التهكمية بحق النبي محمد التي أوقدت الكثير من الغضب في أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي،بالرغم من أن "الصن" السعودية، وهو مسمى" شمس"،قد نشرت الرسوم إلى جانب مقالات تحث السعوديين لاتخاذ إجراءات شعبية ضد الدنمارك التي نشرت إحدى صحفها الرسوم لأول مرة، وبعد يومين نشرت فتوى للمفتي العام عبدالعزيز آل الشيخ، أعلى مرجعية دينية في المملكة المحافظة، أباح فيها نشر الرسوم إن كانت بغرض "إظهار القبح".
سامي الفليح: رفضت رئاسة التحرير لهذا السبب
وكان مجلس إدارة شمس قد كلف سكرتير التحرير سامي الفليح، بشغل منصب رئيس التحرير، لحين اختيار الرئيس الجديد، ولكن سامي رفض ذلك الأمر تماما، وقرر الرحيل. وعن هذا الجانب يقول سامي في حديثه مع إيلاف: قررت رفض التكليف والمغادرة تضامنا مع خروج خلف الحربي من شمس، لأن علاقتي معه أكبر من كل المناصب، فهي عشرة عمر امتدت لأكثر من 18 عاما كان فيها نعم الأخ والصديق. " قررت أن أتعامل مع الموضوع من جانب إنساني واخوي، قبل أي اعتبارات أخرى". كما عبر سامي.
كما أضاف سامي الفليح، في حديثه لإيلاف، أن أحد أسباب الاستقالة يأتي في إطار حماية الجانب التحريري في شمس من التدخلات الخارجية" لأنني أؤمن أن نجاح أي مطبوعة، يعتمد على استقلالية الجانب التحريري، لهذا كانت رؤيتنا أنه طالما هناك تدخلات في عملنا، فإن الخروج أفضل للجميع، لأن العمل لن يسير وفق ما نخطط ونطمح".
ولم يكن سامي الفليح هو الوحيد الذي قرر الخروج من شمس، والتضامن مع خلف الحربي، إذ أن الشاعر والكاتب اليومي في شمس، ومسئول قسم شطحات، فهد عافت، قرر هو الآخر المضي في طريقه، ومغادرة شمس، في خطوة تفسر على أنها اعتراض على القرار الصادر من مجلس إدارة شمس.
وشمس هي آخر عنقود الصحافة السعودية، فهي تعد الأحدث في هذا الحقل، وتتميز بكونها تعتمد على طريقة " التابلويد" الشهيرة في أوروبا، وحين ظهرت استطاعت أن تحرك الراكد من المواضيع الاجتماعية السعودية الحساسة، والتي تتجاهلها الصحف الأخرى، كما أنها دخلت في المحظور وناقشت قضايا لم يجرؤ غيرها على مناقشتها، وخلال السنتين الماضيتين، أصبحت شمس تستقطب اهتمام الشباب من الجنسين، الذين يجدون فيها متنفسا وأجواءً تتناسب واهتماماتهم وميولهم.