1- جعجعة .. رحى .. !
أين ما طافت عينك تراها ..
خضراء شامخة ذات هسيس موسيقي ..
ترقص كلما هزها الريح ..
تسدل شعرها كحسناء ..
النخل في قريتنا بهي المنظر مهيبه ..
سلاسل من لون أخضر مغبر ..
أفق لا منتهي الجمال ...
تحت الذهب يمشي ..
و رمش الشمس يغازله ..
طفل أشعث يركض حافيا ..
بكل لزوجه الحرارة و قباحة الجنون ..
يركض بين النخيل صارخا بفرح ..
و الأمهات حوله يحوقلن ..
سليل المجد ( مبروك ) القرية ..
ابن شيخ القبيلة .. ذريته الوحيدة ..
أسمر ...نحيل .. كغصن لم يكتمل بعد ..
ذو وجه جميل متناسق القسمات ..
و عقل أصغر من نملة ..
تعبت أم الحسن و هي تراقبه ...
فدفنت أصابع رجليها الدقيقة في التراب الساخن ..
و غفت تحت النخلة الكبيرة ...
و هي تسمعه يعوي تارة و يضحك تارة ...
يناديها (آسن ) (آسن ) ..
فلا يزيده صوتها إلا خدرا يتسلل إلى عقلها ...
و هي تفكر .. إيه يا (مدية) .. المبروك محق ..آسنة حياتك .. راكدة روحك .. قد أصبحت أم حسن دون أمومة و لا حسن .. دون أن يلمسك بشري .. أصبحت عجوزا نخرة .. هربت من عائلتك لتلحقي بركب القلب ... فمات الحب .. و نذرت نفسك أن تلصقي اسمه على اسمك بأم .... أصبحت جيبا فارغا .. بمكر كبير و دهاء كثير .. صدقتك القبيلة دون ريب أن اللصوص سرقوك..و شيخها جعلك تعيشين في بيته و بين نسائه تطوفين عينا حارسة .. و يدا حنون ..
تربتين على الصغيرة حتى تفهم .. و تداهنين الأساسية لتهدأ على الشيخ المزواج ...
و ما نهاية الزواجات هذي كلها إلا فتى ( هبيلة)* بلا عقل يسري بين المزارع و النخيل .. رحم الله أمه كم كانت كهذه النخيل تماما سمراء شامخة .. لم ترض على تزويجها للشيخ و لم تفرح بحملها و عندما وضعته ماتت كمدا ... على أبيها المخلوع و المعاهدة الكاذبة للشيخ .. تزوجها .. و قتل أباها و حلف على ملكية هذي الجنان .. فحصل على الولد و الأرض و الملك في ساعة واحدة .. ففاضت روحها .. ما تحملت الظلم و لم تنتظر حتى ترى كيف تدور الدنيا على الظالم .. فتطحنه .. كرحى لا تتوقف عن الصرير ...
~يتبع~
* هبيلة .. سفيه بلا عقل