كشف النقاب عن مصاير الموجودات 22-9-2018
ملحوظة : هذا مقال فلسفى كتبته من فكرى الخاص ، ولم يقع بين يدي اى كتاب او مرجع او مقال تكلم عن المصير.
المصير دائمًا هو نهاية لكل بداية للموجودات والمجعولات، ونستطيع أن نرى ملامح هذا المصير مِن مُعطيات خواص البدايات. ودائمًا تتفاعل خواص تلك المعطيات وتنفعل مع القوى الخارجية سواءً الخيّرة منها أو الشرّيرة، كذلك تنفعل مع أحداث الدهر القدرية التي لا تحمل مِن خصائص إلا مِن فِعل الله وقضائه. تنفعل وتتفاعل مع القُوى والأحداث القدرية ليتجلى في النهاية مصير مُدرَك شكله، محدد وقته، موسومًا بالقبح أو بالجمال.
المصير يُذكر في ماضي الكائنات وأحداثها ويكون ذكره حينذاك محدد المعالم والماهية، كما يُذكر في مستقبلها ولا يُذكر حينذاك إلا رجمًا بالغيب، وهذا الرجم مستمد من معطيات الحدث أو شكله أو صفته، ولا يرتبط ذكره مطلقًا باللحظة الآنية كما لا يرتبط ذكره بالعدم بداهة.
كما ترتبط المصائر المختلفة في بعض الأحايين وكذلك فقد تفترق في أحايين أخرى. فمصير الجنين مرتبط بمصير أمّه يعيش إذا عاشت ويموت اذا ماتت وبِذا، فقد ارتبطت المصائر وانفعلت وتفاعلت معًا.
كما أن هناك ما يسمى بالمصير المطلق والنهائي، فنرى مثلًا مصاير الكائنات مرتبطة بمصاير الكون الذي تحيا فيه فإذا زال زالت تبعًا وإذا بقي بقيت،وببقائه يخوض فيها المُكلف رحلة الابتلاء والعبودية بينما يخوض فيها غير المكلف رحلة عبودية فقط، أمّا في فناء الكون نجد بعده يخوض فيها المكلف وغير المكلف رحلة جديدة، رحلة عالم السرمد، وهكذا نرى أيضًا كيف تلاقت المصاير وتفاعلت مع بعضها.
وعلى الافتراق، نحن نعيش في كون ذي أبعاد معينة لا تُخترق مطلقًا، كما أن هناك كونًا آخر يعيش في أبعاده والتي كذلك لا يمكن أن يخترقها، وهكذا افترقت المصاير واكتفت كل منها اكتفاء ذاتيًا فلا تنفعل مع بعضها ولا تتفاعل.
والمصائر منها المحمودة ومنها المذمومة، فكما أنها تقترن ببئس قبلها فإنها أيضًا تقترن قبلها بنعم.
فإذا حملت الكائنات من حميد الصفات ونزلت الأحداث بالنفع على موجوداتها وتجلت لِمَن حولها على حقيقتها تعطّرت الأُنوفُ من رائحتها ولذّت الألسنُ عند ذكرها وءالت عند الله وعند الناس محمودة، أمّا إذا حملت من سوء الصفات ونزلت الأحداث بالمضرة على موجوداتها وتجلت لِمَن حولها على حقيقتها تأفّفت الأنوفُ من رائحتها وتعلقمت الألسن وعفّت من سيرها وآلت إلى ربها والناس مذمومة.
وكما أن المصير ممدوح ومذموم فهناك منه المصير الصادق والمصير الباطل، كما يوجد المصير المتحول والمصير المُلتَبس فيه.
المصير الصادق: هو صفة لكل مصير نال ما استحقَ من مدح أو ذم ثم وصل إلينا كما دُوّن في التاريخ أو الآثار، أمّا المصير الباطل فلم ينل ما استحقَ من مدح أو ذم أو لم يصل إلينا كما دون في الآثار والتاريخ أو كما يجب أن يدّون.
المصير الملتبس فيه: هو مصير ينتمي إلى المصائر الصادقة تارة وتارة أخرى ينتمي إلى الكاذبة، وسبب ذلك أنه معزوٌّ إلى أيديولوجية الكائنات، فاختلاف الثقافات والعقائد صناعة مفرزة لصيرورة التغيير، فما هو موسوم مصيره في ثقافة أو عقيدة، موسوم إلى النقيض في ثقافة أو عقيدة أخرى، فهو صادق عند أحدهم وكاذب عند الأخرى، فتقلب بين هؤلاء وهؤلاء فتزيَّ بلباس الشك.
كما أن هناك بعض النفوس الكاذبة المهيمنة على بعض مجريات الأحداث الكونية فتحول مصاير بعض الثوابت التي لا لبس فيها إلى مصاير أخرى أو يصاحبها الشك أو الطعن في ماهيتها وتقذفها في النفوس وكل هذا لبلوغ أهوائهم الدنيئة.
أمّا المعنويات غير الملموسة مثل الخير أو الشر، الحب أو الكُره، النصر أو الهزيمة، فرغم أنها غير مرئية إلا أنها حقائق لها كيان خالد، تؤثر في الأرواح وتُحدد مصائرها بنفسها ولا يُحدد لها مصائر، إنها مصائر فاعلة دائمًا وليست مفعلولة فيها، خالدة لا تموت ولا تتبدل في كل الأبعاد سواء ذاك البعد الملائكي أو الشيطاني أو البعد الخارج عن نطاق كوننا. ولتوضيح هذه النقطة أقول إن مصير الخير نتيجة واحدة دائمًا وهو الخير وكذلك الشر وكل المعنويات، ولن نفعل فيها لنغير مصايرها لكنها تفعل فينا.
والماديات فهي أشياء شكلية صنعناها بأيدينا ولها مسميات صورناها في خيالاتنا، والحقيقة أنها لا شيء استوجدناها في تصوراتنا، لذلك فإنها تتبدل، تصغر أو تكبر أو حتى تُذر في الرياح، ألم نلحظ أن هذه الملموسات عندما نُحدد لها كيانًا نكنيها بكناية فنحولها إلى معنويات غير مرئية لكي نخلدها ونبقيها فلا تفنى، أنظر نقول مثلًا، أريكة الحب أو خفافيش الظلام.
فمصير الكائنات والأحداث إجمالًا جزء من التاريخ يجب أن يُدون على الحقائق اليقينية التي لايشوبها شك وإلا تبدل على غير حقيقته فضلَّ وأضلَّ.
فهو من معارف وعلم الإنسان يجب أن يُدركه ويعِيَه،يبصره ويعقله.
فإذا أحطنا به وثقفناه كان آية وعلامة ومصباحًا نتخذه موعظة وعبرة ليضيء لنا دروب الحياة، فنتخذ من هذه الدروب ما يُفرز لنا عوامل البقاء والرخاء والازدهار والنجاة ونتجنب من هذه الدروب أيضًا ما يفرز لنا عكس ذلك.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست