مِعوَلُ الشّتاءِ يَحصُدُ غَمامَهُ؛ ويَخدِشُ أنامِلَنا بِالبَلل؛
مُتَسِربٌ مِنها حَنينُ الفُصول، عالِقٌ بِها شَوكُ النَّدى ..
وفي مِحفَلِ وَداعٍ مَوسِمِيّْ؛ تُدارُ الكُؤوسُ فارِغةٌ إلّا من صَمتِ زُجاجِها
مُفرَغَةٌ بِالقَسرِ مِن صَداه..!
نَنْشُدُها رَوِيَّاً والحَوافُّ يَباس ..!
مُكابِرٌ ضِلعُها على التِفافِ الماء؛ وذاتَ تَبَخُرٍ أخير
تَتَشَدَّقُ حُنجَرَةُ المَطر بِأثَرٍ رَجعيٍّ مِنَ اليَباب ...!
وتَتَهاوَنُ أنامِلُ الغَمام باستِكمالِ حَقّها النّديِّ مِنَ الهُطول .
تُرى؛ أيُّنا يَسْتَنزِفُ الآخَرَ يا دِيَمْ ...؟
أيّنا يُعيرُ للآخَر أبجِديَةَ المُثول، في ثَورَةٍ مُتأرجِحٌ بِها " ماءُ المَدامِع " ..
لَيسَ يَرتَدُّ فَيَغفو؛ ولَيسَ يَهتدي إلى دَربٍ صِبغَتُهُ حَتْمِيَةُ الأفول ..!
وأعلمُ يَقيناً ..
ما كانَت بُكاءاتُ الفُصول إلَّا احتِياجي للزّفير..
وما كانَ يَبابُها إلَّا إفصاحاً عَمَّا يَعروني من شُرود؛
مُناوَراتٌ ــ بي وبِدوني ــ أخالُها مُنتَصِرة؛ فَرِتمُ الخَيباتِ فيها
كَما تَحصيلٌ حاصِلٌ في استِباقِ النِّهايةِ بِجُزئِها المَكلوم ..!
وبِالقَطع ؛
لا زِلتُ أُجيدُ التّشَبُثَ بِحَبلٍ من ماء، تدَلَّى خيفةً مِن أكَفِّ غَيمة
أُسابِقُ حَبَّاتِهِ؛ والماء في فَمي قَطراتٍ أغصُّ بِبَعضِها؛
وأنجو بالآخَر، كَآخِرِ حَظٍّ مِنَ الزّفَرات
وتِلكَ وَجنَتايَ أصابَها البَلل، ولَيسَ للغَيماتِ وِزر..
وِزرُها أنّني قَد زَرَعتُ الغَيمَ " قَسراً " في الحَدَق ..!
وحتّى إشعارٍ يليق ؛
سَأرتَكِبُ جُرمَ الفُصول في حَصادِ غَيماتٍ
عَلّمَتْ عينايَ ..
جُلَّ لُغاتِ الصّمت في بَوحِ المَطَر .