دور الضحية
بقلم/ياسر العتيق
استيقظ فزعًا ينظر إلى ساعته، فقام هرعًا بعد أن نقر صلاة الفجر على عجل يوضب ملابسه استعدادًا للسفر،
وكان يقود بسرعة جنونية يريد اللحاق بموعد الرحلة؛ و قد نسي بعض أغراضه المهمة،
ولكنه تفاجأ بازدحام الطريق مما جعل عودته للمنزل مستحيلة،
و ما إن وصل إلى المطار بعد أن اسود سجله من المخالفات المرورية إلا وقد أقفلت الرحلة أبوابها، و حاول في الموظف قائلا:
- لم أتأخر سوى 15 دقيقة؟!
- الموظف: ولماذا تأخرت، ألا تعلم بوقت الرحلة؟!
- بلى ولكن الطريق كان مزدحمًا.
- الموظف: أنا آسف، لا أستطيع فعل شي.
- اتصل بزوجته: السلام عليكم
- الزوجة: وعليكم السلام، لماذا لم تسافر؟!
- طارت الطيارة عني.
لنقف هنا و نتأمل العبارات التالية: "الطريق مزدحم" ، "طارت الطيارة عني"،
تجد من خلالها أننا نلعب دور الضحية مع الأخطاء الناتجة عن تقصيرنا،
فأنا ضحية الزحام، و أنا ضحية التأخير، و أنا ضحية المجتمع،لماذا لا نقول:
"تأخرت عن الموعد"، "لم استيقظ باكرًا"، "أنا جزء من أخطاء المجتمع"،
أليست هي العبارات الصحيحة؟!
إن الكثير من الأخطاء لا نجد لها حلولا، بسبب عدم لوم أنفسنا بالتقصير أولا،
ولو لام كل واحد منا نفسه لاستطاع أن يصلح نفسه ومن حوله.
وقد تعجبت من تصريح وزير التربية و التعليم –حفظة الله- حين أمر بتكوين لجان تتقصى الحقائق في حادثة جدة،
و كأنه غير ملام فيما حصل، وأنه ضحية لمن تحته من مسؤولين،
بينما كان الواجب منه أن يلوم نفسه أولا، ليبدأ بتصحيح نفسه، ومن ثم يحاسب المقصرين أيضًا.
وذلك نقيض ما فعله المدير التنفيذي لشركة تويوتا في القضية التي رُفعت على الشركة
جراء خطأ صنع تكبدت الشركة بسببه أموالا طائلة، حيث صرح بكل شجاعة وهو يبكي ليعلن استقالته،
لأنه لام نفسه على ما حصل، فهو يملك شجاعة الاعتراف بالخطأ.
في كل حادثة أو خطأ نبدأ بتراشق الاتهامات:
أحد المسؤولين يقول: الدفاع المدني هو المسؤول.
والآخر يقول:بل إدارة التعليم في مدينة جدة هي المسؤولة.
و الثالث يقول: بل مديرة المدرسة هي المسؤولة.
و الرابع يقول: بل صاحب المدرسة هو المسؤول.
والخامس يقول: بل وزارة التعليم هي المسؤولة.
و في نظري الكل مسؤول عما حصل، بل حتى أنا مسؤول بسكوتي السلبي عما حصل،
إن لم أستطع الكتابة فلا أظنني عاجز عن الدعاء بصلاح المقصر و محاسبة الظالم،
وحتى الأب الذي دفع قرابة الـ 15 ألف ريال، وجل همه أن تتعلم ابنته الإنجليزية أو أن تتخرج بمعدل يخولها لدخول الجامعة،
لم يسأل هل في المدرسة مخارج للطوارئ أم هل هناك خطة للإخلاء؟!، وهل علم أبناءه كيفية التعامل مع الحريق؟!،
الكل مقصر مع اختلاف في درجة التقصير.
لماذا لا نملك شجاعة الاعتراف بالتقصير و الخطأ؟!،
أم أصبح الاعتراف بالتقصير رذيلة بعد أن كان فضيلة.
إذن أي خطأ يحصل فهو مشترك، ولابد من أن نلوم أنفسنا حتى نستطيع أن نتعامل مع الوضع،
"أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنّا هذا قل هو من عند أنفسكم".