خواطر من حرِّ نارِ الهوى
-
11- منحوتة إغريقية
*
فى هذا الجوِّ الماطرِ بالأحداث ،
وفى هذا الوقتِ العامر بكل ألوان التحزِّب والحصار ،
وفى هذا العمر العاطر بالأنفاس
وفى هذا القلب الوالعِ بِكُلِّ ألوانِ المحبةِ والحنين،
في عُمرِي هذا ....
وبجمالك هذا ....
دعيني أُشرق على جانب جسمكِ الأيمن ،
وأهتدي بنارِ شوقي إليكِ ،
وحنيني إليكِ ،
وشغفي عليكِ ،
وأطيرُ إليكِ ،
وأحبو إليكِ ،
وأمحو كُلَّ تصاميمي ، وكُلَّ علاقاتي،
وكُلَّ نزواتي ،
وكُلَّ عاداتي ،
لأستبقيكِ أنتِ .
*
دعينى سالتُكِ بحولِ الخصرِ ونحولِ الجسمِ ،
وبتلك الشعرةِ الواحدةِ الوحيدةِ النابتةِ كتاجٍ إغريقىٍّ ،
فوق رأسِ سُرَّتِكِ المدفونةِ ما بين لحمِكِ الأبيضِ المثير ،
والمُعطَّرةِ بماء وردِ الخجل المُتدفق من بين خلجاتِ الروح،
والناعمةُ بتأثير زيتِ اللوز المُرِّ،
والمبلَّلةِ دوماً كما لو كانت خارجةً للتوِّ من حمامٍ مغربِّى أصيل ،
دعينى سألتُكِ بجميع ما سبق ،
أن أرمى بنفسى إليكِ ،
وأُمارسُ طقوسَ لوعتى وانبهارى،
وأن أُقبِّلُهُ حدُّكِ الأزرق ،
وأُلملمُ كُلَّ فتافيتِ السكر على ضفتيهِ ،
فأسكرُ بكِ ومعكِ ،
وأفيقُ على صوتِ العشقِ النابع من ذاك القلبِ ؛
الساكنِ بجوف صبري ،
والمُختنقُ مثلى برباطِ العاداتِ ،
والمشنوقِ إلى حدِّ الصلب بحبلِ التقاليد العقيمه ،
فدعينى سالتُكِ باللهِ أن أتناسى جميع ما يفصلنى عنكِ ،
وما يمنعنى عنكِ ،
وما يزيدُ معدلات إرهاقى وضياعى بالبعدِ عنكِ ،
فبينى وبينكِ حُمرةَ بحرٍ ،
وبردُ صحارى وجبال صد
ونهرٌ من الدموع ،
وشعرةٌ ودٍّ تكادُ من فرطِ طراوتها أن تنقطع
ومن طول صبرها أن تملَّ
فدعينى أعودُ إليكِ ،
وأعود إلىَّ وإلى فطرتى الأولى على يديكِ.
*
دعينى أجهرُ بالنداءِ العظيمِ ،
وانفخُ باُذنكِ اليمنى وكذلك اليسرى ،
كما لو كُنتِ مولودة للتوِّ من رحمِ شعورى وغابات شِعرى ،
وأردِّدُ تسابيحِ الهوى وترانيمِ الغرام ،
من أولِ الشعرِ وإلى آخرِ الحنين ،
ومن مُنتصفِ العُمر إلى سويداء القلب ،
ومن أعلى شجرةِ الودِّ إلى جميعِ أذيال الهوى ،
وأنقرُ بأصابعى على قيثارةِ كفِّكِ ،
وأوتار أصابعكِ ،
وعلى مقاماتِ صدرِكِ ،
وأهمسُ مُنشداً ؛
"طيرى جوَّاً ،
غوصى بحراً ،
سيرى برَّاً ،
لن أتنازل عنكِ شبراً ....
كونى روحاً ،
كونى راحاً ،
كونى قلباً يسرقُ قلبى ،
زيدى صبرى فيكِ صبراً....
كونى أنتِ ،
كونى أنتِ ،
حتَّى أبقى أنزفُ شعراً"
*
دعينى أظهرُ من جانبِ اللهفةِ ،
وأُسلِّطُ ضوئي عليكِ وعلى كافةِ مدائن روحكِ ،
وألعبُ كالأطفالِ بغاباتِ شعركِ المصبوغ بحنَّاء الولعِ،
وشمعِ الوجهِ الذائبِ في دُنيا فمي ،
واشربُ على حين شغفٍ بُهاراتِ الشفاهِ ؛
فتحمرُّ منها خدودي ،
ويشتعلُ الرأسُ تيها،
وحين تشتدُّ شمسُ عيني عليكِ ،
وتدقُّ ساعاتُ جسمِكِ بحلولِ قيلولةِ الهوى ،
اتركيني لأتزلَّجُ مع ذاك الثلج الذائب من فوق تلك التلال ،
إلى حيثُ الظلِّ الساكنِ بين النهدين ،
وخلف النهدين ،
لأسبح وحدي ببحرِ فتنتكِ القديم الساري ،
والحديثِ العهد المملوءِ الجاري،
دعينى أضربُ بعصا روحى على أحجارِ روحكِ الكريمه ،
لتسيل منها ينابيع الفرحة والبسمات ،
وتمتلىء سحابات النهدين ،
ويخرجُ منهما الودق
وحينها ؛
دعينى أُذكرك بآياتى؛
" بأنَّكِ أنتِ الواحدةُ الوحيدةُ التى صنعتها على عينى
واصطفيتها لذاتى وقلبى ،
وبأنَّنا نحنُ الإثنينِ لو اجتمعنا لكان اللهُ ثالثنا ،
والأربعةِ أحرفُ لغتنا ،
وبأنَّهُ بينى وبينكِ خمسٌ يغبطنا الناس عليهن ،
دمنا واحد صوتنا واحد وروحنا واحدة
وبيننا لهفة وشوقٌ لما يحظى بهما أحدٌ من العالمين
وبأنِّكِ سادسةِ ايامِ صومى ،
وثامنةِ العجائبِ السبعة ،
ووقفة التاسع ،
وعيدى العاشر
*
في هذا الوقتِ الكامن خلف الوقت ،
والنازحِ نحو الغيمِ ونحو الكبت،
والسابح نحو الجَدَبِ ونحو ضياع العُمر،
أقولُ بكُلِّ فنونِ النثرِ وحتَّى الشِعر؛
أخذتِ العُمرَ بوضعِ اليدِ،
وجاء اليومُ لكِ والغد،
يسألني عشقي عن شوقي،
وكيف أُناجيك بالبعد،
ورُغم جميعِ ما قد قيل وما قد قُلت
أحتارُ،
كيف أرد !!!!.
-
د / عمرو الساهرى
2011