قصص الأديب التركي الساخر ( عزيز نيسين ) - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
الهبوب الصلف (الكاتـب : عادل الدوسري - مشاركات : 0 - )           »          فلسفة قلم .. بأقلامكم (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 3847 - )           »          صالون النثر الأدبي 3 (الربيع ) (الكاتـب : نادرة عبدالحي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 66 - )           »          مَا لَمْ أقله لكـ (الكاتـب : محمد سلمان البلوي - آخر مشاركة : صالح العرجان - مشاركات : 1977 - )           »          بَازَلْت (الكاتـب : عَلاَمَ - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 12 - )           »          ورّاق الشعر [ تفعيلة ] (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 12 - )           »          خربشات لا أكثر .. (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 9 - )           »          فَــوَاق ! (الكاتـب : ماجد العيد - آخر مشاركة : نوف الناصر - مشاركات : 13 - )           »          مُعْتَكَفْ .. (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 60 - )           »          سقيا الحنايا من كؤوس المحابر (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 7436 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات العامة > أبعاد أبعَادية > أبعاد المكشف

أبعاد المكشف يَفْتَحُ نَافِذَةَ التّارِيْخِ عَلَى شَخْصِيّاتٍ كَانَتْ فَكَانَ التّارِيْخُ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-15-2014, 08:15 PM   #1
عماد تريسي
( أديب )

Arrow قصص الأديب التركي الساخر ( عزيز نيسين )





نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عزيز نيسين (1915- 1995)اسمه الحقيقي محمد نصرت نيسين من مواليد تركيا عام 1915 في جزيرة قرب استانبول واستخدم اسم عزيز نيسن الذي عرف به فيما بعد كأسم مستعار كنوع من الحماية ضد مطاردات الأمن السياسي في تركيا ورغم ذلك فقد دخل السجون مرات عديدة يعتبر عزيز نيسن واحد من أفضل كتاب ما يعرف بالكوميديا السوداء في العالم أو ما تسمى بالقصص المضحكة المبكية و المضحك المبكي في حياته انه وبرغم شهرته الواسعة في كل ارجاء العالم كمبدع فذ إلا أن بلده الأم تركيا لم تعطه من حقه سوى القليل توفي عزيز نيسن في تموز عام 1995

قالت عنه الاديبة و الاعلامية الجزائرية "د . هدى درويش" في حوار اذاعي أنه : "موليير الأدب التركي".

سيرة عزيز نيسين :
ولد محمد نصرت نيسين (20 / كانون الأول / 1915 )– وهذا اسمه الحقيقي – في إحدى الجزر القريبة من استانبول، والواقعة في بحر مرمرة لعائلة فقيرة.
في عام 1935: أنهى الإعدادية العسكرية ،وفي نفس العام دخل الكلية الحربية وتخرج منها في العام 1937 1939: تخرج من الكلية العسكرية الفنية ، برتبة ضابط في الجيش. و خلال نفس الفترة درس لمدة عامين في كلية الفنون الجميلة.

العلاقة بين عزيز نيسين وأمه :

العلاقة بين عزيز نيسين وأمه تشوبها الدراماتيكية ، حيث تركت أثرها في مخيلته منذ كان طفلاً و سطرت منهجه الفكري بخطوط حزينة أخذت شكل السخرية السوداء الناقمة على التخلف البغيض و النفاق المستشري في المجتمع التركي آنذاك .. لقد جاءت كتابات “عزيز نيسين” عن أمه بقدر عظيم من التبجيل و الحب الذي وصل إلى درجة عالية من القدسية يتجلى ذلك من خلال منحها هالة ملائكية جميلة, فقد كانت هذه الهالة الملائكية المحفز القوي له في معترك كفاحه الطويل ضد قوى الظلام و الجهل و التخلف. ما بين المساحة الملائكية المقدسة التي أحاطها بها و ما بين قلة الحيلة و جلد الذات لتقصيره بحقها حيث الوقت الذي لم يسعفه كما ينبغي لكي يمنحها حقها كما يجب في زمن كانت المرأة فيه لا شيء سوى وعاء إنجاب.. يبدو جلياً حجم جلد الذات و الشعور بأن والدته ضحية مجتمع أهان كينونتها و إنسانيتها عندما قال نيسين “اعتدت تخيل أمي البالغة من العمر الثامنة عشر عاماً فقط وهي تطرز و لكن ليس بالخيوط الملونة، بل كانت تطرز بدموعها والنور المشع من عينيها. لكم تمنيت لو أعطي مقابل كل قطعة واحدة من تلك القطع التي طرزتها يدا أمي, كل كتبي وكل ما سأكتبه”.

لقد تجلى وضع “عزيز نيسين” أمه في الإطار الملائكي في سرده عن حادثة الزهور ، حيث يقول: “لم تكن أمي تستطيع القراءة ولا الكتابة. إلا أنها كانت سيدة غاية في رقة المشاعر والإحساس. إن كل الأمهات هن أفضل نساء العالم . وأمي، لأنها أمي، كانت أفضل امرأة في العالم.في إحدى المرات ، قطفت زهوراً من الحديقة وأحضرتهم لها . كانت سعيدة بتلك الزهور . قالت لي:” تعال ، دعنا نقطف المزيد” . ذهبنا إلى الحديقة التي بها أشرت إلى بعض الزهور. قالت لي:” أنظر، لجمال الزهور، إن تلك الزهور تعيش كما نعيش نحن أيضاً. إذا قطفناها تموت. إنها ستكون أجمل وهي هكذا واقفة على ساقها. ولن يبدو عليها الجمال وهي في كوبٍ زجاجي . كلما مررنا بكل زهرة كانت تخبرني:” أقتلها ، أقطفها لو أردت ذلك “. مهما تعلمت وما من شيء جيدٍ أعرفه، فأعزوه إلى أمي.

أما الغضب و قلة الحيلة و الثورة على التخلف و الجهل الذي عامل المجتمع التركي النساء فإنه تجلى في إحدى قصائده “نيسين” النادرة...

أنت الأجمل من بين كل الأمهات.. أنت الأجمل من بين أجمل الأمهات.. في الثالثة عشر كان زواجك في الخامسة عشر كانت أمومتك.. في السادسة والعشرين جاءت منيتك.. هكذا قبل أن تعيشي كم أدين إليك بهذا القلب المليء بالحب فأنا لا أملك حتى صورتك كانت خطيئة أن تكون لكِ صورةً فوتوغرافية لم تشاهدي الأفلام ولا المسرحيات ولم تشهدي الكهرباء ولا الغاز ولا الموقد الكهربائي ولم توجد أغراض البيت ومستلزماته لديك لم تسبحي في البحر يوماً لم تستطيعي القراءة ولا الكتابة ولكن من وراء حجابٍ أسود كانت عيناك الجميلتان تنظران إلى العالم. أتتك المنية وأنتي في السادسة والعشرين، قبل أن تعيشي من هنا أقول: لن تموت الأمهات قبل أن يعشن هذا ما كان عليه الأمر أما الآن فهذا ما يصير إليه الأمر. ” لكم تمنيت لو أعطي مقابل كل قطعة واحدة من تلك القطع التي طرزتها يدا أمي, كل كتبي وكل ما سأكتبه”.

يقول عزيز نسين عن بداياته :

(كنت عسكرياً في قارص وكنت أكتب الشعر والقصص القصيرة، ولما كانت كانت كتابة العسكريين غير مستحبة استعملت منذ ذلك الوقت اسم " عزيز نيسين " المستعار، وصرت أنشر قصصي القصيرة بهذا الاسم في مجلة ( الأمة ) اليمينية ، التي كانت تصدر في أنقرة ، ثم صدرت هذه القصص فيما بعد عن دار ( الرجل الجديد )، أما أشعاري فقد كنت أنشرها منذ عام 1937 باسم وديعة نيسين في مجلة ( الأيام السبعة ) ، وبسبب سجني عام 1944 سُرحت من الجيش،فجئت إلى استانبول وعملت في مجلة ( Yedigün ) وكانت بداياتي الصحفية )

· كتب في العديد من الصحف التركية ومنها ( الأراجوز والفجر .. ) كما عمد إل إصدار مجلة أسبوعية خاصة به باسم ( السبت ) لم تستمر أكثر من ثمانية أسابيع. · كانون الثاني/ 1946: تمكن بالتعاون مع الأديب التركي صباح الدين علي من إصدار جريدته الشهيرة ( ماركو باشا ) التي وصلت مبيعاتها إلى ( 60000 ) نسخة يومياً . · 1946 :اعتقل بسبب مقالاته في الجريدة التي سبق ذكرها. · 1947 :حوكم أمام محكمة عسكرية عرفية وحكم عليه بالسجن عشرة أشهر وبالنفي إلى ( بورصة ) ثلاثة أشهر ونصف بعد انقضاء المدة ، وذلك بسبب انتقاده في أحد مقالاته للرئيس الأمريكي هنري ترومان.

وأغلقت على إثر مواقفه هذه جريدة ( ماركو باشا ) مع اعتقال صاحبها عزيز نسين،فعاود إصدارها باسم ( معلوم باشا ) وهكذا راح عزيز نسين يعيد إصدار المجلة مع تغيير اسمها في كل مرة يتم فيها اعتقاله و إيقاف الجريدة عن الصدور. :أكثر من فمن معلوم باشا إلى مرحوم باشا، ثم علي بابا، ثم باشاتنا ، ثم ماركو باشا الحر ، وأخيراً جريدة مَدَدْ. · 1950: حكم عليه بالسجن ستة عشر شهراً بسبب ترجمته لأجزاء من كتاب ماركس. · 1951 : خرج من السجن لكنه لم يجد عملاً في الصحافة، فعمد لفتح دكان لبيع الكتب لكنه لم ينجح · ( 1952 -1954 ) : عمل مصوراً. · 1955 : اعتقل من دون يعرف سبب اعتقاله وأمضى بضعة أشهر في السجن. · 1956 : نال جائزة السعفة الذهبية من إيطاليا. · 1956 : أسس بالاشتراك مع الأديب التركي كمال طاهر داراً للنشر باسم ( دار الفكر) لكنها احترقت في العام 1963 مع آلاف الكتب التي كانت بداخلها. · 1957: نال جائزة السعفة الذهبية من إيطاليا ( للمرة الثانية على التوالي ). · تشرين الثاني / 1966 : شارك في مؤتمر اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا في القاهرة ( عاصمة جمهوية مصر العربية ). · 1966 : نال جائزة القنفذ الذهبي من بلغاريا. · 16 / نيسان / 1967: انتخب نائباً لرئيس اتحاد الأدباء الأتراك، ثم انتخب رئيساً لنقابة الكتاب الأتراك بعد تأسيسها. · أيار / 1967 : شارك في مؤتمر اتحاد الكتاب السوفييت في موسكو . · 1968 : نال الجائزة الأولى في المسابقة التي أجريت في تركيا تخليداً لذكرى الشاعر الشعبي ( قراجه أوغلان ) عن مسرحياته ( ثلاث مسرحيات أراجوزية). · 1969 : نال جائزة التمساح الأولى من الاتحاد السوفيتي. · 1969 : نال جائزة المجمع اللغوي التركي عن مسرحيته ( جيجو ). · 1975: نال جائزة اللوتس الأولى من اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا · أنشأ عزيز نيسين وقفاً نذر له ريع كل أعماله الأدبية، وكانت مهمة هذا الوقف رعاية الأطفال الأيتام حتى آخر مراحل الدراسة الجامعية ، وتأمين عمل أو مهنة لمن تعثر منهم في دراسته ،وقد استقبل هذا الوقف أول فوج من الأطفال الأيتام في أواخر العام 1977. · 1979 : شارك في مؤتمر اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا في لواندا ( عاصمة أنغولا ). · 1982 : شارك في مؤتمر اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا في هانوي ( عاصمة فيتنام ) . · 6 / تموز 1995 : توفي عزيز نيسين إثر إصابته بالسكتة القلبية .

الجوائز التي نالها :
-جائزة السعفة الذهبية من إيطاليا عام 56، 1957
-جائزة القنفذ الذهبي من بلغاريا
-جائزة التمساح الأولى من الاتحاد السوفيتي 1969
-جائزة اللوتس الأولى من اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا 1975
- الجائزة الأولى عام 1968م على كتابه (ثلاث مسرحيات أراجوزية)
- جائزة المجمع اللغوي التركي عام 1969

أعماله :

1 - لا تنس تكة السروال
2 - خصيصيا للحمير
3 - اسفل السافلين
4 - الطريق الطويل
5 - الفهلوي (زوبك)
6 - مجنون على السطح
7 - الهداف
8 - صراع العميان
9 - آه منا نحن معشر الحمير
10- الحمار الميت لا يخاف الذئب
11- سر نامة
12- الطريق الوحيد
13- بتوش الحلوة
14- قطع تبديل للحضارة
15- الاحتفال بالقازان
16- يحيى يعيش ولا يحيا .


المسرحيات :

1 - وحش طوروس
2 - ثلاث مسرحيات اراجوزية
3 - جيجو.
4 - حرب المصفرين وماسحي الجوخ.





مودتي

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عماد تريسي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-15-2014, 08:42 PM   #2
عماد تريسي
( أديب )

Arrow




اعرف نفسك


الاسم يشبه الاسم والمكان يشبه المكان والإنسان يشبه الإنسان والرجل كأنه الرجل والمرأة كأنها المرأة. إن ما نحكيه حكاية.. فإذا زل لساننا وذكرنا اسمكم فنرجو عفوكم ».. كان يامكان في أحد الأيام رجل في مدينة «بخارى» قلبه أطهر من الماء. عيناه في الأرض.جبينه في السماء.. ولا يتوانى لحظة عن ذكر الله. لا يقدم على سوء.. ولا يخطو خطوتين دون وضوء.. لا يعير انتباها لهراء.. ولا يقطع وقت صلاة.. بلغ الأربعين.. طوال حياته ما حفر أمام إنسان.. وما خلع ثيابه في الحرام. وما كتب حرفا دون معنى في كلام.. كان ملاكا لا ينقصه إلا جناحان.. اعتكف على الدعاء والرجاء وهو يكرر : «اللهم اجعلني أسمو في طريق الحق».. وفي نهاية الليلة الثالثة للدعاء سمع صوتا يدعوه أن يفتش في الأرض عن الشيخ «شزالت » ليهب نفسه له ويكون عبدا من عبيده.

قطع الرجل الجبال والوديان وسار على مدى صيفين وشتاء وفي النهاية وصل مدينة «بغداد ».. كان يسأل من يقابله عن الشيخ «شزالت».. لكن لا أحد كان يعرفه.. ووصل مدينة دمشق ومنها إلى مدينة شيراز لكنه لم يجد مايريد.. صار الرجل عجوزا شعره منسدل على كتفيه ولحيته إلى صدره وعاد من جديد إلى مدينته : «بخارى».. مرت أيام لم يذق فيها زادا ولم يغمض له جفن ولم تعد ركبتاه تقدران على حملة فانهار على جانب النهر.. نظر إلى الماء قائلا لنفسه : «لأجدد وضوئي وأقيم الصلاة ». وبينما كان يتوضأ رأى خيارة تنساب إليه مع تيارالماء..لم يستطع المقاومة.. التقط الخيارة ليسد جوعه.. خيارة كبيرة أكلها على مرتين مضغها وبلعها.. لكنه سرعان ما قال لنفسه : «أكلت خيارة لا أعرف صاحبها.. هذه ثمرة محرمة.. سأبحث عن حقلها ثم سأعرف صاحبها واستسمحه عن الخيارة التي أكلتها.. ونهض بسرعة وسار في عكس التيار فوجد حقل خيار وسأل عن صاحبه وعرف مكانه».
قرع الباب فوجد أصوات شتائم قوية تنبعث من الداخل.. وفتح الباب رجلا تتطاير من وجهه علامات الشر. وسأله : «ماذا تريد يا حمار ؟. فقال : أريد صاحب حقل الخيار».....
ودخل الرجل ليجد أربعين غرفة في الدار.. في كل غرفة أربعون من اللصوص والأشرار يلعبون القمار.. كان صاحب حقل الخيار يجلس متربعا يجمع حصته من الرابحين. قال له الرجل مزمجرا : «ماذا تريد يا حمار ؟.. فروى له قصة الخيارة وطلب أن يسامحه فيها.. فقال الرجل : هذا الحقل ليس لي وحدي.. نحن ثلاثة أخوة. رجلان وامرأة. أخي الأصغر يسكن في مدينة تدعى بلخ أما أختي فتسكن في مدينة مروة والخيارة التي أكلتها ليس لي فيها سوى الثلث.. سأسامحك فيه إذا ما خدمت في هذا البيت الذي أديره في القمار عشر سنوات. ثم بعد ذلك اذهب لتحصل على ثلثي السماح من أخي وأختي».

لم يجد الرجل الزاهد مفرا من العمل عشر سنوات في المقمرة حارسا وكانسا وماسحا.. وخلال هذه السنوات تعلم كل ألعاب القمار وحيل الغش ليصبح مقامرا ما عرف التاريخ مثله. وما أن انتهت المدة حتى قال له الرجل : «سامحتك بثلث الخيارة التي أكلتها والآن اذهب إلى أخوي واستسمحهما.. أخذ العنوان وخرج إلى الطريق.. لكن لأنه اعتاد على القمار ما عاد يستطيع الاستغناء عنه. وفي كل مكان ينزل فيه كان يكسب من يلاعبهم. وإذا وقع في طريقه بيت في قرية حوله إلى مقمرة.

وصل إلى البيت الذي يبحث عنه وقرعه ليجد رجلا ثملا يفتح له وسأله : ماذا تريد يا حمار ؟.. وحكى حكايته.. فأخذوه إلى صاحب البيت الذي طلب منه أن يسامحه في ثلث الخيارة. لكن الرجل أصر على أن يخدم في بيته المكون من أربعين غرفة في كل غرفة مشرب لمدة عشر سنوات حتى يسامحه.. وبعد أن انتهت المدة حلل الثلث الثاني من الخيارة التي أكلها في الحرام.. لكنه في المقابل تعلم فنون الشراب وطرد السكارى وأصبح سكيرا لا يوجد له مثيل في العالم.. صار يشرب في وقفة زجاجة وفي جلسة برميلا. وقال له صاحب البيت : سامحتك بثلث خيارتي والآن اذهب إلى أختي وها هو العنوان.

أخذ العنوان وذهب.. ولأنه اعتاد على الخمر والقمار فما عاد يستطيع دونهما صبرا. ولو صادف في طريقه قرية مؤلفة من بيتين حول الأول إلى مقمرة وحول الثاني إلى خمارة..وواصل سيره حتى وصل إلى البيت الثالث.. وما ان طرق الباب حتى وجد إمرأة عارية تفتح له الباب وهي تقول : تفضل يا روحي.. دخل.. كان في الداخل 40 غرفة في كل غرفة نساء عاريات ورجال يحتضونهن مع موسيقى وشراب وغناء. صاحبة البيت عجوز شمطاء صرخت في وجهه : ماذا تريد يا حمار ؟. فحكى لها الحكاية وطلب منها أن تسامحه في ثلث الخيارة الباقي ليستريح ضميره.

قالت له : بيتي هذا بيت دعارة. أديره بعيدا عن الدولة. إذا عملت عندي هنا عشر سنوات سأسامحك بثلث الخيارة. وإلا فلن أسامحك.. وعبثا حاول المقاومة.. وعندما لم يجد مخرجا خدم في البيت عشرة أعوام.. وفي هذه الفترة استقبل الزبائن واشترى واصبح في هذا العمل خبيرا ما عرف التاريخ مثله. وعندما انتهت المدة قبل ثوب المرأة واستأذنها.. فقالت له : سامحتك بثلث الخيارة التي أكلت.. هيا اذهب سهل الله لك الطريق. ليجعل الله التراب ذهبا بين يديك.

ومشى بلاد الله وعرف خلق الله.. قطع ودياناً وجبالاً..سار على مدى صيفين وشتاء.. ثم رأى في صباح أحد الأيام مدينة لا يعرف اسمها. كان ينبعث منها صوت الطبل والزمر.. قال لنفسه : لابد أنه العيد. دخل من باب المدينة ليجد زينة. أعلام وفوانيس.. طبول تقرع. ومزامير تصدح.. كان يسير وأمامه خمسة عازفين. وعلى بعد كل مئة خطوة تذبح الكباش والعجول والجمال والأغنام قرابين.. آلاف الأشخاص على جانبي الطريق احتشدوا وهتفوا بكل قوتهم «عاش الشيخ شزالت » دهش الرجل عندما وجد أشخاصا يلبسون معاطف رسمية يتوجهون إليه ويقبلون قدميه وثوبه ويديه. قال الرجل وهو في ذهول : ما هذا ؟. من هو الشيخ شزالت ؟ انني أبحث عنه منذ سنوات.. قال مقبلو اليدين والثوب والقدمين : «رحماك.. نحن الذين نبحث عن الشيخ شزالت.. تعال لتكون على رأسنا.. قال : لا بد أن في الأمر خطأ.. قالوا «شهرتكم ملأت الأصقاع ». قالوا : «توقفوا. أنا مصاب بعلة ». قالوا : «كلنا مصابون بعلة ».. قال : «لكنني مقامر».. قالوا : «كلنا مقامرون لكن لم يرتق أحد منا لسموك.. لهذا ستكون ملكنا » قال : «لكني أيضا سكير » قالوا : «نحن جميعا نشرب ولكن لا أحد يشرب مثلك ».. قال : «وأنا كذلك.....» قالوا : «أحسن يا سلطاننا.. تفضل بالجلوس على عرشكم».

فهم الرجل أنه أمضى ثلاثين عاما.. كل عشرة في مكان لكي يصل إلى علو «شزالت » وأن الشخص الذي يبحث عنه هو ذاته.. وقد انتظروه سنوات طويلة لكي يتوجوه وسط فرق الموسيقى. ودخل القصر. وجلس على العرش



 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عماد تريسي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-23-2014, 01:05 PM   #3
رشا عرابي

( شاعرة وكاتبة )
نائب إشراف عام

افتراضي


أديبنا الراقي يعطيك ربي ألف عافية

وربي أضحكتني. ...

اﻷدب الساخر هو أدب بحد ذاته وله مبدعيه
وقارئيه ....
سلمت يمناك يا طيب
جورية ندية تليق

 

التوقيع

بالشّعرِ أجدُلُ ماءَ عيني بـ البُكا
خيطٌ يَتوهُ، ولستُ أُدرِكُ أوّلَهْ!

في الشّعرِ أغسِلُني بِـ ماءٍ مالِحٍ
أقتاتُ حرفاً، ما سَمِعتُ تَوسُّلَهْ !!


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رشا عرابي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-23-2014, 04:50 PM   #4
عماد تريسي
( أديب )

الصورة الرمزية عماد تريسي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 14

عماد تريسي جوهرة في الخامعماد تريسي جوهرة في الخامعماد تريسي جوهرة في الخامعماد تريسي جوهرة في الخام

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشا عَرّابي مشاهدة المشاركة
أديبنا الراقي يعطيك ربي ألف عافية

وربي أضحكتني. ...

اﻷدب الساخر هو أدب بحد ذاته وله مبدعيه
وقارئيه ....
سلمت يمناك يا طيب
جورية ندية تليق


أهلأ بإطلالتكِ الكريمة و الراقية يا شاعرتنا القديرة أ. رشا ,

الأدب الساخر - و كما تفضلتِ - أدبٌ طريفٌ في صياغته و هادفٌ في مراميه , و أحسبه من أكثر فنون الأدب صعوبةً في صياغته ؛ إذ ليس من السهل أبداً أن يبلغ الأديب هدفه لدى المتلقي و يجعله يستظرف ما يقرأ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

شكراً ملء كل الأفق .



مودتي

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عماد تريسي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-26-2014, 05:40 PM   #5
عبدالإله المالك
إشراف عام

الصورة الرمزية عبدالإله المالك

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16866

عبدالإله المالك لديها سمعة وراء السمعةعبدالإله المالك لديها سمعة وراء السمعةعبدالإله المالك لديها سمعة وراء السمعةعبدالإله المالك لديها سمعة وراء السمعةعبدالإله المالك لديها سمعة وراء السمعةعبدالإله المالك لديها سمعة وراء السمعةعبدالإله المالك لديها سمعة وراء السمعةعبدالإله المالك لديها سمعة وراء السمعةعبدالإله المالك لديها سمعة وراء السمعةعبدالإله المالك لديها سمعة وراء السمعةعبدالإله المالك لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


صحيح بلا شك أن الأدب الساخر - فن السهل الممتنع

أتحفتنا تحفة قيمة أديبنا الرائع عماد تريسي ..

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

التوقيع

دعوةٌ لزيارةِ بُحُورِ الشِّعرِ الفصيحِ وتبيانِ عروضِهَا في أبعادِ عَرُوْضِيَّة.. للدخول عبر هذا الرابط:

http://www.ab33ad.com/vb/forumdispla...aysprune=&f=29


غَـنَّـيْـتُ بِالسِّـفْـرِ المُـخَـبَّأ مَرَّةً

فكَأنَّنِيْ تَحْتَ القرَارِ مَـحَـارَةٌ..

وَأنَا المُـضَـمَّـخُ بِالْوُعُوْدِ وَعِطرِهَا ..

مُــتَـنَاثِـرٌ مِـثلَ الحُــطَامِ ببَحْرِهَا..

وَمُــسَافِرٌ فِيْ فُـلْـكِـهَا المَـشْـحُـوْنِ
@abdulilahmalik

عبدالإله المالك غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-26-2014, 09:01 PM   #6
عماد تريسي
( أديب )

الصورة الرمزية عماد تريسي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 14

عماد تريسي جوهرة في الخامعماد تريسي جوهرة في الخامعماد تريسي جوهرة في الخامعماد تريسي جوهرة في الخام

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالإله المالك مشاهدة المشاركة
صحيح بلا شك أن الأدب الساخر - فن السهل الممتنع

أتحفتنا تحفة قيمة أديبنا الرائع عماد تريسي ..

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


بمروركم الكريم نشحذ الهمة لاستجلاب المزيد من هذه الذخائر الأدبية النفيسة بإذن الله .

امتناني الكثير لكَ أ. عبد الإله .




مودتي

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عماد تريسي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:51 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.