قراءة في رواية ( ألمانتا )للكاتبة أماني حبلص
**************
حسام الدين بهي الدين ريشو
**************
ألمانتا ...هي العمل الروائي الأول للكاتبة الموهوبة أماني محمود حبلص
جاء صدورها إعلانا عن ميلاد روائية قديرة تمتلك مقومات الحكي والسرد وموهبة عفية في الإبداع المثمر والخلاق
رواية المانتا رغم كونها المولود الأول لاماني حبلص لكنها جديرة أن تحتل مكانة متميزة في مكتبة الرواية
وهذه محاولة لقراءتها أو عرضها للقاريء الكريم
مدخل :
من المعروف أن قراءة أي عمل أدبي نثرا كان أو شعرا لابد أن يبدأ بالعتبات
العتبات:
والعتبات ثلاثة العنوان ..والإهداء ... التقديم أو التصدير
ولقد استخدمت الكاتبة العتبات الثلاثة
العنوان .... المانتا
كلمة واحدة لكنها غامضة للكثيرين .. يتوقع القاريء أن يلم بها في متن الرواية ..يلهث باحثا عن مدلولها
فلا يجده
فالكلمة لم ترد في الرواية إلا مرة واحدة قبيل النهاية عندما وصف أحد القراصنة بها القبطان عمار قائد السفينة اوجيني أغلى وأقوى سفن البحر
ويضطر القاريء للبحث عن معناها
المانتا تعنى شيطان البحر ...وهو نوع من الأسماك يوجد في المياه المعتدلة والمدارية وشبه المدارية على مستوى العالم
وقد تم استخدام الكلمة من القرصان لقبا لقبطان السفينة اوجينى
الإهداء
اهدت الكاتبة الرواية إلى والديها واخويها أحمد ومحمد وهو أمر طبيعي مع البدايات التى هيأت لها
أجواء الكتابة والابداع وان كان يشير إلى مكارم الأخلاق لديها.
التقديم أو التصدير
تحدثت فيه الكاتبة عن الحب مقررة في السطر الأخير منه:
الحب الدائم هو الله لا البشر
بعد قراءة الرواية سنكتشف لماذا قالت الكاتبة ذلك.
عناصر الرواية:
من المسلم به في أدبيات العمل الروائي والقصصي أن له عدة عناصر تشكل متنه ويتم قراءته من خلالها قراءة دارسة له
أولا : الفكرة الرئيسية
راقصة هي الحياه تغوى عشاقها.. تستدرجهم .. تتبدى لهم بكل مفاتنها واطماعها التى تكون سرابا في النهاية .. وتسحقهم في مزالقها ودروبها الوعرة والمظلمة
وهو ماعبرت عنه أماني حبلص في فقرة من الرواية بالفصل الثامن تقول فيها:
الحياه سجن كبير وربما طويل ونحن السجانون والمسجونون في نفس الوقت.
وتضيف أماني في الفصل التاسع ايضا:
إن الحياة لا ترحم الجانب الخير.. أو الذين يقفون بجانب الحق والمستضعفين في الأرض .. تسحقهم تحت المفرمة. . بينما الأشرار وذوى النفوذ والثروة هم الذين ينتصرون
ولعل ذلك هو ماجعلها تقرر في المقدمة
الحب الدائم هو الله لا البشر
ثانيا: تقنية السرد ولغته
استخدمت الكاتبة تقنية الراوي المتكلم
واتخذ السرد حركة دؤوبة مما تلتقطه الحواس من وقائع وأحداث وانفعالات اجادت الكاتبة التعبير عنها بإستخدام اللغة الفصحى السهلة البسيطة
ولم تنجو من استخدام اللغة العامية في بعض الفصول خاصة عند الحوار بين بعض شخصيات الرواية لكنها عامية غير مبتذله. . مثلا :
_ ما انا قلت لك قبل كده انا مش خايفة طول ما انت معايه
أو
_ انا مش شايفة موقف مضحك عشان تهزر بالسخافة دي
أو_ سليم هو انا حروح المدرسة أمته
ومما هو جدير بالذكر أن الكاتبة نجحت في أن تكون الراوي الذي يرى كل شيء رغم التباس الوقائع والأحداث
ونجحت أن تكون شاهدا محايدا.
ثالثا: بيئة الرواية
ونعني بها زمان ومكان الأحداث
زمن الرواية غير محدد فهو يراوح بين ماض بعيد لعدة قرون مع استباق للحاضر خاصة في عصر الهاتف المحمول وتجمع الرواية بينهما في نسيج متداخل غنى بتنوعه
أما المكان
فهو مطلق بين البر والبحر... بين المشرق والشمال الافريقي
رابعا : الشخصيات
حشد هائل من الشخصيات المتنوعة برعت الكاتبة في رسم عوالمها ودواخلها النفسية الخفية ومظهرها الخارجي
من نافلة القول أن نقرر أن أي عمل روائي أو قصصي يضم عددا من الشخصيات الرئيسية وآخر من الشخصيات الثانوية
وكما أشرنا اجادت الكاتبة في رسم ملامح شخصيات الرواية حتى في اختيارها لأسماء الشخصيات الرئيسية
لا أدري هل كان ذلك مقصودا أم أنها محض الصدفة
فقد كان لكل نصيبا من اسمه
القبطان عمار أو المانتا
فارس .. وكان فارسا بحق في اغلب مواقفه خاصة تجاه ماليكا
سليم
وهو انسان سليم السجايا ورد الفعل
ماليكا
وتستحق أن تكون ملكة لما تحملته
سرينا
وماتتمتع به من ذكاء ودهاء
دولت هانم
سيدة القصر و العائلة التى ترمز للسلطة وتمثل قوة الدولة .. فلا كلمة تعلو كلمتها
فادي
والد ماليكا وهو الرجل الذى فدى نفسه من الديون والسجن بتقديم ابنته ماليكا لخدمة القصر وتنازل عنها قربانا لذلك رغم أنها طفلة صغيرة في أمس الحاجة لحنان الأب بعد موت امها
خامسا : الصراع والحبكة
تضمنت الرواية كل أنواع الصراع بين الأجيال المختلفة لعائلة واحدة سواء
الصراع الذاتى الداخلي للأشخاص
أو الصراع الخارجي مع الآخر والمحيط الاجتماعي في أكثر من حبكة وأزمة تستهدف كل منها حلا
فاتسمت الرواية بسرعة الإيقاع والأحداث المتنامية والتداخل في وقائع قلقة متوترة تنتقل إلى المتلقي خلال القراءة
وكأننا في مطاردة نلهث معها أو بسببها... تأخذنا إلى أفق من ضباب لا ننجو منه إلا مع نهاية الرواية.
سادسا: النهاية
جاءت مفتوحة بعدة أسئلة إذ يقول الراوي:
هل تظل نهاية فارس وماليكا بتلك السعادة أم ماذا يحدث لهما في المستقبل ؟
فقصة فارس وماليكا هي القصة الوحيدة في الرواية التى انتهت بالسعادة
سؤال آخر يطرحه الراوي:
هل ستنفذ دارين تهديدها أم ماذا؟
وهي أسئلة تشير إلى أن الرواية بعد317 صفحة لم تنتهي بعد خاصة أن الكاتبة ألحقت بالرواية صفحة أخيرة بعنوان
نبذة عن الجزء الثاني.
خاتمة:
المانتا.. باختصار تقدم لنا كاتبة موهوبة حقا تستحق ان تشغل مقعدا على طازلة الروائيين القادرين على إمتاع القاريء
وعقبى (أماني حبلص) للرواية القادمة .. مع التحية