قراءتي في رواية المشرط " سيرة خديجة و أحزانها"
للروائي التونسي كمال الرياحي :
تدور أحداث رواية المشرط " سيرة خديجة و أحزانها " حول جريمة يرتبكها مجهول يسوق دراجته النارية وسط شوارع العاصمة التونسية و هو يرتدي خوذة تمنع التعرف إن كان رجلاً أم امرأة، يعتدي بالمشرط على مؤخرات النساء، و يختار الممتلئات منهن.
يبدأ الرياحي روايته بأحداث غريبة لا تمت بصلة إلى موضوع الجريمة، غير أنها أحداث مثيرة للإهتمام فيها الكثير من التشويق، حيث يسرد تجربة لها طابع خيالي لشخصية ابن خلدون الرجل الذي يجد نفسه يتعرف لأول مرة على عادات غرباء يعانون من كابوس يهدد أمنهم سببه هجوم لطائر غريب له وجه بغل سمّوه المخاخ ينقّض على الجماجم و يلعق المخّ إلى أن يقضي على ضحيته.
يعود الصحفي ليتناول موضوع الجريمة و يشتبه في أكثر من شخصية للرواية و قد تم الأخذ بعين الإعتبار الأسباب المعقولة التي جعلت المتهم أو المتهمة يرتكب جريمة كهذه، ثم يفسر الرياحي عنوان الرواية " سيرة خديجة و أحزانها" بأنّ خديجة هو الاسم الذي يطلقه التونسيون على المؤخرة، حتى أنهم يدلعونها ب "خدوج"، بعد أن استفسرت من بعض الأصدقاء التونسيين إن كانوا حقاً يطلقون الاسم على المؤخرة أخبروني أن هناك حقا من يطلق عليها هذه التسمية في الأحياء الشعبية، لكن برأيي على الكاتب أن يتحمل مسؤولية قصته و العنوان و حتى الشخصيات التي يخلقها. لأنّ اسم خديجة له مكانته في قلوب المسلمين لأن من تحمله هي أكثر امرأة أحبها آخر الرسل محمد عليه الصلاة و السلام، و هو يدرك تماماً هذه الحقيقة لأنه نوّه عنها في الصفحات الأخيرة بأنّ المجرم يعقل أن يكون أحد المتشددين إسلامياً و هو ينتقم من التونسيات لأنهن يطلقن اسم خديجة على المؤخرة !
يحشو الكاتب روايته بنصوص كثيرة لا علاقة لها بموضوع النص، مثل الرؤى التي رواها عن آدم و حواء، التي تحدث من خلالها عن ممارسة جنسية جمعتهما قبل أن يتركا الجنّة و شجاراً بألفاظ نابية بعد أن قطفا الثمرة.
أعتقد كقارئة أنّ الرواية كانت تحتاج لسرد أكثر تماسكاً، لأنّ عدم ترابط الأحداث و تعدد السرد من قبل أكثر من راوي يشوّش ذهن القارئ، بالإضافة إلى الإلتباس بين بعض الأحداث إن كانت واقعية أو من خيال البطل الصحفي الذي يتوهم و يصدق القصص التي يكتبها،في النهاية تخرج كقارئ من الكتاب بفكرة أنّ الروائي كمال الرياحي من المدافعين بشراسة عن المؤخرات، و بأنّ الجريمة لم يتركبها شخص واحد و لكن كل من يهاجم المؤخرة على طريقته هو متهم بأنه صاحب المشرط و سبب في أحزان المؤخرة .
بالأخير تمنيت أن أستمتع بقراءة الرواية حتى االنهاية كما بدأتها و أحزنني أن يبدد كاتب موهوب إبداعه في عمل كان يعقل أن يكون أكثر جمالاً و تماسكاً من الناحية السردية، للكاتب لغة جميلة، يرسم جيّدا ملامح شخصياته، له ثقافة واسعة لا تؤثر على أسلوبه ككاتب و خيال واسع يمكّنه أن ينسج الأحداث ببراعة لو قام بكتابة الرواية بأكثر جدّية.
من النصوص التي راقت لي و التي أقتبسها لكم من الرواية هذا النص:
" الكُتّاب أقذر خلق الله ! لا يمكنك أن تأتمنهم على أسراركَ أبداً، يبيعونك في عمودٍ رخيص، أو في قصة قصيرة في مجلة مفلسة، تباً لهؤلاء الكتّاب من يظنوننا ؟ فئران تجارب نزواتهم الحبرية ؟ يسرقون حيوات الناس و يبيعونها للمحبطين ... "
مجرد رأي و انطباع قارئة.
سارة النمس