حين نغيب ..!!

[صالح الحريري]

حين نغيب ..
لا نملك خيار الرغبة في امتطاء صهوة المغادرة ...
فمن منّا يرغب في مفارقة جذور سكينته فضاء راحته قصور الهدوء العامرة في أعماقه ..
لكنه القرار الذي لا بد لنا من الرضوخ له , مصافحته حتى لو كانت القلوب نازفة لما يحدث ..!
ولأن علاقتي بالفرح شحيحة مذبذبة بين رهبة الرفض و رغبة القبول كان الوجع ضيف قلق في مجالس أوقاتي ..
أحياناً كثيرة يكون لي وقفات مع ذاتي ...
أحاول قراءة ما يجري لما وراء ظلال صدري ..!
يأخذني الانصات لدقات قلبي بأن اتقوس كجنين في احشاء اللحظة ..
وحين أشهق الآه .. تتسارع أنفاسي في إشعال حطب وجعي .. لتختنق ذاكرتي بدخان ما يجري ..!
ما اصغر الحياة في نظرة صاحب اليأس ..!
وما اضيق دروبها في عينيه ..!
لو حاولنا إجراء حوار مع أنفسنا لوجدنا الكثير من التناقضات تسكننا بل تستعمرنا ..!
لرأينا أن تلك الأنفس المسجونة خلف قضبان الحيرة وجدران الحرمان ..
تئن بآهات متعبة تتزاحم في حنجرة الحرية ..
ولأننا بكل الحالات نبحث في ركام حياتنا عن تعويذة فرح ...
تغريدة سعادة يشدو بها بلبل البهجة على غصن أحلامنا قبل أن يجتاح خريف الذبول أوقاتنا ..!
لو جدنا أن الكثير منا تتسلق جدران لحظاته عناكب الخيبة والخذلان في زمن لا يرحم شرفاء الحب ..!
الحب نفسٌ أمّارة بالخضوع ..
ضوء يضيء ما بين غروب الفقد وصُبح اللقاء ..
غيمة عاجزة عن اخماد جمر الانتظار بلعنات الهجير ..!
فوضى مكتظة بعذاب الغياب وعذوبة الأحباب ..
سلسلة لآهات تطوق جيد الحنين ..!
أغنيات مرح وقهقهة على مسرح الاحتواء ..!
ما أعظم الحب في قلوب عشقت .. اقسمت على الولاء ... اقتسمت خبز التعب بمواسم الجوع ..!
فلا جوع يقتات على موائد الشبع ولا عطش يرتشف قطرات الارتواء من شفاه آمنت وأدمنت مذاق الاعتناق ..!
وما أجبنه في معارك الفراق فلا نصل له ولا حافر إلا أجيج وضجيج كنائحة تلطم على جثمان عشقها ..!!
من وراء تلال أوجاعي أشهد بارقة أمل تهمس في مسامع قلبي بترانيم الحياة ..
مما يجعلني اعترف بأن للفرح جسر اً منصوباً على ظهر أحلامي...
تلك الأحلام المشنوقة بجذع يقظة تتأرجح أغصانها بليلة شتاء اعتنقت شريعة البرد بعد أن هجرها الدفء بليالي الولاء ..!
لا شيء يحدث في عالمي الآن ...
إلا قطرات خيبة تذيب جمود خاطري ..
قطيع تساؤلات تقتات على عشب مصفر قد شاخ لونه ...!
ضوضاء تملأ أفق الاحتمالات بأنني كنتُ في دوامة لا قاع لها فلا نجاة ..!
فلا عجب أن يهلك الكثير مني ليبقى الجزء الآخر شاهداً على معركة التلاشي في زمن الانكسار ..!
وبعد هذه الثرثرة أحاول أن أتدثر برداء شموخ لعله يواري سوءة الحزن وما أحدثه بعورة أمنياتي العارية ..!



6/4/433هـ