حسناً , كما تريد أنا ناكرة معروف , وحقودة , وأكثر شيء أُحسن اتقانه على الوجه الذي يرضيني هو
إظهار ملامح الكره في وجه كل عابر يمر بي !
هلا أسديت لي معروفاً أخيراً وأخبرتني من تكون أنت ..؟
هه , أنا على يقين بأنني أول وجهٍ يُصادفكِ ويبادر بصفع وجنتيك بسؤال أحمق كهذا !
مم سأجيبك بالنيابة عنك إذ أنك لا تحسن لجم جوع أعماقي بإجابة مُنمقة كتلك التي أنتظرها منك !
أنت ناكراً للمعروف إذ أنك أزهدتني ومضيت وحدك ترتب فوضى أحلامك من بعد أن سرقت منّي عمراً شاخت به كل حواس إدراكي لنفسي ,
من بعد أن سرقت من كفيّ رغيف حلمٍ ظللتُ أُحيّك ثيابي بمقاسه فما أدركته إذ أن حسن نيتي بك كانت أكبر من رغبتي بالظفر به ,
وأمنيتي في حياكة ثوب بمقاسه , بمقاس جسده , بمقاس مسافاته , بمقاس سقوطي في فخّ الوصول إليه !
أنت منحتني وجهاً آخر لا يشبه وجهي , وجهاً أخرساً يحتفي بتجاعيد الغياب في كل ربيّع , وجهاً يشبه في تفاصيله الظاهرة وجهِ عجوزٍ شمطاء
تدعي صغر سنها وهي ليست بذلك , وجهاً يشبه في تشكيله وجه خارطة ميّتة لايدرك رائحة تعفنّها سوى من فقد رغبته بالنجاة من وحل الموت ,
وجهاً بات يخشى من ملامسة الأشياء الساكنة ومعالم الشُرود المنحشرة على رُفّ أسودٍ يبتسم له في كل عبور !
فأنا اليوم أُشبه ذلك الفقير العاجز عن إدراك خُطى النور التي تكفل له لجم جوع أعماقه التي تئن جوعاً بكسرة خُبز يابسة لا تستسيغ إبتلاعها أفواه العابرين سواه !
أو بالاحرى أشبهه حين يستجدي السماء أن تمطر عليه بالغيثُ حتى يشيخ حزنه ويموت جوعهِ ويفنى قبل أن يموت هو تحت قبضة إنتظار شيء لا يأتي !
أظنّك لا تفقه أي شعورّ هو ذاك الذي ينتبانا لحظة عجزنا عن إدراك أصوات من نُحب , ولا أظنك تدرك معالم الفقر على وجهٍ عاجزٍ ظل من بعد خذلانك له
يحرثُ بطن الذاكرة في كل انهمار للمطر بحثاً عن حقيقة حلم أحسن الظن بتفاصيله فأهلكته !
هذه إحدى خصالك السيئة : أنك ناكر للمعروف فقط !
وأما خطيئتك الثانية هي أنك تتقمص دورك كما يشتهي لك جشعك في إمتلاك ماليس لك أن تكون عليه , ولذلك أنت تفرط في كثير من الأحيان
في إستثارة شفقة من هم حولك كي يحسنوا الظن بك كثيراً فيصبح أمر شطبهم من قائمتك السوداء أكثر سهولة !
وأنا كُنت أحد أولئك الذين يرتعون في مُحيطك , وأنا كنت أشدّهم تعلقاً بك , وأكثرهم وثوقاً بوعودك المُؤجلة , وأحسنهم إتقاناً في رسم حدود خارطة الأحلام الكبيرة
على جبين عمر ظننته فيما مضى سيأتي بي معك وخذلني حسن ظني بك / بي / بكل
شيء جعلني أثقَ بأنك أكبر الأحلام وأعظمها على الإطلاق !
أتُصدق أنني كتبت يوماً على كفيّ أحدهم حين صرخ بوجهي : سارة أنا لا حاجة لي بالحب , إذ أنني لا أملك أن أمنح من يرغب بي أي شيء مهما قلّ
مقابل منحه إياي للكثير من الأشياء العظيمة , ولذلك يتوجب علي أن أرحل إذ أنني لا أستحقه أبداً !
كتبت على كفيّه :
حين لا تستطيع أن تمنح من تُحبّ رغيف حُبّ أو شظيّة حلم , لا تغادره ولاتحاول أن تنتزعه من اعماقك , فهو لم يبقى معك إلا لأنه يتمنى الظفر بك ,
يحلم بالوصول إلى قلبك , بالعبور إلى وطنك ,وعليك أن تثق بأنه وجد فيك شيئاً مُختلفاً / نادراً هو بحاجة إليه ولأجل ذلك هو باقٍ معك , يسمع صوتك
ويدرك خطواتك ويشعر بك دوماً !! لذا دعه يسرح في تشكيل ملامحك / ملامحه , دعه يحلم , دعه يرسم , دعه يغني فربما يجبرك حسن عطائه لك
على تقمصّ أدوار كثيرة ظننت أنت يوماً أنها لا تشبه وجهك الصلب , أكيّدة بأنك تستحقه فقط أكمل طريقك معه ودعّ الأيام تكشف لك عن حُزّمة الفرح الآتية لكما معاً !!
سأصدقك القول هذه المرة : قد يحصل أن يستحق الآخر منا أن نحسن الظن به ونمنحه كل شيء مُقابل احتوائه لنا , لكن الجميع ليسوا كذلك
الذي احتفى به ذلك القلب الصلب الذي آتاني مفجوعاً وغادرني فرحاً يومها ولايزال يغرد فرحاً حتى هذه اللحظة !
أظنك تسأل نفسك : وما يهمني في ذلك الأمر !
سأجيبك :أردتُ أن أعيّد لك كلماتك التي زرعتها بي يوماً بوجهة أُخرى لا تحتمل الجفاء , أردت أن أعيد لك وجه حرفٍ ظل يكبر بي حتى شاخ ومات
دون أن يترك بعمقك صرخة مُبللة بريقٍ إستعطاف , أردت أن تدرك أنك يوماً مآ قد منحتني شيئاً عظيماً أصبحت الآن أُجبر به كسور غيري , أردت أن تفطن
أنت لحقيقة إمتناني لك على كل شيء منحتني اياه , على كل لحظة لقاء
زرعت ملامح الفرح على وجهي , على كل خيبة أمل منحتني قناعة بأن الأشياء الجميلة أقرب من غيرها للزوال !!
حسناً , لا يجدر بي أن أكون ناكرة معروف وأفعل كما يفعل سواي !
فأنت مقابل كل خصالك السيئة , تملك بداخلك بياضاً وإن كان ضئيلاً فهو قد يُضيء ببساطته , وقلّته عتمة دروبٍ كثيرة أنهكتها مواسم الجفاف !
فأنت ببياضك القليل قد أشتريت لك بقلبي وطناً لا أملك أن أعيره لـ سواك !
سارة القحطاني