أسرة منتديات أبعاد أدبية تبارك لمشرفنا القدير الشاعر عبدالإله المالك
لحصول قصيدته السفر المخبأ على المركز الثالث
في مجلة الإبداع العربي للشعر
ألف مبروك شاعرنا القدير
*****
السِّفْرُ الْمُخَبَّأُ، لعبد الإله المالك
دَرْبٌ بِلا قَصْدٍ وَلا جِهَةٍ وَدُوْنَ خَريْطَةٍ
يَمْتَدُّ مِنْ رَحِمِ الحِجَارَةِ تَائِهًا وَعَلى الأَبَاطِحِ دَمْعَةٌ رَقْرَاقَةٌ..
مَنْ ذا يحَبِّرُ حُلْمَنَا فِي زَهْرَةِ الْيَقْطِيْنِ
حَطَّتْ عَلى سُوْرِ الْحَدِيْقةِ غيْمَةٌ ..
وَتنهَّدَتْ فوْقَ الْغُصُوْنِ فرَاشَةٌ ..
بَاحَتْ بِسِرِّ رَبيْعِهَا الْمَكْنوْنِ
لِلْحُبِّ فِيْ تِلْكَ المَدَائِنِ قِصَّةٌ ..
وَمَدَائِنُ العُشَّاقِ تَعْرِفُ أَهْلَهَا
وَالنَّاسُ تَعْرِفُهَا وَحَرْفَ النَّوْنِ
وَالنَّايُ أَحْدُوْ صَمْتَهُ فِي اللَّيْلِ إِذْ يَحْدُوْنِي
*****
غَنَّتْ لنَا فِيْ هَجْعَةِ الأَرْوَاحِ مِنْ أَشْعَارِهَا
رَشَّتْ عُطُوْرَ الصَّمْتِ فِي أَثْوَابِنَا..
وَتَثاءَبَتْ تِلْكَ النُّجُوْمُ عَلى المَدَى
وَتَمَلْمَلَتْ مِنْ غَيْبَةِ الْعُرْجُوْنِ
وَالسَّامِرُوْنَ عَلى ظِلالِ كُؤُوْسِهِمْ ..
نَامُوا بِعُقْرِ وَسَاوِسٍ وَظنُوْنِ
أَحْلامُهُمْ تَبْدو عَلى شُطْآنِهِمْ ..
جَذْلَى كَمِثلِ زَوَارِقٍ وَلُـحُوْنِ
مِثْلُ الْفَقاقِيْعِ الَّتِي تَرْتَاحُ بَيْنَ المَاءِ وَالصَّابُوْنِ
****
نَادَيْتُ يَا دَرْبًا وتِلْكَ مَضَتْ مَعِي.. مِنْ بَدْءِ سِفْرٍ خَالِدٍ
وَالدَّرْبُ يَحْمِلُ في يَدٍ تِلْكَ المَصَابيْحَ الَّتِي تَرْجُوْنِي
وَالكَافُ تُبْحِرُ فِي الفَضَاءِ الرَّحْبِ لا شَوْقًا وَلمْ تَحْمِلْ عَلى الأَلْوَاحِ بَعْضَ مُتُوْنِي
وَالنَّوْنُ قَدْ تَاهَتْ إِذَا مَا رَاقَصَتْ فِي غَيِّهَا .. بَعْضَ الْمَعَاطِفِ فِي مَرَايَا اللاَّزَوَرْدِ وَفِي مَدَى..
دَرْبٍ تَدَاعَى فِي هَوًى بِمُجُوْنِ
وَالعَازفُوْنَ مَضَوا عَلى أَنْغَامِهِمْ ..
لَمْ يَرْعووا ..
مَا بَيْنَ ضَاربِ طبْلَةٍ قدْ لامَسَتْ أَشْجَانُهُ تَقْسِيْمَةَ الْقانُوْنِ
يُضْفِي عَلى دَرْبِ الحَيَاةِ مَهَابَةً
وَمَشاعِرًا
مَزْهُوَّةً
لَيْسَتْ سِوَى
إكْسِيْرِ أَرْوَاحِ الفَلاسِفَةِ الَّتِيْ مُزِجَتْ
بِتِلاوَةٍ
وَبِنَفْثَةٍ
وَصَلاةِ نَخْلٍ بَاسِقٍ
قدْ صَافحَتْ أَعْذَاقُهُ
خَفَقَانَ قَلْبِ الطَّائِرِ المَيْمُوْنِ
مِثْلُ التَّمَاثِيْلِ الَّتِي قدْ أَسْبَغتْ بِظِلالِهَا تَغْيِيْبَةَ الأَفْيُوْنِ
****
فِي لَوْحَةِ الرَّسَامِ بَعْضُ مَلامِحِ الدَّرْبِ الَّذِي تَخْتَالُ فِيْهِ بِلا أَسًى..
هَذِي الطُّيُوْرُ لَهَا جَنَاحٌ بَاسِطٌ عَبْرَ الفَضَا ..
وَتَحُطُّ رِجْلَيْهَا عَلى سُحُبٍ هُنَا وَغُصُوْنِ
وَهُنَاكَ تُمْطِرُ دِيْمَةٌ..
وَعَلى الرَّصَيْفِ عَلتْ ثَنَايَا بَسْمَةٌ مُنْدَاحَةٌ..
غَسَلَتْ مَعَالِمَ وَجْهِهَا ..
بِالمِسْكِ مَعْ لَحْنٍ شَجِيٍّ صَبْوَةَ المَفْتوْنِ
شِعْرٌ بِلا رِئَةٍ تنفَّسَ مِنْ خِلالِ غَمَامَةٍ
وَتَنَاثَرَتْ قبْلَ الْغُرُوْبِ لآلِئٌ مَصْفُوْفَةٌ
وَالْقَلْبُ يَقْبِضُهَا بِلا عَرْبُوْنِ
وَهُناكَ فِي الوَادِي السَّحِيْقِ قَصَائِدٌ بِكْرٌ تُدَاعِبُ ظِلَّهَا
تَطْفُوْ عَلى المَاءِ المُذهَّبِ بِالرُّؤَى ..
مُشْتَاقَةٌ..
حَيْثُ الرِّيَاحُ صَحَائِفٌ مَشْرُوْعَةٌ ..
نَهْبٌ لِكُلِّ قَصِيْدَةٍ عَصْمَاءَ ذَاتِ شُجُوْنِ
مِثْلُ الْعَقاقِيْرِ الَّتِي قَدْ أَبْرَأَتْ ذَا عِلَّةٍ وَطُعُوْنِ
****
سَالَتْ دُمُوْعُ الشَّمْعِ مِنْ أَحْدَاقِهَا
وَتَسَاقَطَتْ
رَقرَاقةً خلْفَ المَتَارِيْسِ الَّتِيْ حَجَبَتْ جَدَاولَ أَنْهُرٍعَنْ طِفْلةِ المَسْجُوْنِ
ذَابَتْ عُيُوْنُ الَّلَيْلِ فِيْ أَهْدَابِنَا
وَحَمَلْتُ فِيْ جُنَحِ الظَّلامِ رُمُوْشَهَا
وَنثرْتُ أَقْمَارَ السَّمَاءِ وَسَائِدًا
وَهَمَسْتُ فِيْ أُذْنِ الْهَزيْعِ مُنَاجِيًا
يَا هَذِهِ ..
كُوْنِي بِقُرْبيْ ... كُوْنِي
وَابْقَيْ مَعِيْ
فِي رِحْلَتِيْ
فِي لَحْظَتِيْ
وَامْشِيْ هُنا
دَرْبُ الخُلُوْدِ وَدُرِّهِ المَدْفُوْنِ
مِثْلُ المَرَايَا إِذْ تَرَى حَسْنَاءَ تَسْأَلُهَا ..
أَفَاتِنَتِيْ ؟ أَأَنْتِ عُيُوْنِيْ؟.
****
وَالكَهْفُ مَبْسُوْطٌ عَلى طَرَفِ الوَصِيْدِ
فَمَنْ يُشَاهِدُ سِحْنَةً تَزْوَرُّ عَنْهَا فِي الدُّجَى
إِشْرَاقةُ التِّنِّيْنِ
مَنْ يَشْتَرِي الخُبْزَ المُطَهَّرَ بِالقُرَى
سَلْوىً لِهَادٍ نَاسِكٍ مَحْزُوْنِ
طَافَ المَدَائِنَ سَاعَةً مُتَوَلِّهًا
وَالقَلْبُ يَرْجُفُ خَشْيَة التَّعْييْنِ
وَالنَّاسُ تَرْقُبُهُ عَلى أَجْفَانِهَا آيَاتُ حَيْرَتِهَا سُبَاتُ رَقيْمِهِ
فِي مَا مَضَى مِنْ خَاليَاتِ قُرُوْنِ
لَقَّنْتُهُمْ بِالذِّكْرِ كَيْ يَتَنَسَّكُوا
وَلَعَلَّهُمْ مَا بَدَّلُوا تَلْقِيْنِيْ
وَكَتَبْتُ فِي أَلْوَاحِهِمْ سِرَّ الخُلُوْدِ وَمَا مَضَى
بِالْحِلِّ وَالتِّرْحَالِ وَالتَّأْبِيْنِ
***
إِذْ مَشْرِقٌ للنُّوْرِ حَطَّ رِحَالَهُ
وَنِهَايَةُ الدَّرْبِ الذَّي نَرْجُوْهُ بَاسِطُ كَفِّهِ
مَنْ ذا يُقدِّمُ هَدْيَهُ
وَالْبَيْتُ مَعمُوْرٌ بِغَيْرِ حُصُوْنِ
حَفَّتْ مَلائِكَةٌ عَلَتْ طَاعَاتُهَا
تَسْبِيْحُهَا هَمْسٌ عَلى أَرْكَانِهِ
وَالنُّوْرُ يَمْثُلُ فِي الرُّؤى مُتَفَرِّدَ التَّكْويْنِ
الْبَدْءُ دَارَتُهُ هُنَا
وَالمُنْتَهَى
مَجْمُوْعَةٌ كِلْتَاهُمَا فِيْ لَحْظةٍ
إِذْ تَنْجَلِي فِيْ جَوْهَرِ المَضْمُوْنِ
ليْسَتْ كَمِثْلِ الشَّيْءِ مِشْكَاةٌ بِهَا اكْتمَلَ الْهُدَى فِيْ مَذْهَبِيْ وَيَقِيْنِيْ
****
غَنَّيْتُ بِالسِّفْرِ المُخَبَّأِ مَرَّةً
فكَأنَّني تَحْتَ القرَارِ مَحَارَةٌ..
وَأَنَا الْمُضَمَّخُ بِالوُعُوْدِ وَعِطْرِهَا ..
مُتَنَاثِرٌ مِثْلَ الْحُطَامِ بِبَحْرِهَا..
وَمُسَافِرٌ فِيْ فُلْكِهَا المَشْحُوْنِ
أَرْجُو مِنَ الدُّنْيَا سَلامًا دَائِمًا..
وَمَحَبَّةً..
وَالمَوْجُ يَقْذِفُ كُلَّ يَوْمٍ بَعْضَ مَا فِي جَوْفِهِ
مِنْ عِشْقِهِ .. مِنْ غَدْرِهِ .. مِنْ ظُلْمِهِ ..
مِنْ بَعْضِ مَا فِي عَقْلِهِ مِنْ رَحْمَةٍ .. وَتَسَلُّطٍ .. وَجُنُوْنِ
لا تَعْذُلِيْهِ فَرُبَّمَا فِي عَذْلِهِ ..
إِثْمٌ يُضَاهِيْ فِي الْوَرَى..
تَطْفِيْفَ ذَا المَاعَوْنِ
آمَنْتُ بِالأَشْوَاقِ فِي عَيْنَيْكِ حَتَّى أَزْهَرَتْ
وَنَثَرْتُ فِي أَجْوَائِهَا مَا فِي يَدِيْ
مِنْ تَمْرِهَا مِنْ قَمْحِهَا وَالتِّيْنِ
وَوَقَفْتُ فِي أَرْجَائِهَا مُتَوَشِّحًا ..
بِالطَّلحِ وَالصَّفْصَافِ وَالزَّيْتُوْنِ
وَشدَوْتُ فِيْ أَجْوَائِهَا مُتَرَنِّمًا ..
بِالشِّعْرِ وَالأَنْغَامِ وَالتَّلْحِيْنِ
شعر : عبد الإله المالك