أخذُكَ للعلم قُـل لي متى ؟؟
قبل أيام وأنا أتصفح أحد المواقع لفت انتباهي المحاورة الشعرية التالية التي صاغها أحد الشعراء بأسلوب درامي مثير وشيق لتحكي سبب من عدة أسباب لنفور الطلاب وتهربهم من أجواء الدراسة
حيث يقول أحد الطلاب :
أستآذ تگفى وقف الدرس لآهنت = وشلون أبفهم دآم خِلِّي نسآني
لآصآر خِلِّي هو حبيبي وأنا إنت = وتشوف خلك رآيح لشخص ثآني
فرد عليه طالب آخر مناقضاً لفكرة زميله في ايقاف الدرس قائلاً :
استاذ تگفى گمل الدرسَ لآهنت= يضحگ على نفسھ مسوي يعآني
شفني آنآ ميت من الحب في بنت = لگن جآلسَ منتبه في مگآني
وهنا جاء دور المعلم فهل تتوقعون أنه سيوقف هذه المهزلة ويستمر في الدرس أم يراعي معاناة التلميذ العاطفية وينصاع لرغبته في ايقاف الدرس )
هذا ما يتضح من خلال رده التالي :
أحسنت يا تلميذ أحسنت أحسنت= هيضت قلبي يوم شعرك لفاني
وذكرتني باللي على حبه أدمنت= لكن قلبه صد عني ونساني
ثم أردف المعلم قائلاً
وأوقفت شرح الدرس تقدير لك انت= والدرس هذا بشرحه فيوم ثاني
( سبحان الله يعني حتى المعلم طلع واقع في ذات المعاناة لكن معاناته بصمت حتى لا يفقد هيبته أمام تلامذته غير أنه لم يتمالك نفسه حين هيّج التلميذ أشجانه وعزف على الوتر الحساس وأوقد في داخله جرح دفين ربما كان خامد منذ سنين
ومثل هذا الحال يصدُق قول الشاعر القائل :
وذو الشوق القديم وإن تعزّى = مشوقٌ حين يلقى العاشقينا
...
وعموماً إذا كان هذا المعلم وتلامذته قد عصفت بهم رياح الهوى فاتفقوا على تأجيل الدراسة قليلاً ريثما تهدأ قلوبهم فلا بأس إذاً فرياح الحب إذا عصفت بالمرء عطلت الحواس لكن ماذا لو عصفت رياح الغبار والأمطار فهل يقتضي الأمر كذلك تعطيل الدراسة ؟؟ للأسف هذا هو الحاصل في أغلب مدارسنا وجامعاتنا التي اعتاد تلامذتها على الكسل والتسويف فتجدهم عند كل إعلان إخباري عن توقع أمطار أو توقع رياح مثيرة للغبار تجدهم وقد شمروا عن ساعد المطالبة بإجازة خوفاً على صحتهم كما يزعمون ولك عزيزي القارئ أن تتأكد من ذلك عبر مواقع الصحف الإلكترونية لتجد الكم الهائل من الردود والتعليقات المتأففة من الدراسة في مثل هذه الأجواء رغم أن الأمر لا يعدو كونه حالة طبيعية تحدث سنوياً عند الانتقال من فصل إلى فصل آخر من فصول السنة
ورحم الله أيام زمان عندما كنت طالبة على مقاعد الدراسة إذ لم نكن نعتاد على مثل هذه الاجازات العشوائية فليس لنا آنذاك إلا الإجازات الرسمية المتعارف عليها عند نهاية العام الدراسي أو إجازتي رمضان والحج ومع ذلك كنا مستمتعين بالدراسة على عكس طلاب وطالبات هذه الأيام الذين يدفعون أنفسهم للدراسةِ دفعاً دون رغبة وما ذلك إلا بسبب انشغالهم بالفضائيات وبرامج الأغاني والمسلسلات التركية أو انهماكهم في التقنيات الحديثة من أجهزة بلاك بيري وآي باد و آي فون و واتس أب و شغفهم بالإنترنت و برامج الدردشة و مواقع التواصل الاجتماعي من فيس بوك و تويتر
فإذا كان الجيل الحالي يتمتع بكل هذه المغريات فالدراسة إذن ستكون أمر ثانوي بالنسبة له تشغله عن هواياته ومتابعاته إذن فالحجة التي يتحجج بها الطلاب والطالبات عند هبوب العواصف أو نزول المطر ما هي إلا حجة واهية للانغماس في ملذاتهم وقنواتهم
وصدق الشاعر الذي يقول :
إذا كان يؤذيك حر المصيف = ويبس الخريف وبرد الشتاء
ويلهيك حسن زمان الربيع = فأخذك للعلم قل لِي متى؟
نجاة الماجد
جريدة الصباح / الكويتية / الجمعة14 جمادي الأولى