جاءني مصطفى قاطعاً مسافة ليست بالقليلة , مكلفاً نفسه عناء السفر , حاملاً بيده مجموعة كبيرة
من الارواق, ظننته للوهلة الأولى المسؤول التربوي الجديد , وجاء الى المدرسة النائية التي أدرّس
بها لمهمة تربوية , وبعد أن جلس على الكرسي وشرب فنجان القهوة الذي كان كلّما رشف منه رشفة قال وهو يتلذذها , قهوة شاعر محنك , والحقيقة الى الان لم يخطر ببالي أنه يحمل في يده ما يسميها هو والأخ الذي كان يرافقه بالقصائد العصماء , إلا بعد أن قال لي , انا الشاعر مصطفى قلت له حياك الله , وبعد ان كال له صديقه الذي يرافقه بالمدح والثناء بشاعريته , قدم لي الاوراق ليأخذ رأيي بشاعريته , قلت له هذه الاوراق تحتاج لزمن طويل لقراءتها لذا اتركها عندي وفي قادم الأيام اعطيك رأيي بها , فوافق على مضض وبدأ يشرح لي معاناته مع الشعراء الحاسدين المبغضين, والذين لايريدون ظهوره حتى لاينافسهم كونه شاعر قادم بقوة , قلت في قرارة نفسي وهذه دلالة على انك لست بشاعريامصطفى! المهم شرح لي كيف ان حدهم حطم معنوياته عندما قال له بعد قراءة شخابيطه التي يسميها شعراً , هل تستطيع شراء عشر نعجات فقلت له , وهنا الكلام لمصطفى نعم اقدر , فقال لي نصيحتي اشتري عشر نعجات واسرح بهن افضل لك من الشعر , ولم استطيع ان اتمالك
نفسي من ضحكة دوت اصداءها في مدرستي التي خشيت على جدرانها الطينية من الانهيار , ثم انتبهت لنفسي, وقلت له لاعليك سأقرأ اشعارك واعطيك رأيي بعد اسبوع ,وكنت خلال هذا الاسبوع كل ماقلبت الأوراق بيدي , شعرت بمرارة مواجهته بالحقيقة , جاءني مصطفى بعد أسبوع وكان على عجلة من أمره فقال لي وهو بالسيارة رأيك بشاعريتي يا أستاذ , قلت له (تقدر تشتري عشر نعجات)
فتغير لونه ودعس بنزين سيارته دون ان يودعني أو ان يأخذ الأوراق مني !
ترى كم مصطفى الآن تعج بهم ساحتنا الشعبية دون أن يستطيع أحد أن يقول لأحدٍ منهم ( تقدر تشتري عشر نعجات).
خروج :
اربع عقود ماشفنا الربيع
.............والمطر مايمر ديارنا
ابشري يامنازلنا بيع
............للمعالي عزيز اعمارنا