الأمثال العربية - 2 -
جوع كلبك يتبعك .
يضرب فيما ينبغي أن يعامل به اللئيم . أول من قال ذلك ملك من ملوك حمير كان عنيفاَ على أهل مملكته يغصبهم أموالهم ويسلبهم ما في أيديهم وكانت الكهنة تخبره أنهم سيقتلونه فلا يحفل بذلك , فقالت له امرأته يوماَ : إني لأرحم هؤلاء لما يلقون من الجهد في العيش ونحن في العيش الرغد وإني لأخاف أن يكونوا عليك سباعاَ وقد كانوا لدينا أتباعا فردعليها : جوع كلبك يتبعك . فأرسلها مثلاَ , فلبث بذلك زماناَ ثم أنه أغزاهم فغنموا ولم يقسم فيهم شيئاَ فلما خرجوا من عنده قالوا لأخيه قد ترى ما نحن فيه من هذاالجهد ونحن نكره خروج الملك منكم أهل حمير فساعدنا على قتل أخيك وأجلس مكانه فأجابهم إلى ذلك فوثبوا عليه فقتلوه , فمر به عامر بن جذيمة وهو مقتول وقد سمعه وهو يقول جوع كلبك يتبعك فقال : ربما أكل الكلب مؤدبه إذا لم ينل شبعه .
كل فتاة بأبيها معجبة.
ويضرب في عجب الرجل رهطه وعشيرته . أول من قال ذلك العجماء بنت علقمة السعدية وكانت قد خرجت وثلاث نسوة من بني سعد في ليلة طلقة يتحدثن فأتين روضة فلما أطمأن بهن المجلس أخذن في الحديث فقلن أي النساء أفضل ؟ فذكرت كل واحدة منهن أوصافاَ , ثم قلن : فأي الرجال خير ؟ فذكرت كل واحدة منهن أوصافاَ فقالت إحداهن : إن في أبي لنعتكن , فقالت العجماء : كل فتاة بأبيها معجبة.
أحمق من دغة .
هي دغة بنت معنج كان من حمقها أنها كانت حاملاًَ فضربها الطلق فظنت أن بطنها قد غمزها فذهبت تطلب الغائط فلما تهيأت لذلك ولدت , فلما وضعته صاح فقامت مذعورة فجاءت إلى أمها فقالت : يا أمه هل يفتح الجعرفاه , ففطنت أمها فقالت : نعم ، ويدعو اأباه , فسألتها عن الموضع فأخبرتها به فانطلقت فوجدت ولدها .
أعيا من بأقل .
رجل من إياد يضرب به المثل في العي , ومن عيه أنه اشترى ظبياَ فحمله على عاتقه , فسُئل عن ثمنه ,فحل عنه يديه وفتح أصابعه وأشار بها وأخرج لسانه , يريد بأحد عشر درهماَ , ولم يلهم أن يخبر عن سعره بلسانه فانطلق الظبي إلى الصحراء فصار عيه مثلاَ.
جزاء سنمار.
سنمار رجل رومي بنى الخورنق وهو بناء رائع بالكوفة للنعمان بن امرئ القيس , فلما انتهى من البناء ألقاه النعمان من أعلاه ,فسقط على الأرض جثة هامدة , وقال : إنه فعل ذلك حتى لا يبني مثله لغيره ويضرب بهذاالمثل للمرء يرد على الإحسان بالإساءة .
أكلتم تمري وعصيتم أمري.
ويضرب المثل للناس التي تنكر الجميل وترد على حسن الصنيع بالجحود والإساءة
أول من قال هذاالمثل هو عبد الله بن الزبير عندما تخلى عنه بعض رفاقه في مواجهة الحجاج بن يوسف الثقفي قبل أن يتمكن من قتله.
أسد على وفي الحروب نعامة.
قال هذا المثل الشاعر عمران بن حطّان . ذكر صاحب الأغاني أن غزالة الحرورية - من الخوارج - لما دخلت على الحجاج بن يوسف الثقفي هي وشبيب بن شبة بالكوفة .. تحصن الحجاج وأغلق قصره عليه فكتب إليه عمران بن حطان وقد كان الحجاج لج في طلبه :
أسـدعلى وفي الـحروب نعامـة
فتخاء تنفر من صفير الصافــري
هلا برزت إلى غزالة في الوغــى
بل كان قلبك فـي جنـاحي طائر
إن البعوضة تدمي جبهة الأسد .
يضرب هذا المثلفي الشيء القليل الشأن الذي يمكن أن يكون شديد الأثر أول مرة ورد فيها هذا المثل كانت في بيت شعر لأحد شعراء العرب يقول :
لاتحقرن صغيراَ في مخاصمة
إن البعوضة تدمي جبهة الأسد
أشأم من البسوس .
البسوس جارة جساس بن مرة بن ذهل بن شيبان , ولها كانت الناقة التي قتل من أجلها كليب بن وائل وبها ثارت الحرب بين بكر بن وائل وتغلب والتي يقال لها حرب البسوس والتي استمرت أربعين عاماَ .
أبصر من زرقاء اليمامة .
زرقاء بنت نمير امرأة كانت باليمامة تبصر الشعرة البيضاء في اللبن وتنظر الراكب على مسيرة ثلاثة أيام وكانت تنذر قومها الجيوش إذا غزتهم فلا يأتيهم جيش إلا وقد استعدوا له حتى احتال لها بعض من غزاهم , فأمر أصحابه فقطعوا شجراَ وأمسكوه أمامهم بأيديهم , فقالت : إني أرى الشجر قد أقبل إليكم ,قالوا لها قد خرقت ورق عقلك وذهب بصرك , فكذّبوها , وصبحتهم الخيل وأغارت عليهم وقُتلت زرقاء , فقوروا عينها فوجدوا عروق عينيها قد غرقت في الإثمد من كثرة ما كانت تكتحل به .
ذكرتني الطعن وكنت ناسياَ .
ويضرب في تذكر الشيء بغيره ، وأصل هذا المثل أن رجلاَ حمل ليقتل رجلاَ وكان بيد المحمول عليه رمح, فأنساه الدهش والجزع ما في يده , فقال له الحامل : الق رمحك , فقال المحمول عليه فإن رمحي لمعي , ذكرتني الطعن وكنت ناسياَ .
رجع بخفي حنين .
يضرب في الرجوع بالخيبة ، وأصله أن إسكافيا كان يقال له حنين أتاه أعرابي فساومه في خف واختلفا حتى غضب حنين فأراد كيد الأعرابي , فأخذ الخف وطرح شقاَ منه في طريق الأعرابي ثم القى الآخر على مسافة منه في الطريق وكمن بينهما بحيث لا يراه , فلما مر الأعراب يبأحدهما قال ما أشبه هذا الخف بخف حنين ولو كان معه الآخر لأخذته, ومضى فلما انتهى إلى الآخر ندم على تركه الأول ,فعقل ناقته وأخذه ورجع في طلب الآخر . فخرج حنين من الكمين وأخذ الناقة وما عليها ومضى فلما عاد الأعرابي إلى قومه سَئل : بماذا أتيت من سفرك فقال بخفي حنين .
عش رجباً ترى عجباَ .
أول من قال ذلك الحارث بن عًباد وقد كانت له امرأة سليطة فطلقها .فتزوجها من بعده رجل فكانت تظهرله من الوجد به مالم تكن تظهره للحارث , فلقي زوجها الحارث فأخبره بمنزلته منه افقال الحارث : عش رجباَ ترى عجباَ . يريد أنه إذا عاشرها رأى من سوء عشرتها عجباَ. وذلك أنه شبه مدة تربصها في بيتها بشهر رجب الذي لا يكون فيه حرب فإذا انقضى حدثت فيه الأهوال .
صحيفة المتلمس .
ويضرب لمن يسعى بنفسه في هلاكها . المتلمس شاعرمشهور وفد هو وابن أخته طرفة بن العبد على عمرو بن هند ملك الحيرة فنزلا منه في خاصته . وكانا يركبان معه للصيد فيركضان طول النهار فيتعبان . وكان يشرب في قفانب بابه النهار كله ولا يصلان إليه فضجر طرفة وهجاه في أبيات مشهورة . فلما بلغ ذلك عمرو بن هند هم بقتل طرفة ولكنه خاف من هجاء المتلمس , فقال : لهما لعلكما اشتقتمالأهلكما فقالا : نعم , فكتب لهما صحيفتين وختمهما , قال لهما اذهبا إلى عاملي بالبحرين فقد أمرته أن يصلكما بجوائز , فمرا بطريقهما بشيخ يُحدِثُ ويأكل تمراَ ويقصع قملاَ ., فقال المتلمس : ما رأيت أحمق من هذا الشيخ , قال الشيخ : ما رأيت من حمقي ؟ أخرج خبيثاَ وأدخل طيباَ وأقتل عدواَ . وإن أحمق مني من يحمل حتفه بيده وهولا يدري . فاستراب المتلمس بقوله ,فمرا بنهر الحيرة على غلمان يلعبون , فقال ألمتلمس لأحدهم : هل لك في أن ننظر في كتابنا فإن كان فيها خيراَ مضينا له وإن كانفيها شراَ القيناها , فأبى طرفة , فأعطى المتلمس كتابه بعض الغلمان فقرأه عليه فإذا فيه السوءة , فألقى كتابه في الماء وقال لطرفة : أطعني والق كتابك ( فأبى عليه طرفة ) ومضى بكتابه إلى العامل فقتله ومضى المتلمس حتى لحق بملوك بني جفنة بالشام .
يتبع - 3-