أنا وقبل كل شيء ( بريء ) من تُهمة التقصير عند هذا المتجغرف في كل مساحات الشعر ( جمال الشقصي ) .. أنا تلميذ لا أكثر يحاول الرسم في الرسم .!
لأني أثق أن كل قارئ حين يقرأ أسم ( جمال الشقصي ) مدون تحت أي عنوان فأنه يكون مثلي .. يترنح في غيبوبة التساؤل عن ما هيئة المتساقط من فكر هذا الشخص .. ويأتي يلهث للتمرغ بروحه ..
( براءة ) .؟!
عنوان نص يمتد بنا إلى أقصى مدى في التأويل .. لكن .. وما أن نبدأ في بسملة النص من مطلعة :
توسد طعنتك ليلةْ خذوا عشب اللقا.. والْقاك
________ وحاول لا لقيتك.. ما تعود وتهجر القفرا
حتى نعلم حينها أن هناك حوار قائم بين ( زاوية حادة ) و ( ظِل ) في محراب روح موجوعة .. وصلت إلى حد الإعياء .. وهذا ما ستحكي لنا أبيات النص عنه ..
جبينك مو رسالةْ ما/ تساقط من مطر يمناك
________ جبينك غيمتك.. عيّت ترشّ الما لك وتِدْرا !
تغّيبك النواحي كل أبوها .. لحظة اسـتدراك
________ تدارك وحدتك.. حتى تعرْف انك وطن ذكرى!
( جبينك / يمناك / جبينك / غيمتك / ترشّ )
إذاً يوجد حركة لـِ ( فعل ما ) أجاد هذا ( الجمال ) تنقيحه من الشوائب لنشاهده بوضوح في صورة مُلتقطة بعناية .. وضعها في رؤيا الحديث المُتعب .!
حتى يوحي للمائل أمامه أن ينتصب قبل أن تُغيّبه الحياة من جميع نواحيها وهو لم يتدارك نفسه في قوله :
( تدارك وحدتك ,, حتى تعرْف انك وطن ذكرى )
يااهـ .. هل هذا ما سنصبح عليه حتى وأن تداركنا كلنا .؟!
مجرد ( وطن ذكرى ) لا أكثر .. صفعة جميلة يا جمال رغم أنها لم تكن موجهه لنا .. إلا أنها أفاقة فينا كل شيء ..
إذا الماضي دعونك.. مدّ عونك.. صافح مْحياك
________ ألا وش تاهبك شمس الهجير وعمرك الصحرا؟!
الماضي ( دعونك / مدّ عونك ) .!
تلاعب أنيق ليصل نداء الماضي .. لِـ مدّة مصافحة الروح لهذا الماضي لأن شمس الهجير لن تهب الصحراء ربيعاً .. في تسأل موجع يضعه هذا المتشرد في زوايا وحدته ( إلا وش تاهبك ) ؟!
لـِ ينسكب لنا على هيئة جمال :
جمال.. أستحلفك : وش تعرق وتعرق له .. أترجاك ؟!
________ يبس ملح الزمان بجلدك المصلوب.. واستفرا
( جمال ) ؟!
إذاً كل هذا كان لـِ محاكاة الذات .. كيف فعلتها بنا يا أنت وأخذتنا معك في دهاليز تصاويرك لـِ نمتلي بالأسئلة حتى تخبرنا عن ملامح هذا المُحاكى .. وهي في أخر الرواق ذاتك .!
( جمال.. أستحلفك : وش تعرق وتعرق له .. أترجاك ؟! )
هذا الشطر يعيدنا إلى ما ذكرته سابقاً عن الصورة التي أرادنا أن راها بعين الدهشة في أبياته
جبينك مو رسالةْ ما/ تساقط من مطر يمناك
________ جبينك غيمتك.. عيّت ترشّ الما لك وتِدْرا !
لماذا يا أنت تزرع العرق في جبينك .. لـِ تسقي جفافُ من ؟!
وأنت تعلم وتستشعر وحدك طعنات الزمن قد تصلبت على جسدك الموشوم بالوجع حتى الافتراء بك .. في حين أنهُ لم يسألك أحد عنك ؟!
تعـال أذريـك لامـك سالفـة جرحينـك وملـجـاك
________ على باب الزمان اللـي طرقْـك.. وحضرتـك بـرّا..!
يَا كـم تسـري بنهـار العالميـن.. وليلتـك تِعْشـاك
________ بلاد الخـوف قنديلـك.. واراضـي وحدتـك قمـرا!!
شف اش سوّت طيورك يومها لا غصـن راك.. وراك
________ جهلت انـك.. ولا غيـرك تمنـى شجرتـك خضـرا
قم امشي.. باقـيٍ خطـوه أخيـره وتاصـل الشبـاك
________ قم اوقف ناظر أطـلال الطعـون.. بطعنـة البكـرى!!
تعال .. نداء مؤلم حين يكون من شخص لشخصه ..
وذلك لكي يذري ذاته ( لأمه ) .!
لكن :
( وحضرتك برا ) و ( بلاد الخوف ) و ( اراضي وحدتك ) دلاله على وجود ( غربه ) يحاول الشاعر أن يعيد ذاته منها إلى الوقوف على شباك ذاكرة الماضي لـِ يرى ما قد فاته .. لأن الحنين ينهش روحه حتى الإنهاك ..
وأعتقد أن هُناك أكثر من غربة في هذا الألم ..
جمال اش فيك؟ مَا انت اللي خبرته داخلي.. اش عرّاك؟
________ سكتّ تقـول؟! والاّ ان السكـوت فـداخلـك يقـرا؟!
موفـق خيـر.. لا تنشـد.. ولا تخابـر.. ولا تلقـاك
________ جمال اللي مضى ما انته.. جمال آظِن منْـك أبـرا..!!
في بداية هذان البيتين سؤال ( بحجم المعاتبة ) .. لا أدري عن كمية الوجع فيها وإن حاولت قرأته .. لأن المعني هو الوحيد الذي يشعرُ فيها ..
سكتّ ( والا ) ؟!
حيرة في هذا الصمت الصاخب وما الجدوى من العبث منه وأوتار الصوت محبوسة الروح ..
( موفق خير ) ( لاتنشد ) ( ولا تخابر ) ( ولا تلقاك ) أيُ يأس هذا الذي يُحيط بلسان حالك لـِ ترمي بك حائط اللامبالاة ؟!
هل .. لأنك لم تعد أنت .؟!
لهذا كان ختامها البراءة منك /. أبداً
فعلاً نص يأخذنا إلى التوغل فينا نبحث عن أجوبه لأسئلة لم نطرحها بعد علينا .. لـِ نجد أننا فارغين من كل النواحي ..
إلا من شعرك .. كما قلت لك سابقاً يا جمال .!
نحن بسطاء لا نطلب إلا أن نقرأ لك شعراً حتى الرمق الأخير كهذا ..