تحية لاخواننا الأحرار في تونس و مصر و ليبيا و شدَّ الله أزر اخواننا في اليمن و أهلنا في سوريا.
تتجه أنظار العالم اليوم إلى ما يُسمّى بالرّبيع العربيّ, نتاج الشّعوب الّتي قرّرت أن تقول للظّالم كفاكَ
و أن تعبرَ إلى ضفّة الحريّةِ حتّى لو اضطرت للخوضِ في الدّماء.
العالمُ بأسرهِ ينتظرُ بشوقٍ ما ستتمخّضُ الأحداثُ عنهُ في بلاد الرّبيع العربيّ و إذا ما ستتحول إلى الدّيموقراطيّة .
و لكن ما لم يغب عن أحد هو تتابع تلك الثورات و انتقالها من بلد إلى آخر كما العدوى,
و ترتيبها الّذي يُشيرُ نوعاً ما إلى امكانيّة حدوث تغيير في خارطة الوطن العربي,
ما إذا استمرّت نار الثورة بالانتشار في هشيم الشّعوب العربيّة المستعبدة و المظلومة.
و لا يمكن غضّ الطّرف عن عدم استقرار الأوضاع حتّى اللحظة في كل من مصر و تونس و ليبيا,
على الرّغم من نجاح ثورة الشّعب في كلّ من تلك البلدان ,
كما لا يُمكنُ غضُّ الطّرفِ عن طريقة التّعامل العربيّة مع كلٍّ من تلك الثّورات,
و عدم قدرتها على التّأثير مثلاً في مسار القضيّة اليمنيّة رغم التّدخل المتكرّر للدّول العربيّة الأقوى اقتصاداً و المتمثّلة في دول مجلس التّعاون الخليجيّ !
ثمّّ تدخّل الجامعة العربيّة المفاجئ في الملف السّوري , الجامعة العربيّة الّتي أثبتت على مدى تاريخها فشلها الذّريع في التّاثير في القضايا العربيّة الكبرى,
بدءاً من القضيّة الفلسطينيّة مروراً بالعراق و الصّومال و السّودان و فشلها في التّأثير في المجتمع الدّولي كونها تجمّع عربيّ لدول تمتدّ من المحيط إلى الخليج.
ما لاشكَّ فيه كونَ الملفّ السّوري قد وصل إلى مرحلة حرجةٍ جدّاً , فأعداد القتلى في تزايدٍ مستمرّ,
و خطرُ الحربِ الأهليّة الّتي قد تنتجُ مثلاً عن انشقاقات في صفوف الجيش و الأمن أصبح كبيراً جدّاً.
الأمر الّذي يحتاجُ حلّاً عاجلاً بالفعل .
إلا أنَّ الضّغوط الخارجيّة الّتي يمارسها المجتمع الدّولي و الدّول العربيّة بالتّالي يؤثّر أوّلاً على المواطن البسيط الفقير ,
الّذي ستقطع عنه الكهرباء و سيتأثّر بنقص المواد الغذائية و ارتفاع اسعارها ليجد نفسه في مواجهةٍ مع الموت,
بينما لا يتأثّر مسؤلو النّظام لنفوذهم الماديّ على أقلّ تقدير!
إنّ تعامل المجتمع الدّولي مع الأزمة السّورية لا يخلو من ذبذباتٍ تترواح بين الخوفِ على اسرائيل أوّلاً,
و الحرصِ على المصالح الاقتصاديّة في هذه المنطقة الاستراتيجيّة من العالم .
الملفت للنّظر في موضوع الجامعة العربيّة هو كونها تجاهلت قبلاً القضيّة الليبية و الآن القضيّة اليمنيّة,
و تعاملها اليوم مع الملفّ السّوري بجديّة ليست جديرة بالاحترام بقدر ما هي موضع دهشةٍ و استغراب!
ثمّ التّهديد بسحب سفراء الدول العربيّة من سوريا الّذي كان الخطوة الأولى من نوعها في مجال دعم الثّورات العربيّة
مع الأخذ بعين الاعتبار الأعداد الهائلة لضحايا الثّورة في اليمن و الّتي تتّسم منذ فترة لا بأس بها بكونها مسلّحة ,
بينما تأزمت الأوضاع في سوريا و انتقلت إلى المواجهة المسلّحة منذ فترة قريبة و تحديداً في الوقت الّذي انشقّ فيه عناصر من الجيش و الأمن.
نقاطٌ تدعو للتّساؤل عن سبب التّذبذب العربيّ في التعامل مع القضايا المختلفة و عن جدوى الاجتماعات الطّارئة للجامعة العربيّة الفاشلة على مدى تاريخها ,
و عمّا إذا كانت سوريا اليوم في موقفٍ حرجٍ و حسّاس مناسبٍ تماماً لاحكام خيوط المؤامرة عليها -بغضّ النّظر عن حساسيّة المثقّف العربي لكلمة مؤامرة -
كونها الشّوكة العالقة في حلق اسرائيل و من ورائها.