التطّرق لتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية أصبح مادة مستهلكة رغم أهميتها ، لكنه بالنظر لتأثير الهاتف الجوال نجد أن ضررها أقل أو أنها تكون منفذا من منافذ الهاتف إلى العالم الآخر ، فيرتبط الهاتف بالفيس بوك ارتباطًا مباشرًا كأنه أحد إضافات الهاتف وكذلك تويتر وبقية المواقع .
أمّا استخدام الهاتف الجوال بالطريقة المؤلمة التي شاعت الآن فهو نذير خطر بتمزيق أواصر العلاقات العائلية لأن الحوار المباشر انتهى بينهم ، وكل فرد من العائلة استبدل لمسة الأم الحنون بعبارات حب وحنان يحولها عبر " الواتس أب " إلى رفاقه تحثهم على حب الأم والاهتمام بها ، واستبدل حديثه الحميمي مع الأب برسائل تذكير بأن البر والإحسان من الإيمان لأنه كان بعد العبادة في الآية الكريمة :
﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } .
جميلة هذه الرسائل لكن الأجمل هو تطبيق مافيها وتركها والجلوس مع الوالدين -هو أولى -من نسيانهم يقارعون الوحدة والملل وننشغل بالتذكير فقط ، أين العمل ؟ هل اصبحنا حقّا من أمة تتكلم وتتكلم ولاتطبّق ؟!
وكذلك الحال لصلة الرحم والاندماج بالحياة الاجتماعية الأخرى التي تنقلنا من العيش داخل جهاز إلى التحليق حيث يريد الله لنا وإلى حيث خُلقنا من أجله .
أقتبس من مقالة تحدثت عن هذا الموضوع مايلي ((
الدكتور وائل أبو هندي: قلق غياب الهاتف ظاهرة منتشرة بين مستخدمي الهواتف الذكية
من الناحية النفسية، يؤكد الدكتور وائل أبو هندي، أستاذ الطب النفسي في جامعة الزقازيق، أن «قلق اللا هاتف» ظاهرة انتشرت بين مستخدمي الهواتف الذكية وخاصة الجيل الصغير، فهؤلاء لا يتخيلون في حياتهم بلا هاتف، ويصابون بالقلق حال انقطاع الشبكة في أي مكان كانوا فيه، وهذا أمر منذر بالإدمان. ويتابع: «تجمع الهواتف الذكية بين أخطار إدمان الانترنت والألعاب الإلكترونية، وبلغت أخطارها أن بعض النساء يرينها أهم من الأزواج، فقد أكدت دراسة بريطانية أن 70 في المئة من النساء يجدن الهواتف الذكية أهم من أزواجهن، وهذا ما سبب انشغال البعض عن أزواجهن بها، كونها تحقق لهنّ تواصلاً يفتقدنه في العلاقة الزوجية، فيزداد الصمت الأسري وقد يصل إلى حد الخرس».
ويرى أبو هندي أن «الهواتف المحمولة بشكل عام، والذكية بشكل خاص، غيّرت قيم المجتمع الذي أصبح يكتفي برسالة تهنئة وربما فيديو على الهاتف، بدلاً من الزيارات الحميمية بين أفراد الأسرة الواحدة أو العائلة، وكذلك الجيران والأصدقاء». ويحذر من زيادة إدمان الهواتف الذكية، مؤكداً أنها تقطع العلاقات الحقيقية على أرض الواقع، إذ ينغلق كل فرد على نفسه في عالمه الإلكتروني، ومشدداً على ضرورة تخصيص وقت يومي لغلق الهاتف والكمبيوتر، ليعتاد الإنسان على الحياة من دونهما، شرط أن يمارس أنشطة يعطله عنها هاتفه الذكي، مثل تحدّث الزوجة مع زوجها، اجتماع الأسرة ونقاش موضوع حيوي أو تبادل الحديث، وزيارة الأقارب أو الأصدقاء. ))) انتهى
الإنسان خلق الآلة ليستخدمها لا لتستخدمه ، لينتفع بها لا لتدمّره " في حالة سوء الاستخدام " .
قريبون ؛ أقرّب مما نظن ، أنّهم يجلسون قربنا ، ينتظرون بسمة منّا تواسي دمعة الوحدة والملل ، يبحثون عنّا بين طيّات يومهم ، يحلمون بساعة صفاء معهم لكننا دائما نخذلهم فينتهي اليوم ويحلّ الظلام وهم أسيروا حلم النظرة والحديث اللطيف فيحتضنوا الحسرة ولاشيء غيرها نهاية كل يوم .
ختامًا
أتساءل :
هل أصابنا قلق ( اللا حبيب ) بنفس القدر الذي أصابنا هوس التفكير بفقد الاتصال أو فقد الهاتف ؟!
أم أننا استبدلنا القلوب التي تنبض بالحروف التي لاروح فيها
وأهملنا من يجلس جنبنا ونسينا أننا سنلتفت يومًا ولانجده ؟!!
وقتها !
صدّقوني
لن يحتاج دموعنا ولايعترف بزهورنا التي ننثرها على قبره
ولن تواسينا كل عبارات المواساة وتقتلع الندم الذي سيسكن النفس التي :
في الصَّيف ضيَّعت اللّبنَ !
شمّاء