يحملون معاولهم التي تقطر دما ،يرتدون ثيابا سوداء ممزقة،وقد برزت أنيابهم وأظافرهم بشكل غريب،عرفهم رغم بشاعة ملامحهم، يحاصرونه من كل الاتجاهات، يقتربون منه،يتقدم مختار القرية ،يضربه في بطنه،يسقط،ويسيل الدم بغزارة،يتقدم الآخرون ويضربونه من كل الجهات،ثم يغادرونه وهو ملقى على الأرض،فينقض الجراد عليه،ويبدأ بنهش جسده.......،يستيقظ فزعا من نومه،والعرق يغطي وجهه .
*********
سنابل القمح في حقول القرية ترتدي فستانها الذهبي وكأنها تشارك أهل القرية احتفالهم بالعيد، أهل القرية انطلقوا صباح يوم العيد نحو مكان إقامة الحفل الذي تكفل به مختار القرية، وعدد من التجار.
بدأت الاحتفالات، وأخذت أصوات الموسيقى والأغاني التي تصدح بها فتيات القرية بأصواتهن العذبة،تتناهى إلى سمع كامل وهو مستلق في فراشه...
النور لاح
والعطر فاح
والعيد جاء بالأفراح
*********
- هيا يا كامل ، ارتد ملابسك، والحق بي إلى الحفل لتناول طعام العيد مع أهل القرية حتى لا يغضب المختار.
- قال والده جملته هذه،وخرج يتوكأ على عصاه.
تسمر في مكانه، لم يكن نائما،كان يفكر فقط ... من الذي سيحصد قمح حقلنا سواي؟ لن يستطيع والداي القيام بهذه المهمة الشاقة لوحدهما.
أخيرا قرر أن يقوم ، لبس ملابس مهترئة تناسب العمل في الحقل، أخذ منجل والده ، وخرج صوب الحقل، وبدأ يحصد، والناس يمرون عليه، ويسلمون ، ويستغربون من هذا الذي يعمل صباح العيد بينما نساء ورجال القرية يرقصون ويغنون ويتناولون أطايب الطعام.
- (صوت):خمس سنوات في الجامعة يا أستاذ كامل،من أجل أن تتعلم حصاد سنابل القمح؟
- (صوت آخر): أنا تعلمت الحصاد في يوم واحد.(يضحكون)
- لقد تغير الأستاذ كامل بعد حصوله على الشهادة،ولم يعد يحب المشاركة في احتفالات القرية.
- (صوت):أحذرك،إذا لم تحضر الحفل فسيمنعك المختار من العمل في وظائف القرية.
************
استمرت الاحتفالات، مدة طويلة، تغير خلالها الجو،وهبت الرياح، واكتسى الأفق بلون أصفر غريب.
اقترب اللون الغريب أكثر وأكثر،فامتلأت الحقول بجراد أصفر ضخم، عاث فسادا في السنابل اليابسة، وهشمها، وحينها كان كامل قد انتهى من خزن القمح الذي حصده في البيدر.
*************
- (لا تخافوا،فلن تموتوا جوعا لا أنتم ولا أبناؤكم،لأن تجار قريتنا الكرام سيبيعونكم ما يكفيكم من القمح إلى السنة القادمة، ولكن كما تعودتم، الصاع بصاعين)
هكذا قال مختار القرية في خطبته.
صفق الجميع،ودعوا للمختار بالصحة والعافية،وللتجار بالرزق الطيب الحلال، وعادوا للهو واللعب،بينما كان أفراد أسرة كامل يتناولون الخبز الذي صنعوه من محصول حقلهم لهذه السنة،ويتناهى إلى سمعهم صوت فتيات القرية بأصواتهن العذبة وهن يرددن:
النور لاح
والعطر فاح
والعيد جاء بالأفراح
صالح العسكري