السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
مساء الطهر ..
نحاول في كل مرة أن نلقي الضوء على أحد النصوص المنشورة هنا في أبعاد أدبية
في محاولة متواضعة لتتبع مسارب الضوء ومنابع الذائقة ..
وهنا كان للنص الوطني ( حلم وطن ) للشاعرة القديرة .. أصيلة المعمري
حضور جميل يستحق المتابعة والمصافحة ..
فإلى النص ..
[POEM="font="Simplified Arabic,5,crimson,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]يا سيدي والي لك الحـب مزروع=بصـــدورنا والله محد(ن) يشله
شعبك جنودك بالمهـمّات لك طوع=طاريك غيمٍ بالبسـيطة نهـلّه
يأميرنا طيبك بــنا شيد ربــوع=منهــو يملّ العز منهو يمله؟
حبك فريضة قبل لا يكون مشروع=وأنا أشـهد أن هيامنا في محله
أطفالنا و شيوخـنا ، كلنا جـموع=(قابوس) ساس الفخر والشاهد الله
وهذي (شناص)منوّره كلّها شْموع=وشلون مـا تنّور لـكم يا الموله؟
يا أرضنا تفجّــري لهْ بْـ ينبوع=مـن حـــقنا نفرح وحنّا هَللهّ.
أقولها يا أبوي وبصوت مسـموع=أنـت الوطن والسيف حنّا: نسلّه
عْمانيّةٍ لي راس عالي و مرفـوع=مولاي شامـخ والمـكارم تجلّه
شموخك اللي بين الأضلاع مطبوع =يحفظك ربي ما بقى العمر كله
نحيا على شوفك ولأخبارك نْجـوع=يااللـي تعدّيت الأهَل والأهِلّه[/POEM]
أصيله المعمري
للسلطان قابوس و للوطن المتأصل بالنفوس وللحلم المعانق لشمس الشموس
كان هذا النص الوطني المتنامي حبا والمبلل عذوبة والصادق حسا..
للشاعرة استطاعت أن تترجم ما اختلج في قلبها وقلوب أهالي سلطنة عمان عامة وشناص خاصة ..
لتنثر الاحترام ولوفاء حبا و شموخا ونقاء ليزهر بين المحاني و العروق رندا وخزامى ..
فكتابة نص عن القائد الأعلى قابوس الإنسانية يعتبر شرف وحبور ووفاء..
فالمشاعر الجياشة والحب السامي كما نلاحظه في هذا النص..
تتسابقا حنينا وشوقا لمصافحة روح هذا الإنسان الغالي .
فإلى النص وما يحتويه من سحرودرر
إن أول ما يلفت الانتباه هنا هو عنون النص ( حلم وطن )
وإثارته للعديد من الأسئلة في ذات المتلقي وشحن ذهنه للبحث عن مهيته وأبعاده ورؤاه
فـ السلطان قابوس حلم الوطن..
فالوطن يحلم بمثل هذا الإنسان وبكل ما تحمله الأحلام من الأماني والأشواق والتقدم الذي لا تتحق إلا به
هو شخصيا وكذلك حلم الوطن يكمن في روح السلطان وتواجده قائد لحدوده وقيوده
وآمرا وناهيا وأبا لكل من وطئت قدمه هذا الوطن المعطاء.
(يا سيدي والي لك الحـب مزروع=بصـــدورنا والله محد(ن) يشله)
دائما ما يكون أول بيت في النص المحور ولارتكاز الذي تنبثق منه رؤية القصيدة ..
ونتستقرئ من خلال مهيته الدلالات الشعرية المراد إيصالها لذهن المتلقي..
فكان هنا الحب هو المنبع الذي تتفجر المشاهدالشعرية منه وإليه دلالة على قوة البداية
مستخدمة أسلوب الدهشة منذ الوهلة الأولى ولعلها أقرب الطرق للفت انتباه القارئ..
مما أعطى مطلع القصيدة بعدا جميلا وأسلوب تشويقي أخاذ..
(يا سيدي والي لك الحـب مزروع )
فمزروع هنا في الزمن الماضي إي أن هذا الحب لم يكن حديث المولد والتكوين
فأنت يا سيدي قابوس منذ القدم وأنت ممتد بجذور حبك في قلبونا وأجسادنا وأرواحنا .
( بصـــدورنا والله محد(ن) يشله )
ويأتي الشطر الثاني وبالقسم ( والله ) ليؤكد أن هذا الحب والغلاء سيبقى أبد الدهر والسنون
لن ولن يستطيع أن ينتشله أحدا من أفئدتنا وصدورنا
( شعبك جنودك بالمهـمّات لك طوع=طاريك غيمٍ بالبسـيطة نهـلّه )
ثم ينتقل السياق الشعري لمخاطبة ذلك السيد المطاع لتبيان مقدار الوفاء والغلاء
فكان الشعب هم الجنود والجنود هم الشعب على قلب واحد
فكان لاختيار الفظ ( طوع ) هنا تأثير واضح على المعنى المراد إصاله بدقة متناهية
فالطواعية تنفي ما عدها من الأفعال والصفات
استنادا من قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) .....
ثم نعرج للشطر الثاني والذي انتقلت بنا الشاعرة لصورة ثانية
ففي المهمات الصعبة نحن لك طائعين وكذلك بمجرد طاريك وذكر أسمك أيها السلطان قابوس
يكن غماما ينهل على البسيطة والوطن مطرا فراتا عذبا فتتناقله الألسن وتضمه المهج.
( يأميرنا طيبك بــنا شيد ربــوع=منهــو يملّ العز منهو يمله؟ )
ونلاحظ في هذا البيت استخدمت الشاعرة بأسلوب بسيط ممتنع
لإكمال المشهد التصويري من خلال لقطه رائعة في فلسفة واعية دونما الإخلال بالمعنى المراد الوصول إليه ..
فطيبك واهتمامك بنا يبني في مدن قلوبنا مسافات شاسعة من الود ومساحات يانعة من الغلاء
فكان لتلك الأفعال والخصال الحميدة ذرى وشموخ وعز لنا
فهل هناك أحد يمل مثل هذا العز والجاه الذي بنيته لنا وأسكنتنا به وسكنت قلوبنا من خلاله ..
(منهــو يملّ العز منهو يمله؟ ) و بصيغة استفهامية لتبين وتأكد مدى شموخ هذا الحب وصدقه..
( حبك فريضة قبل لا يكون مشروع=وأنا أشـهد أن هيامنا في محله )
فيأتي هذا البيت صدى للبيت الأول من حيث الحب والمودة والولاء
فالهيام من أعلى درجات الحب وهو الذي يستحقه فكان حبك فرضا علينا أيها القائد وقرضا يجب سداده بالروح
والوفاء . بيت غني وعميق فقد دارت حوله كثير من المعاني الرائعة ..
في مرحلة جديدة من مراحل النص فقد بلغت حرارة الأنفاس ذروتها لتخليد مثل هذا البيت الجميل
(أطفالنا و شيوخـنا ، كلنا جـموع=(قابوس) ساس الفخر والشاهد الله)
فأنت أيها السلطان قابوس أساس الفخر ومنبعه فالكل صغيرا أو كبير يفتخر بك وبسموك .
( وهذي (شناص)منوّره كلّها شْموع=وشلون مـا تنّور لـكم يا الموله؟)
فبمقدمك الميمون أنرت ( شناص ) واستنارت أركانها وزواياها كيف ولا وأنت مصدر ضياء عمان وعزتها
هنا نلاحظ تدرج في الوصول لمناسبة القصيدة وتسلسل منطقي للحدث
في نهايته المشحونة بفيض من المشاعر الصادقة والعواطف الجياشة .
( يا أرضنا تفجّــري لهْ بْـ ينبوع=مـن حـــقنا نفرح وحنّا هَللهّ. )
(يا أرضنا ) أمرا وو جوبا أن تتفجري سلسبيل فرحا وزهوا بهذا القائد وهذه الزيارة الكريمة
التي أضفت علينا السعادة والسرور والبهاء
فأنت في حديقة أروحنا ساكن في أنفاسنا التي عطرتها بمقدمك المسكوب فيعروقنا والمنتشر في وجداننا ..
إذا من حقنا أن نفرح ولن يلومنا أحدا في ذلك ..
بيت فائق الدقة والتصوير يعبر عن لحظة من لحظات التوهج الإبداعي عند الشاعرة أصيلة
مكونة مقطعا هامسا بإيقاع نغمي هادئ بأسلوب يأسر النفس
فيقود قارئه دون وعي منه نحو مناخا ربيعا يانعا ..
( أقولها يا أبوي وبصوت مسـموع=أنـت الوطن والسيف حنّا: نسلّه )
بكل فخر وعلى مسمع من الأشهاد أعلنها أيها الأب الحاني والقائد الشجاع أنك أنت الوطن لأحلامنا وآمالنا
وأنت السيف الذي نسله بوجه الأعداء فبك ومنك مصدر قوتنا ودرعنا الحصين
فكان لاختيار ( يا بوي ) هنا مبعث دفء وحنين واطمئنان .
( عْمانيّةٍ لي راس عالي و مرفـوع=مولاي شامـخ والمـكارم تجلّه )
فبـ..عمان نلامس الغيم ونصافح الجوزاء شموخا وكبرياء وأنفة
كيف ولاء ونحن من شموخك وإجلالك الذي جعل العالم بأسريقدرك ويكن لك التقدير والاحترام
وتجعل لك قدرا وقيمة وهيبة ولسلطنه عمان عموما.
كذلك اختيارها لـ ( عمانية ) دلالة إيجابية متزامنة مع السياق الشعري الفني للمشهد
في بيت يتهادى الحب في نسماته ..
( شموخك اللي بين الأضلاع مطبوع =يحفظك ربي ما بقى العمر كله )
امتدادا للبيت السابق يأتي هذا البيت ليكمل الصورة ويعمق المعنى
في حضورا مفعما بالصدق والحب والوفاء
فالقلوب تلهج بالدعاء لك أيها السلطان قابوس بأن يحفظك الله ويحميك
( نحيا على شوفك ولأخبارك نْجـوع=يااللـي تعدّيت الأهَل والأهِلّه.)
الحياة والجوع .. متضادان في شطر واحد ولكن كلهما يؤديان لمعنى إجابي وجميل
فبرؤيتك وتواجدك تعشوشب قلوبنا وتحيا ونتعطش ونجوع لكل ما يمت لك بصلة
متجها بدلالته الوجدانية نحو هذا الحب وبشتى الطرق و وسائل الإقناع لإثبات التأثير النفسي ا
لذي ابتغته الشاعرة بفرضها
تصب في مجرى سياقي واحد ضمن صور متجانسة داخل السياق الأساسي
للنص ..
مما سهل مهمة التأثير والتأثر في نفس القارئ ..
( يااللـي تعدّيت الأهَل والأهِلّه )
فأنت الذي تعدى حبك وغلاك أكثر من الأهل وابعد من الأهله
منغمس هذا المقطع في شعور داخلي يصور أجمل لحظات الحب والنقاء وذرات الإحساس
كان لإسقاط هذا الفظ ( يا اللي تعديت الأهل والأهله )هنا إيحاء عميق بدلالة المعنى و تصوير الحالة الحسية
التي وصلت إليها الشاعرة . لتحرير منطقة وجدانية ساخنة في مخيلة المتلقي
و استثمار اللغة الشعرية عندها كما نلاحظ استخدامها الجناس بين الأهل والأهلة .
النص من رؤية فنية :
استطاعت الشاعرة أن تؤثر بأسلوبها الصادق ومشاعرها المفعمة بالوطنية والحب لقائدها ورمز عزتها
على أحاسيس المتلقي
فلو أمعنا النظر في المعطيات الموجودة في النص لا لحظنا أنها تترجم حب نا بع من القلب ولولاء للسلطان قابوس
يتحول في ضوئه الموضوع إلى رؤيا إنسانية شاملة منبثقة من تجربة ناضجة
تعيشها الكاتبة بمنأى عن أسلوب التفسيرالمباشر الممل والتقريرية البحتة ..
ويعتبر الأسلوب هنا مناخات خصبة لجذب المتلقي لفضاءاته
فجاءت المفردات في بنائها و علاقتها مع المعنى طاقة تتفجر اللغة من خلالها شظايا تأسر المتلقي
وتشبع ذائقته وترضي نهمه .
فكان هذا النص مكتوبا بضمير المتكلم
الذي جعل السرد أكثر شحن وأقوى صيغة في طرح التأملات ورؤى
والذي بدوره يجعل الذات تحتك مع الأشياء والعناصر المعطاة
دون تبعثر للفكرة الرئيسية للموضوع ويعطي أيضا للقارئ لذة في تتبع مسارب الضوء وانبثاقاته
من خلال ..كثافة المشهد وفخامته..
كما نلاحظ أن النص مكتنز بالومضات التي تشع في كل الاتجاهات صور تترا لا تخلو جملة من لوحة فنية رائعة يانعة
فهي تمتلك رحيق المفردات و التوهج اللفظي الذي يمنحها تملك زمام الفكرة والموضوع ككل
بمزجها الفلسفي الرائع بالوطنية ولوفاء غائر بالمشاعر والأحاسيس الشفيفة المرهفة
والتي ترتكز على التلقائية المتدفقة عن وعي عميق وثقافة مكتنزة بالإبداع
عبر لغة متفجرة ومهيمنة على حدود الفكرة وخلجاتها بهندسة إبداعية
متكئة على رؤى تسبر أغوار المعنى وتنبثق منه بدقة متناهية مترابطة الوحدة والبناء م
كونة لها أسلوب ومنهاج يمنحها التفرد وعدم التبعية المطلقة .
إن أول ما يثير إعجابنا واهتمامنا في هذا النص هو أسلوبها الذي
يوحي بسليقة لغوية ترتوي من ثقافة واسعة وذكاء في اقتناص الصور والتراكيب..
ومن هذه الصور الشعرية ..
( يا سيدي والي لك الحـب مزروع )
( طاريك غيمٍ بالبسـيطة نهـلّه )
( طيبك بــنا شيد ربــوع )
( تفجّــري لهْ بْـ ينبوع)
( يااللـي تعدّيت الأهَل والأهِلّه )
( نحيا على شوفك ولأخبارك نْجـوع )
فاستطاعت الشاعرة أصيله أن تنقلنا إلى معاني سامية و كبير عن هذا الحب البحر العميق .
قمة في التناسق بين اللفظ و والإيقاع في خلق مناخ كامل التعبير و إيقاعات وطنية
شفيفة في نص شاعري أخاذ في حضور ينم عن ..
فقد أعطت للقصيدة الوطنية خصوصية وذائقة جديدة وإيقاع داخلي
في لغة حية ملموسة مكونة خطا شعريا مميزا تستحق المتابعة والتقدير..
أرجو لها دوام التألق والتوفيق