قصة رحلة إلى شاطئ الوادي إحدى قصصي القصيره(الطفولية)..
أتمنى أن تستمتعوا بقراءتها و أن تنال إعجابكم..
آه يا لسعادتي و فرحتي،فقد وافق أبي أخيراً على الذهاب إلى شاطئ الوادي و البقاء هناك طوال عطلة الربيع.
يا لجمال هذا الشاطئ و روعته و ما أروع الطبيعة الساحرة التي تحيط به.
لقد عادت بي الذاكرة إلى تلك الأيام الرائعة و الممتعة التي قضيناها في هذا الوادي قبل ثلاثة أعوام.لقد اشتقت إلى تلك الأوقات الرائعة.
و لكن بسبب مرض جدي و انشغال أبي بتجارته لم نذهب إلى هناك منذ زمن بعيد.
و لكن هذا العام استجاب أبي أخيراً لرغباتنا.
(تنادي الأم): شيماء،محمد،عمر،هيا يا أطفال تعالوا جميعاً لمساعدتي فأمامنا عمل كثير،تعالوا لنساعد والدكم في تجهيزات الرحلة.
و هكذا قام الجميع بكل سعادة و حماس للتجهيز و الترتيب لهذه الرحلة،الصغير قبل الكبير،و جاء يوم الرحلة و ركبنا جميعاً في السيارة معنا الخيام و المعدات و كل ما تتطلبه رحلتنا هذه و التي أتمنى أن نقضي بها وقتاً سعيداً.
و بعد مسافة ليست بقصيرة وصلنا،و لكن ما هذا؟ماذا حل بذلك المكان الجميل؟!،سألت شيماء والدها بكل تعجب وحزن:أبي أهذا هو المكان الذي خيمنا فيه قبل سنوات؟،أيعقل أن يكون هذا هو؟!،لا أصدق حقاً لا أصدق.
فرد الأب:نعم يا شيماء هو المكان ذاته،و لكن الناس سامحهم الله دمروه بإهمالهم و لا مبالاتهم،حولوا ذلك المكان الساحر بطبيعته إلى مكان مليء بالقاذورات و حولوا طبيعته الجميلة إلى متجر للقاذورات.
شيماء:يا إلهي،انظر يا أبي ماذا فعلوا بالجمال و السحر،انظروا ماذا حل بهذا الشاطئ الجميل و ذلك الوادي الذي يبدو حزيناً و كأنه يشتكي من ظلم الناس،و طيور السنونو المهاجرة و النورس التي كانت تملأ هذا المكان،أين هي الآن؟!لقد اختفت تماماً،و ما الذي يبقيها في هذا المكان القذر،و كأن مجموعة من الوحوش الضارية سكنت هذا المكان و دمرته،بل قد تكون الوحوش أرحم على هذا الوادي المسكين منا نحن البشر.
يقول محمد و بكل شخرية:ها قد بدأت شيماء تتفلسف علينا.أختي الحبيبة و مالنا نحن و طيور السنونو و النورس و حتى البشر و ما فعلوه بهذا الوادي،لقد جئنا إلى هنا للاستمتاع لا لحل المشاكل الموجودة في هذا المكان.
الأب:لا يا محمد فشيماء معها حق،نعم معها كل الحق،ألا تذكر كيف كان هذا الوادي قبل ثلاثة أعوام؟ألا تذكر كم كان جميلاً و كيف قضينا فيه وقتاً ممتعاً؟ألا ترى الأن ماذا حل به و ذلك الجمال الذي سعدت به نفوسنا و عيوننا؟
أما الآن فلن نتمكن من القاء هنا إلا لوقت قصير و من ثم سنعود إلى البيت.
شيماء:لا يا أبي سنبقى هنا و سنقوم بتنظيف المكان و ترتيبه حتى يعود كما كان عليه سابقاً،و سنسعد فيه و سنقضي وقتاً جميلاً طوال العطلة.
محمد:ما أشد سذاجتك يا شيماء؛كيف سنقوم بتنظيف هذا المكان بكل هذه القاذورات؟،و لا تنسي أن فيه أعداداً كبيرة من العائلات التي تخيم هنا،و أغلبهم من اللامبالين بالبيئة و لا نظافتها.
شيماء:سنتعاون جميعاً مع بعضنا،و أراهنك يا محمد بأننا سنتعاون و سنعيد هذا المكان كما كان عليه في السابق خلال عدة أيام فقط.
محمد:أنا موافق و لكن إن لم تتمكني من ذلك فسأقوم بأخذ أي شيء من مقتنياتك الثمينة و سأحتفظ بها لنفسي.
شيماء:أنا موافقة و سأبدأ العمل من اليوم الأول لرحلتنا.
الأم:ستنجحين يا ابنتي فأنا أعرف أنك مثابة و نشيطة و سنقوم جميعاً أنا و والدك و أخوتك بمساعدتك.
بعد ذلك النقاش الحاد الذي جرى في السيارة اختار أبي المكان المناسب لنصب خيمتنا فقمنا بإنزال الأدوات و الخيم و المعدات من السيارة،و بدا الجميع مستعداً للمساعدة كل مشغول بتجهيز شيء معين من نصب الخيم إلى إنزال العدة من السيارة.و هكذا قمنا بتجهيز معسكرنا الذي بدا فعلاً جميلاً و كان سيكون أجمل لولا تلك القذارة التي تحيط به.
و مع بداية حلول الظلام قمنا بجمع الحطب و اشعال النار و تناولنا العشاء في جو أسري رائع.
و هنا بدأت شيماء اقتراحاتها حول مشكلة التلوث التي يعاني منها هذا الوادي،و اقترحت وضع خطة معينة للوصول إلى الهدف.
و طرحت شيماء سؤالاً بكل حماس :من يريد الانضمام إلينا؟،فرفع لجميع أيديهم عدا محمد و سعود طبعاً.
و اختار والدي عبارة (أنصار البيئة) لنا،كشعار للمجموعة.
و في اليوم التالي قامت أمي بإحضار أكياس القمامة السوداء و وزعتها علينا و قمنا أنا و إخوتي حمده و علياء و سطان وعمر بجمع القاذورات و النفايات من على الشاطئ،و بينما كنت منشغلة بدوري في تنظيف المكان التقيت بصديقتي نوره(تقول نوره):أهلاً أهلاً يا شيماء،كيف حالك؟،شيماء:بخير و الحمدلله،نورة:أنا سعيدة لأننا سنقضي الإجازة معاً و لكن ماذا تفعلون هنا يا شيماء أنت و إخوتك في هذا الصباح الباكر؟،شيماء:إننا تعاهدنا جميعاً نحن أنصار البيئة على تنظيف هذا المكان ليعود كما كان عليه في السابق،ألا ترين ماذا حل بهذا الشاطئ؟،ألا تذكرين كيف كان جميلاً خلال الأعوام السابقة،و لأن الوادي ملك للجميع قررنا أن نعمل كل ما بوسعنا ليعود كما كان عليه في السابق،نورة:نعم يا شيماء معك حق،لقد كان هذا الوادي رائعاً في السابق و لكن بزيادة أعداد الناس فيه و عدم مبلاتهم و إهمالهم اتسخ هذ المكان و أصبح غير مرغوب فيه كالسابق،و لكن هل حقاً تستطيعين أنت و إخوتك القيام ذلك وحدكم؟!
شيماء:نعم بالتعاون نستطيع أن نعمل الكثير.
نورة:هل لي أن أنضم إليكم يا شيماء؟
شيماء:نعم بالطبع.
و بعدها بقليل عادت نورة و بصحبتها عشرين طفلاً.
سعدت شيماء بذلك و أخذت توزع المهمات و الأدوار على الأطفال.فالصغار يقومون بجمع النفايات الخفيفة من على الشاطئ،أما الفتية الأكبر سناً فعليهم حمل الأشياء الكبيرة من بقايا الأخشاب و شباك الصيد القديمة و الأحجار،و لم يقتصر عملهم على الشاطئ فحسب بل امتد إلى داخل البحر،أما الفتيات فبعضهن تولى العم على الشاطئ و الأخريات تولين العمل في داخل الوادي.و جعلنا لكل قسم مسؤولاً يشرف على العمل.
أما والدي فلم يقصر معنا فإلى جانب دعمه و تشجيعه لنانكان يقوم بتوزيع الحلوى و الشوكولاته على الأطفال.
و هكذا استمر أنصار البيئة بعملهم بكل جد و نشاط وسط استغراب الناس و تساؤلاتهم و ما أن مضى نصف النهار حتى أصبح عددنا أكثر من خمسين طفلاً.
و لقد ترسمت الفرحة و الإعجاب على وجوه كل من هو على الشاطئ و في الوادي.
و هكذا انتهى اليوم الأول من رحلتنا و الذي قضيناه في العمل بكل إخلاص و إتقان و كنا سعداء بما أنجزناه خلال هذا اليوم الذي بالفعل كان جميلاً.
و في اليوم الثالث فوجئنا بأن عدد المتطوعين قد زاد بشكل كبير،فأمس كانت المجموعة تضم الأطفال فقط،و اليوم انضمت إلينا أغلب العائلات الموجودة على الشاطئ مع أطفالهم للمشاركة في الحملة الإنسانية التي حملت شعار كن جميلاً ترى الوجود جميلاً).
يتبعـ