و عند ذاك اللقاء الذي كان لا يشبهنا أبداً أبداً..
كنتَ تنظر إلى ساعتك أكثر من ممّا تنظر إلى عيني .. يداك كانت تتشابك في بعضها كثيراً في الوقت الذي أتوق فيه إلى دفء يديك .. كانت تسافر عينيك إلى اتجاهات مخيفة .. أتيتكَ و حدودي جناحان و سماوك كانت رعــداً وغيماً .. !!
أتيتك فارغة مني لأمتلىء بك !! وإذ بي أعود ممتلئة بمساااافات الأرض ..
حينها تيقنت يا _ رفيق القلب _ أننا افترقنا ..
و حين تحدثّنا عن الناس و الأقدار و الزمن أكثر مما تحدثّنا عن أنفسنا و حبنا .. أيقنتُ أننا افترقنا _ نعم _ افترقنا و لكن _ ما زلنا عند النزع الأخير لم ننتهِ بعد .!
نحن ما زلنا نلتقي بل ندّعي _ و لكن قد افترقنا منذ أن التقينا بأنصاف البدايات .. بأنصاف القلوب .. بأنصاف الوله .
نحن افترقنا و مازلنا عند الرسائل و بعض اللقاءات لسنا هناك إلا لنحسن الختام .. أو لنحافظ على قلوبنا من صاعقة الغياب ..!!
نحن افترقنا يا رفيق القلب أتعرف متى ؟!
منذ لم يعد اسمك في أول قائمة الاتصالات عندي ..
منذ أن أصبح هاتفي لا يضيء إلا من نقرات أصابعي و أنا أبحث فيه عن شيء جديد ..
منذ أن تأخر الرد على كثير من الرسائل ..
منذ أن أصبحت الظنون أكثر من اليقين ..
منذ أن هطلت الأمطار كثيراً و ما التقينا ..
منذ أيقنتُ أن لا شيء يدوم إلاّ الغياب .. و تحدثتُ مع نفسي كثيراً .. و سكنتُ الذكريات .. و أصبحتْ الآلآم تساوي الأحلام .. و أصبح السقوط يشبه القيام ..
منذ أن أصبحتْ الدهشة أكبر من الحياة .. و أصبحتُ أجيد الكتابة عن الغياب و الفراق أكثر من الكتابة عن الحب والأشواق ..
منذ أصبحتُ أخشى الكتابة عن الآلآم و الكره و القهر و الجروح ..
منذ أن أصبحتُ أجمع الكثير من الكلام لأقوله لك مرة واحدة في محادثة واحدة أو لقاء واحد .. و أصبحتُ أكتفي معك بأصغر أحلامي و أجدها كبيرة ..!
منذ أن أصبحتَ تسيء الفهم لكلامي و صمتي و جوابي و كل أحوالي ..
منذ أن أصبح الخوف أكبر من الحب .. و أصبحتُ أتحدثُ معك عن كل شيئ من جديد ..
منذ أن أحتجتُ للعزلة أكثر و أكثر .. و للبكاء أكثر من الكتابة .. و لبعضك أكثر منك ..
منذ عدتُ لنفسي وحيدة .. و لم يعد يهمني شيء .. و أصبحتْ أصغر الأمنيات _ أكبرها _.. !
منذ أن أصبح شيئاً واحداً منك يكفيني .. و أصبح الحديث معك بالعقل لا بالقلب .. بالمنطق لا بالجنون .. بالحقيقة لا بالخيال ..
منذ أن أصبحتَ تملك الكثير من الأعذار .. و أصبحتُ أقبلها لتعود لي دائماً من عندها شبيهاً ببعض منك ..!!
منذ أصبحتَ ترى_ أن أحزاني _ ضعف _ .. و أنا أرى _ أن أفراحك _كبرياء_..!
منذ أن تساوت" مرحباً " و " إلى اللقاء" .. و تساوى " العطاء و الاكتفاء " ..!!
منذ أن أصبح تاريخ الرسائل قديماً .. و ساعات الوجع لا تنتهي .. و امتلأنا كلاماً دون أثر .. دون ضحك .. دون ارتواء !!
أتذكر _ يا رفيق القلب _ ..
حين حدثّتك ذات ليلة عن الأرق كم _أتعبني _ و لم تعاتب السهر .. !!
و حدثّتك كم _ أخاف الرحيل _ فلم تتسع ذراعاك لتحميني ..!!
و حدثّتك عن الندى كم _ يعجبني _ و لم تزاحم الفجر .. !!
حينها و الله قد _ افترقنا _ و عجباً عجباً لم تدرك ذالك الأمر..!!
و منذ أن اشتقتُ إليك و لم أخبرك .. منذ أن ألجمتُ أحاديث قلبي .. منذ أن رأيتكَ بعيداً و اكتفيتُ بالنظر .. نحن افترقنا..!!
كيف لا تعلم من كل هذا أننا افترقنا منذ زمن ..! كيف لا تدرك سوءة حبنا ؟.. و فرطنا في كل شئ ؟.. كيف لا تعلم أن اللقاءات أصبحتْ تقتل اللهفة لا ترويها ؟..
أما أنا فقد علمتُ من كل هذا أن الغياب علاقة جديدة لا بد أن نمر بها .. و ربما وصلتُ بها إلى اليقين الذي يهدئ من روع القدر ..!
و الجميل أننا ما زلنا مع بعضنا فيها _ أنا و أنت _ نمارس البعد سوياً .. نبقى في الذكريات سوياً .. نلتقي دائماً عند الأسئلة و البكاء و الظنون و ربما عند الوجع ..
الغياب يا _ رفيق القلب _ علاقة فيها تواصل و رسائل و لقاءات تشبهه ..!! فيها أمنيات و أحلام .. فيها بدايات و نهايات .
الغياب وإن _ كنت لا تعلم _ أصبح أكثر شيء سنتواصل به !! بل و أقوى من تلك اللقاءات المتعبة .. لأنه سيطول كثيراً كثيراً .. و سنكتبُ فيه الأبيات و النثر و الذكريات .
الغياب _ يا رفيق القلب _ أجده يشبه الحب _ تماماً إلّا _ .. فهو لا بد أن يصيب كل علاقات البشر .. له أسبابه و أحيانا ليس له أسباب .. له دموع و موت و حياة ، له وقت و ابتداء و انتهاء ، فيه إبهار و دهشة و أسئلة ، فيه ضحايا و فيه أبطال ..
ياااا الللللله _ كم يبدو التفكير في كل هذا متعبٌ جداً بل مدهش أحيانا .. فلقد تساوت عندي كل الأشياء حتى المشاعر و الأحاسيس تساوت عندي بغباء ..!!
عرفتك حبيباً و كرهتك حبيباً .. أدعو لك وأدعو ألا يستجيب ربي الدعاء .. أدعو عليك و أرجو ربي أن يخيب الدعاء .. !!
قتلتَ كل أسباب الحياة حولي و فيني و عندي .. و ما زلتُ أسقي الذكريات أعذب ماء و أنقى هواء ..
أنا لا أعلم إن كنّا ضحايا أم أبطالاً في هذه القصة .. أم أن أحدنا كذلك .. ما أعلمه _ أني جداً متعبة من كل هذه الأحداث .. و جداً متعجبة كيف ما زلنا رفقاء أم أصدقاء أم أحبة أم أي شي من علاقات البشر نسمي به ارتباطنا .. !!
نحن انتهينا منذ زمن ! و ما زلنا عالقين عند الوداع !! لم نودع بعضنا رغم الفراق !! لأننا مازلنا نلتقي خلفنا .. خلف لقاءاتنا الفاتنة .. لقاءات صفراء ليست إلا لتنعش القلوب كي لا تموت فجأة .. أو لسحب الحياة منها نبضة نبضة .
و هو حق لها و واجب علينا كأحبة أسرفوا في الحب حد الغرق .. أستنجدَتْ بهم قلوبهم و لم يحموها .. أحبة لم يتقنوا شدّ الوثاق ..
نعم _ الوداع صعب صعب و يحتاج إلى قلب جديد ..
.. دعها تمضي هكذا إذن !! .. و هذا أفضل بكثير .. عسى أن نفترق بلا ذنب أو نفترق بمغفرة .. !!
و إن افترقنا .. سنلتقي .... لا بد في يومٍ ما ..
.. اطمئن ....!!
أنا على ثقة و يقين بذلك ..
.. سنلتقي في يومٍ ما ..
حتماً .. سنلتقي هناااااك ... نعم _ هنااااااك !!
.... عند النسيان !!
... أو عند المحاولة في ذلك ..!!!
و عسى .... أن نكون حينها _ بخير ..!
..