استيقظ بعد أن رن جرس المنبه لمدة نصف ساعة
نظر إلى المنبه بعين نصف مغلقة
تثاءب منزعجا لأنه لم يرد الاستيقاظ متأخرا
لكن ضريبة السهر لا مفر منها
نهض على عجل والنوم يكسوه من رجله إلى رأسه
أخذ المنشفة ولبس ما رآه أمامه من ملابس الاستحمام
نظر إلى زوجته
تغط في نومها المتقطع جرّاء صراخ الصغير الليلي
واستدار خارجا من الغرفة
شششششششششششششششش
مازال يفكر وهو تحت الدش كيف يدبر المبلغ الذي سوف يزوج به أخاه
أخذ علبة الشامبو أفرغ بقاياها في يده ثم بدأ يدعك رأسه بشدة
كأنه ينتقم من مخه الذي لم يرشده لأي شخص يفاتحه بموضوع القرض
وهو مبتعد قليلا عن الدش ثم اقتحم الهطول الخجل للدش على رأسه ليرى
التحام الماء والصابون ينزلق على صدره وفخذيه نازلا إلى مجمع المياه.....
أغلق الصنبور وتناول المنشفة ...مسح بها وجهه ثم عاد ليدعك رأسه وصدره
وباقي أجزاء جسده الذي يصفه بأنه أول الصعاب الكثيرة.....
حيث يردد فلسفات أخيه ماجد "أنك لن تتغلب على الآخرين
ما لم تتغلب على جسدك" !!!
عندما أشعل مصباح الغرفة بدأت زوجته بالتمدد المنزعج قائلة
يوووووووه منّـــك
انت ما تعرف تلبس الا والليت شابّ
لم يرد عليها بل اكتفى بإلقاء المنشفة على وجهها قائلا
قومي الساعة صارت 9 وانتي للحين تشخرين؟!
عروس؟؟؟
...قومي.
،،
بحروف نصف واضحة جرّاء النعاس الشديد ردت عليه زوجته
وشعندي عشان اقوم ...البيت كلهم نايمين ؟؟ اقوم شسوي؟؟
وبعدين بنتك هذي تخلي الواحد ينام !!
ترى ما نمت للصبح!!
قالت كلمتها تلك وهي تسحب الغطاء على جسدها المتلوي لتعود إلى
نومها العميق.....
خرج من غرفته بعد أن رتب من هيئته ماشطا شعره وواضعا
غترته كيفما اتفق على كتفه والعقال على رأسه ممسكا الطاقية بيده...
ما إن اوصد باب غرفته حتى رآى أمه تتسحب من غرفتها تمسح النوم عن
عينيها وهي تناديه بصوت متحشرج..
يمّه منصور
هلا يمّه
يمّه الدكتور عطاني هالورقة عشان الدوا بس الصيدلي يقول ان هذا الدوا
مو عندهم.. وانت جاي مر الصيدلية اللي بالسوق وجيبه لي...
اخذ الوصفة وهو غارق بالتفكير حول القرض...
ان شاء الله يمه بس يمكن ماراح ارجع للعصر
على كيفك يمه بس لا تنسى
ان شاءالله
قال كلمته تلك ونحنحة أبيه تأتي من الديوانية مصحوبة بسعلة قوية....
أكمل ....بحيل الله
*********
السلام عليكم
أهلين ... أهلين وسهلين ... شو... متأخر؟؟!
لم يجب منصور زميل العمل وأكمل حتى مكتبه
ألقى بجسده على الكرسي متناولا بعض الأوراق...
شو ..مانك على بعضك اليوم صاير شِي
قال زميله بسام كلمته تلك وهو يسحب علبة السجائر ليشعل منها واحدة
رد منصور
لا والله ماكو شي بس تدري... روتين ممل يخليك تكره الدنيا
تعلل منصور بالروتين ...لا يريد إشراك الآخرين همومه...
ياعمي... الدنيا كلها هيك مقلوبة على بعضه...عيش يومك...عيش
أكمل بسام جملته وهو يناول منصور سيجارة
أخذها منصور مبديا شكره ووضعها أمامه ثم بعد دقائق...
محمد...بصوت عالٍ
نعم بابا
عندك ولاعة
كانت الإجابة فعلية حيث جاء الفراش حاملا ولاعته إلى منصور الذي أخذها وأشعل سيجارته ثم جر منها نفسا قويا
إلتهى منصور قليلا بما أمامه من أوراق ثم التفت إلى السيجارة ليمتص منها نفسا آخر فوجدها منتهية ففركها
بالمطفأة بحنق..
حتى انتي....
ثم رجع إلى أوراقه....
الساعة تشير إلى الرابعة عصرا...
مساك الله بالخير
أهلا وسهلا
ايّ خدمة؟!
تسلم يالغالي
بس ممكن تشوف لي هذا الوصفة عندكم والا لا؟
ممكن الورقة...
نفضل
آه.. موجودة عندنا
قال الصيدلي كلمته تلك وهو يستدير للرف خلفه ليسحب الجرار الزجاجي مخرجا منه علبة معينة....
تفضل
أهو الدوا ..مرتين بعد الأكل
أخذ منصور الدواء ودفع قيمته ثم خرج .
الطريق إلى البيت كما هو يوميا...
نسّم علينا الهوى
من مفرق الوادي
يا هوى
قل للهوى
خدني على بلادي
منصور يستمع لفيروز
متجها بسيارته إلى البيت
وفي هذه الأثناء يرن موبايله
آلو...
منصور وينك؟
جاي
متى ؟؟
...باكر ...متى يعني!!
ابي أسافر انا ؟!! مسافة الطريق
قالها منفعلا
شفيك؟!
مو قلت لك جاي... وين ابروح؟؟
اطير!!
وشفيك معصب؟! عمتي تسأل عنك
يابنت الحلال
ما ني معصب
قلت لك جاي
زين
مر الجمعية وجيب لنا معاك خضرة ترى مسوين تنزيلات اليوم
انشاء الله
وترى الشاي مخلص
وهو يزفر بشدة
طيب..في شي ثاني
لا
منصور يقفل الخط بوجه زوجته حتى لا تتذكر أشياء أخرى.
الله يخليك مو مسوين تنزيلات اليوم
منصور يخاطب عامل الجمعية
انت لسه جاي
الناس م الصبح كحشت كل حاجة
زين ما بقى شي
فاضل كوسة وشوية خيار
ويمكن تلاقي عند آخر الرف شوية بطاطا
يعطيك العافية
أخذ منصور ما أمكن من الخضار
ثم وهو يمشي متجها للكاشير
يرى رف التشيبس والبطاطا المغلفة
فتناول كيس الكتكو متذكرا أيام الطفولة عندما كانوا يذهبون للبياعة "ام بدير" وكان يشتري منها الكتكو اول ما انتج
فلا يأكله مباشرة بل يضع الحلقات في أصابعه مقلدا الدعاية التلفزيونية ومرددا
كتكو يخلي القوة حديد....كتكو...
هز رأسه متحسرا على الماضي البهيج
ودمعة خجولة أطلت من عينه ثم ماتت على حافة الجفن....