ثمّ ماذا __؟!
ثمّ إني أحببتكَ بكل قوة استقامت بها الجبال .. و بكل ضعف أوهن خيوط العنكبوت .. بلهيب الشمس .. و دفئ الربيع .. بجرأة الموت .. و خلسة الشهب .. بدوران الأرض و ما تحدثه من آيات .. بشقاء الفقر .. بترف الغناء .!
أحببتكَ فوق طاقة المساء .. فوق دهشة المعجزات.
ثمّ أخبرني _
كيف أيقظتَ أحلام الخريف ؟!
و كشفتَ أسرار المجرات .. و أفزعتَ يمام الليل !
و شددتَ أوتار العمر .. و عزفتَ مقطوعة الحياة !
أي ضجيج صرخته ليهدأ عبثي بعقارب الساعة !
أي أغنية غنيتها ليرقص الموت و يعتذر للحياة !
كيف _؟
عدتُ بكَ جميلة فوق الخيال .. عدتُ بكَ أنشودة الطير .. و قبلات المساء .. و أنفاس الورد .. و ضحكة الطفل.. و بياض الغيم .. و أميرة البلاد .!
عدتُ أرتب عطوري .. و أعيد أحمر الشفاة إلى أدراجي .. و ألبس فستاني القصير الزاهي .. و أنثر ضفائري على وسادة الحلم .!
و لكنّي....!!!
أكره كل مايجعلني أُحبك .. و أُحب كل ما يجعلني أقترب منك ! أكره نشوة الفرح التي تطير بي و أنا بجوارك .. و أحب صباحاتي التي تستيقظ في نهارك .. و كأنها حقول السنابل .
في كل ليلةٍ افتح أزارير صدري للشتاء علّه يُطفئ جذوة الحب تلك المتقدة بأنفاسي .!!
و لكن الشتاء يعود محترقاً و يصرخ بكَ في أضلعي دفئا لأنام .!
أقسمتُ مراراً ألّا أشتاقك .. و لكنها تهزمني رائحة اسمي المعتقة بنبراتك .. يهزمني الحنين .. تهزمنى ملامحك .. تهزمني ساعتي التي تشير إلى رسائلك .. كلماتك .. ضحكاتك ..!!!
كالخطأ المقدس .. كالخطأ الصحيح .. كخطيئة تنبت على أطراف البهجة .. و تنمو إلى سدرة الدهشة .!
مرهقة أنا .. من تلك الهزائم في صدري .. من وفاء القلم .. من كبرياء الريح الذي يعصف في أضلعي .. لم يعد هناك متّسع حتى للنعيم الذي أرجوه .!!
أنتَ تُجيد الحب كثيراً و لا تُجيد الإقتراب مني !!
مليء صدرك باللهف .. عشقتُ حتى بياض الليل في مفرقك،
له رائحة الأمان، و فيه جنون شذّبَته الحياة ليبدو أنيقاً ملفتاً .
من صدرك إلى صدري محيط متجمد تخذله الشمس كل ظهيرة !
من صدرك إلى صدري عطر و وجه و قصيدة .
من صدرك إلى صدري موت و أعراف و خطيئة .!
لا عليك _
فالمسافات حيلة الوقت كي لا ينتهي !
و الحب حيلة الحياة كي تكون وسيمة في أعيننا .!
أيقنتُ بكَ أن للحب أشواق باردة .. و سؤال باهت .. و أحضان مثقوبة .. و أبيات مكسورة .. و ما يزال حباً لا يموت !!
كأسٌ و كأسٌ و كأس !! حتى ثَمُلَتْ بكَ أنفاسي، و سقط القمر و ترنّحتْ الشمس، و رقصتْ الهيبة، أدمنتكَ حتى تعافى الصداع، و أزهر التوت في جسدي، حتى تمرّد الجَوَى، وتهنّدَمت المعصية .! أدمنتك حد الاغتسال من دمي .!
ماذا لو _ كنتَ عابراً مرّ برائحة الطين ! ينثرها المطر من حين إلى حين .. لربّما كان هناك حب مختلف .
و لكنتُ قدّستُ آثار مرورك ابتهالاتٌ لقلبي كل مساء .. و كنتُ سأسكبها في قالب أُنثى تعشق التفاصيل _تفاصيلك_ ليشكّلها الحجر على خاصرتها هويّة .
ماذا .. و قد أصابتني ملامحكَ المتهالكة في ذاكرتي بالحياة !
ماذا عن طبقات الخيبة التي في صدري .. و جنوني الذي مازلتُ أهرول خلفه .!
ماذا عن المنتصف المكتّظ بكل شي فينا !!
و ماذا عن أَمَنة الحب تلك التي أفزعها صراخ الشمس !!
و التي كانت تترنّح منها ضحكاتنا على كتفي الليل منتشية من كأس السهر ..
أخبرتك ذات ليلة _
أنّي لا أخاف السقوط و أنا بين يديك، فزخم الأمان فيها يجعلني أطير بلا جناجين .
و أنّي حين أشتاق لا أحسب لتلك الحدود التي بيننا، أركض إليك مسافرة لا أبالي بمسافات التعب لألتقيك .
و أنّي بكل جنون أعبثُ بمفاتن السهر أمام فوهة بركانك و لا أكثرتُ لغضب الأرض .
ثمّ إني أُطفئ الكون حين ألتقي بك لتتقدّ النجوم في السماء،
و كأني التحف رواية حب هائمة، و أسير بين أحداثها منتشية روحي بفصولها .
سأعود حتماً إلى كل شيء أحببته فيك و فيني _ و لكن _!
إلى حدود الإكتفاء و ليس إلى حدود الحياة .. إلى سكينة الخيال و ليس إلى سكينة الروح .. إلى حاجة الليل حتى ينام .. إلى كذب الحلم و ليس إلى كذب اليقظة .!
و سنعود حتما سوياً إلى تلك المنتصفات مهما ابتعدنا .. ففيها نحن حين كنّا و كنّا .. و لكن ___
كمرور القطار على محطاته لا يأبه بهويّة الركاب ..
كعودة المسافر إلى بلده لأنه لابد أن يعود ..
كمرور السحاب من وجه الشمس دون أن تلتهب ..
ثمّ تسألني ببرود كاذب و شوق مختبئ يحترق منه السؤال _ كيف حالكِ ؟
و أُجيبك بلهفة طفل تائه و خِرقة كبرياء ممزقة على ملامحي _ أني بخير .!!
اطمئن __
مازالتْ الأرواح تتلاقى رُغماً عنّا !!
فإن كنتَ تشعر بذلك _
فغنّي لها أغنيتي التي أُحبها _ فإني _ مازلتُ أسمعها ..!!!
.