.
قُل للسَّوادِنِ يفتحنّ الصوامعَ لي
فالرِّيح صِرٌّ وبرّدُ الغَورِ آذاني
كيفَ ؟
حين يأخُذ بيدك " بيت " إلى صاحبه.. !
مُصطفى وَهبي التّل
(1899_1949)م.
شَّاعِر .
بَرز اسمه في الشِّعر العربي المُعاصر، مُتمرد ثائر ضد الظلم، رفيق الضعفاء، خصم الأقوياء، كان شعره أبعد أثراً من كل شيء لآخر،
تَلقب بِ " عَرار "
وهو اسم نبات النَّرجس البرِّي، زهرتها جَرسِّيّة الشَّكل.
وقيل قد أخذه لنفسه من قول الشاعر "عمرو بن شأس الأسدي" في ابنه ( عِرار ).
أرادت عِراراً بالهَوان ومن يُرِدْ
عِراراً لَعَمْري بالهوانِ قد ظَلمْ
وإنّ عـراراً إن يـكـن ذا شـكـيمـة
تعـافونـها منه فـما حيـلةُ الشّـيَمْ؟
قال البدوي المُلثَّم:
"... أن إعجابه بـعِرار صاحب الشكيمة الجاهليّة حمله في القرن العشرين على أن يختار (عِراراً) توقيعاً لمنظومه ومنثوره، إذ كان هازئاً بالحياة محتقراً أناسيها مسفّهاً تقاليدها".
عُرف بمواقفه الجريئة وآثاره الأدبيّة في سياقٍ تاريخي كان وطنه فيه في طور التأسيس وشحيحاً بالمنجزات العلميّة والأدبيّة والثقافيّة، وسياقٍ اجتماعي محافظ لم يلتزم به كثيراً.
عَاشر عُلية القوم في زمنه، بل كان ندًا لهم. وكانت صلته وثيقة ببلاط الملك عبد الله الأول بن الحسين، حيث كانت تجتمع نخبة من الشعراء والأدباء، وتدور بينهم مساجلات ومعارضات شعرية، وعلاقته واسعة مع الشُّعراء المُعاصرين له أمثال:
إبراهيم ناجي، أحمد الصافي النجفي، إبراهيم طوقان، عز الدين الملكاوي، عبد الكريم الكرمي، الشيخ فؤاد الخطيب.
وَ!
اهتم بمجتمع النّور اهتمامًا خاصًا لم يكُن مألوفًا في وقته بل لاتخلو قصيدة من ذكر مناقبهم وحوادثهم؛ وتجلىّ ذلك في رثائه لصديقه النّوري " الهبر " وعَرار لم يرثي بشعره سوى الشريف الحسين بن علي ، وابن عمه فؤاد علي نيازي التّل .. !
له ديوان وحيد
[ عشيّات وادي اليابس ]
وعنه قال
روكس بن زائد العُزيزي: سمّى ديوانه باسم الفتاة النّورية التي أحبّها اسمها " عشيّات " هذا ما قاله شاعرنا لي ". وأثبت ذلك صديقه
" زعل القسوس " إذ قال أنّ عشيّات ليست جمع عشيّة، بل هي فتاةٌ اسمها "عشيّات" عرفها من كثب، لأنه كان يذهب مع عِرار إلى "وادي اليابس" حيث كانت مضارب "إخوان سلمى" (النّوَر).. وفيه:
يا أختَ وادٍ قد دعوتُكِ باسمِه
وله نسبتُ تبرّكاً ديواني
،
مع ابنه وصفي التّل
عَرف العامة " عَرار " ..
عن طريق قصائده التي غنّتها " هيام يونس" :
ومنها ..
ليت الوقوف بوادي السير إِجباري
وليت جارك يا وادي الشتا جاري
لعلني من رؤى وجدي القديم به
أرتاد مساً لجنيات أشعاري
وأخرى ..
أهكذا حتى ولا مرحبا
للّه أشكو قلبك القلبا
أهكذا حتى ولا نظرة
أُلمح فيها ومض شوق خبا
أهكذا حتى ولا لفتة
أنسم منها عرفك الطيبا
كان!
كمن وجد مدينته الفاضلة في مُجتمع النّور، وجد العدالة الإجتماعية.. ، واللامُبالاة على السجية .. ، وهو الهَارب من واقع مُنهزم مُر إلى مَقر تذوب فيه الفوارق، ليُعيد توازنه.. مُستخدما تلك العلاقات الودية بينهما كَ شخوص مُجتمعية تتوزع نماذج شعرية لخلق مُبرر يُعينه في خطابه الإجتماعي الثائر على السائد ..
بين الخرابيش لا عبد ولا أمة
ولا أرقاء في أزياء أحرار
ولا جناة ولا أَرض يضرجها
دم زكي ولا أخاذ بالثار
ولا قضاة ولا أحكام أسلمها
برداً على العدل آتون من النار
ولا نضار ولا دخل ضريبته
تجنى ولا بيدر يمنى بمعشار
بين الخرابيش لا حرص ولا طمع
ولا احتراب على فلس ودينار
الكل زط مساواة محققة
تنفي الفوارق بين الجار والجار
قال مُخاطبًا رفيقه:
إثر موقف حصل مع مُدعي عام اللواء..
يا هبر بي فقر كفقرك للإباء وللحمية
أو ما تراني قد شبعت على حساب الاكثرية
واكلت بسكوتا وهذا الشعب لا يجد القلية
ولبست اذ قومي عراة غير ما نسجت يديه
فأدر كؤوسك، يا ابا ناصيف، مترعة روية
وأحل مقال الشيخ إن افتى بحرمتها عليه
إن الذي تسبى مواطنه تحل له السبية!!
عبود يا ناعي النهار على المآذن في العشية
قسما بماحص والفحيص وبالطفيلة والثنية
وبمن شقيت بهن وهي بأهلها مثلي شقية
ليس الهدى وقفا على فئة الشيوخ الازهرية
إن الحياة لها قواعد غير متن الخزرجية
ومن قوله:
يا راهب الدير تبنا عن محبتهم
وقد أنبنا فلا كاني ولا ماني
ولا هوى رسه يبكي فتدمغه
بذكرياتك وادي السير ألحاني
شبنا وران على الفودين متزن
من المشيب بكى حظي وأبكاني
يا راهب الدير تبنا والحياة كما
ترى تلوى لمثلي لي ثعبان
وقال راثيًا نَفسه .. !
يا أردنيات ان اوديت مغتربا
فانسجنها بأبي انتن اكفاني
وقلن للصحب واروا بعض اعظمه
في تل اربد او في سفح شيحان
قالوا قضى ومضى وهبي لطيبته
تغمدت روحه رحمات رحمان
،