رواية: (جت..)

[عبدالعزيز رشيد]

"أتت"
ولأجل ذلك هذا ماسأكتبه

 

[عبدالعزيز رشيد]

-1-
لماذا كلّما كتبنا شيئا ما دون اهداء نتوه ونحن نبحث عن جدار يخلق صدى لكتاباتنا؟, قد نكتب لذاتنا ونرسل ماكتبناه للضوء ونحزن كثيرا إن لم نجد ظلاً لنا في تلك الكتابة , ألهذا نحبّ أحيانا أن نرسل الكتابة (الرسالة) لأحدهم بـ عينه ؟ لنكون في قمّة التركيز والتواجد في داخل كتابتنا حرصا منّا لنكون بين أيديهم حينما تفتح أيديهم رسالتنا فنكون حينها في كامل اناقتنا! فنجدنا متقوّلبين بكلّ تناسق في مثل تلك الأنواع من الكتابات - كم بدت لمحات جواهر لال نهرو* التاريخيّة في كتابة أكثر حميميّة رغم أنّه تحدّث عن التاريخ بلون الدمّ والألم وقليلٌ من الأمل , فقد كانت عبارة عن رسائل يوجّهها إلى ابنته لـ ذلك لم نكن نقرأ تدوينا للتاريخ بقدر ماكنّا نستمع إلى روحٍ تحكي "حدّوتة" ماقبل المنام لأسماعنا !, كنّا نسمعه لأنّه القى بـ روحه في داخل كتابته بإهدائه لها

*جواهر لال نهرو 1889-1964 :أوّل رئيس وزراء للهند بعد الاستقلال

 

[عبدالعزيز رشيد]

_كسرت حدّة النوم بـ غفوة قصيرة لأواصل عنادي الغير المبرر لطعنات النوم ولازلت أتصبّب أرقاً
_ تركيا أخرجت التشيك في بطولة أوروبّا لهذا العام 2008 حتما سيسجّلها التاريخ كانت ملحمة فضيعة للحماس التركيّ الذي فكّرت بأن أكتب عنه هنا قبل المباراة وأثناءها حينما كنت أفكّر في صيغة حسرة عن الخروج التركيّ ! لتنقلب الآية وتخلق فرحة عظيمة بفضل العزيمة التركيّة الخارقة
_ اليوم وبعد تفكير وأخيرا اخترت العنوان لـ هذا الموضوع وكتبته (:

 

[عبدالعزيز رشيد]

_2_
كثيرا ماأحسّ بأن القراءة تقليب لأوراق في داخل الروح خاصة لو كانت تلك القراءة تروق لنا, وكثيرا مايكون الشعر كذلك ,نقرأ ونقرأ\نقلّب ونقلّب ثمّ نقف عند مقطع ليس إلا من قصيدة كاملة مايوقفنا\يوقضنا هو أن هذا المقطع لامسنا فنحسّ بـ دفء أصابعه إذ أنّنا أحاسيسنا تكون باردة فيكون دفء المقطع ملفت حميمٌ لأرواحنا , لاأدري كيف أقولها لكِ لكن شيء ما يلمسني حينها
للصمّة القشيري
"بنفسي تلك الأرضِ ماأطيب الرُبى"
ولمظفّر النوّاب
"ماهو حزن
لكن حزين"
لبدر بن عبدالمحسن
"تذكّر الحلم الصغير
وجدار من طين وحصير"
ليست هنالك أي صورة مبهرة أو أي تركيب لغويّ جذّاب فقط وكأنّها بصمة تعرفها الروح
ألهذا نجد أحيانا مقاطع توقضنا\تلفتنا من حيث لانعلم؟

 

[عبدالعزيز رشيد]

_ حدّثتكِ قبل ذلك عنهم وعن حماسهم الذي يجعل الكلّ يتمنّى وأن يكون بين جموعهم, بالأمس فازوا فغمر قلبي الفرح! ولكي اكون صادقا لست متكأدّا من أنّه الفرح كنت حينها في غاية الحزن ولم يكن ذلك الشعور إلا كقناع مبتسم على وجهٍ باكي -حتّى صرخة الهدف الأخير لاأعلم أهي صرخة فرح أم صرخة ألم ؟
_ قبل أيّام كان وجه القمر أغبر من شيء ألمّ به واليوم وكأن أحدا مسح على وجهه فعادت ابتسامته كما كانت

 

[عبدالعزيز رشيد]

_3_
(كوخ العمّ توم) أذكر بدايتها وهي للروائيّة هيرييت ستاو , كثيرا كانت تنتابني رغبة التوغّل لـ ماخلف الصفحات لحظة توقّفي لطيّ أسفل الصفحة كـ ماريّة لمكاني بها ,أحداثٌ كثيرة حدثت في بدايتها وفي بالي صورٌ عدّة للخافي المظلم الذي سيحلّ بالعمّ توم وبالمسكينة أليزا وطفلها هاري, حتّى بتّ وكأنّني أرى نفسي طيرا يرى مايحدث ولايقوى على الكلام ؟! فضول ما يجبرني على مرافقة العم توم حتّى النهاية !, ربّما هو فضول انسانيّ أو خوفٌ من شبح التساؤلات المخيفة التي قد تطالنا , فعلا وكأنّ هيرييت ستاو امسكت بيد انسانيّتنا وهي تاخذنا الى جولة مؤلمة لـ ذلك العالم المليء بالقسوة والجبروت والظلم , لم يكن همّ التصاوير المزركشة والصناعة اللغويّة تهمّها بل كانت تروي الاحداث بعثرات آهاتها وسليقة اندفاعها ودهشة رؤيتها لاأكثر, فكانت اكثر قربا منّا وكأنّها كانت تقرأ لنا !

 

[عبدالعزيز رشيد]

_4_

فيروز:البدر
اسماء إمّا أن نحبّها أو لانكرهها , كلّ الأسماء الشعريّة والفنيّة عرضة لنعرات انتقاداتنا وسهام نظراتنا إلا هما في نظري وكأنّهما طبيعة فطريّة لمجالهما , فيروز مارست الفنّ بـ وحدها لنا والبدر مارس الشعر بوحده لنا , نحن نأتي اليهم في خضمّ وحدتهم مع ممارستهم , فيروز غنّت" طيري ياطيّارة طيري ياورأه وخيطان" وكأنّه شعر من جنس البدر "قلتي : وين جنحانك .. وين جنحاني .. ؟! وطحت .. طحت من أعلى غمامه" كـ وحدة الرسّام الساحرة يلوّن فنونه إن شئنا تأملّنا السحر بملء فؤادنا وان شئنا مضينا لحال سبيلنا هادئين وكأنّنا صادفنا جزءا من الطبيعة الـ لاصناعيّة والدخيلة على حياتنا , ماأجمل الفيروز والبدر وكليهما منظر من صنع الطبيعة نفسها

 

[عبدالعزيز رشيد]

فابيو كابيللو وماأكثر الذين يتحدّثون عن قسوته وعناده وكثيرا مايذكرون شدّتة حتّى انّهم ألصقوا صورته القاسية مع صورة ابداعه , لكن أمّ فابيو تقول عكس ذلك فهي تقول بأنّ فابيو حنون ولطيف وبأنّه لايستطيع النوم قبل مكالمتها! , وتقول بأن فابيو كثرا مايقول بأنّه غير سعيد في مكانه وأنّه مشتاق الى بيتها والى طعامها , آه هل رأيتِ فابيو على حقيقته؟, قد تكون القسوة أحيانا غطاءاً لـ طيبتنا إذ أنّ الطيبة كثيرا ماتكون مكلفة على حساب عاطفتنا وفي ظلّ الظروف نجبر على القسوة والظهور بصورة شديدة , كما فعل فابيو وفي رأيي لم يكن فابيو إلا طيّبا قاسيا على نفسه أكثر من غيره , كم تخفي قسوتهم احزانهم ؟؟

*فابيو كابيللو:أحد أشهر المدربيّب الايطالين