أقسمُ بالله العظيمْ ، ذو العزّة والجلالْ
أنـي اكتبُ هذه الكلماتِ بكاملِِ قوايّ العقليّة والفكرية والنفسيّة
والله أحسنُ الشاهدينْ !
لأنـي إذا ما تقلّصت الدنيا بعينيَّ وأصبحتَ كـسمِّ الخياطْ ، أُبصرُ ما لا يبصرُ القلبْ وأسمع نبضَ الأشياءْ وأشتمّ من بعيدٍ رائحةَ القلقِ والعرقْ ،
وأفهمُ صعبَ الكلامِ وعقيمهُ وأدركُ ما يختبئُ بين السطورِ من نوايا ومقاصدْ، وأتلمسُ ما خلفَ الأحرفْ وأعدو روحاً كاملةً بلا نقصٍ ولا عيبْ .
والكمالُ للهِ وحده ، لا يضاهيهِ فيه الانسانَ مجملاً ، فقدْ خلقَ الانسانُ عجولاً كفوراً ظلوما !
ولأنّ معرفةَ الشيء تكونُ كارثةً إذا ما ملكتَ القدرة على السيطرةِ عليه ،
ولأنّ البصرَ والفؤادَ واللسانَ والسمعَ أدواتُ تعكيرٍ لصفو الحياة ورؤية ضبابياتها وزيفها ،
أبتغى من الله الفضلَ كما أمر وأعرضُ للبيعِ ما سبقَ ذكرهُ !
كلّما مررتُ بالأدب
تتداعى امامي الكلمات بصورتها البهيّة ، بعضُها بثوبٍ قصيرٍ يغري الكاتبَ لخوضِ ليلةٍ أدبيةٍ معها ،
والبعضُ منها يجمع بين كفيّه الدمعَ يغري الكاتبَ أيضاً للموتِ بؤساً على فراشِ قصّةٍ أو قصيدة ما !
وفي الأدبِ أيضاً
أمرّ كلّ يومٍ على إعترافاتٍ وتأملاتٍ وعذرياتٍ وتشبيهاتٍ وبكائياتٍ تتحملها النصوصُ قهراً ومُرغمة !
وما عهدتُ في الأدب نصوصاً تحملُ الألم فتربتَ عليهِ فيغدو ابتسامةً أو ضحكةً ولو عابرة .
في زمنٍ تضعُ فيه ذات الحملِ وزرها على جنينها !
ولا يُسألُ فيه الوائدُ عن موؤدته بل تعاقبُ على الأثرِ النفسي التي تركته فيه ، وكيف أمسى ( يتوارى من القومِ ) على سوءِ طلّتها !!!
في زمنٍ تضجّ به كلماتُ الكتّابِ بالحزنِ والكآبةِ والخوفِ والبؤسِ والذلِّ والعارِ والشؤمِ والدمعِ والموتِ والدماءِ والشقاءِ والعناءِ والدمارْ !
أمسكتُ بربطةِ عنقِ الكلماتِ أرجها رجاً أن أكرمي عليّ بموتكِ أو بقطعِ أناملِ كتّابٍ أخذتيهم بنواصيهم نحوَ أحزانٍ ليست تفارقنا !!
في زمنٍ ما عادَ يهمّني فيه سوى أن أموتَ مرتاحاً
أودّ لو أنني ما أدمنتُ القراءةَ حينَ طلقتُ الكتابة ثلاثاً ولم تنكح زوجاً غيري !
كنتُ كلّما أغوتني الكلمات بفتنتها أرشق الكلمات في أي متصفحٍ مارقْ بإسمٍ ليس يشبهني ،
ويقرأني أناسٌ لستُ أعرفهم ،
علّي أنسى ما ألقت عليّ الكلمات من صورةٍ ترعبني !
فلما سئمتُ خداعَ نفسي ،
وتداعى لي جسدي بأطقمِ كلامه عن الأذى النفسيّ والرغباتِ العارمة لديه لينكحَ بضعَ كلماتٍ وينجب منها نصاً كاملاً لا عيبَ فيه ،
أقسمتُ عليه أن لا ينكحَ من الكلماتِ إلا من المحصناتِ التي ابتدعها الآخرون فغدوت أقرأ .
والآنَ لا أدري أشرٌ أريدَ بي أم أرادَ بي قسمي خيرا !
أكتبُ أحرفاً لا تعنيني بشيءٍ لأنّ اللغاتَ كلّها ناقصّة ،
والكلمات كلّها فاجرة
وأنـا محضُ مرضٍ خبيثٍ بدا يتفشّى بي ، ولستُ أقوى على استئصالي منّي ، ولا التكيّف معها !
في زمنٍ لن اكتبَ فيه ، لن أحتاجَ فيه قلمي وقرطاسي ، ونبضي وفؤادي ، وشِعري وقصّي ، وأناملي ولا ( الكيبورد) حتى !
من يشتري نطفةً في القلبْ ، بسعرٍ بخسٍ
ويشتري النبضَ والسمعَ والبصرَ
من يشتري الادبَ كلّه !
بكلماتٍ تقولها هي لي ،
تمسكُ وردةً حمراءَ تشبهني ، وتدنو مني هامسةً
: أحبكْ أيها الاحمقْ /
.
.