أستاذ سليمان العنزي ..
أهلاً بكَ ,
لقد تعرّضتَ لمُشكلة حقيقيّة قرأتُ الكثيرَ من النّقاشاتِ عنها , و أفهمُ أنّها تتلخّصُ في استحواذ الأجانب على الوظائف و الأعمال مقابلَ ازديادِ البطالةِ في صفوفِ الشّباب السّعودي .
هذا يُذكّرني بألمانيا مثلاً حيثُ يشغل الأجانب حيّزاً هائلاً يزدادُ يوماً بعدَ يوم في الوظائف المختلفة بدءاً من أعلى المراتب العلميّة و حتّى أبسط الأعمال الحرّة .
و لكن ذلكَ يعودُ لأسبابٍ واضحةٍ جليّة و هي تتلخّص في زيادة المعدّل العمريّ لوفاة الانسان و قلّة معدّل الولادات ممّا يسبّبُ خللاً في الهرمِ العمريّ للشّعب
و يؤدّي إلى نقص في الشّباب القادرين على العمل .
لكنّهُ ليسَ السّبب الوحيد , إذ أنَّ هناك سبباً آخر يُجاريهِ في الأهميّة و هو تقلّص مستوى الطّموح عند الشّباب الألمانيّ
مترافقاً بازياد التّواكلِ على النّظام الاجتماعيّ المتماسك
إضافةً إلى الضّياع الفكريّ و الأخلاقيّ المتسبّب بموتِ الشّبابِ على اختلاف الطّرق أو بانتهائهم على رصيفٍ ما مخمورينَ أو متسوّلين .
هذا يعني حاجة البلاد إلى طاقات خارجيّة " أجنبيّة " قادرة على سدّ الخلل الاقتصادي للمجتمع ,
و من وجدَ الفرصةَ للعملِ و التّقدّمِ فقد اغتنمها و أصبحَ يعيشُ حياةً أفضل اجتماعيّاً و اقتصاديّاً من الكثير من المواطنين الأصليين .
في المملكة العربيّة السّعوديّة حسبَ رأيي تختلفُ المُسميّات , أدركُ أنَّ الكثير من الشّباب السّعودي خاصّة و العربيّ عامّة مبتكر و خلّاق و مبدع
و أنّهُ ينتظرَ الفرصة ليُثبتَ وجوده إلّا أنَّ الواقع العربيّ اليوم يقول بأنَّ الفرصةَ لا تأتي إليكَ مهما كانت طاقاتُكَ و قدراتك , أنت من يجب أن يبحثَ عنها و يشقَّ الطّرقَ إليها .
لا أجدُ في الواقع أيّةَ مسبّبات لإلقاءِ اللّومِ على المواطنين الأجانب العاملين في المملكة و الّذين يتحمّلونَ في كثيرٍ من الأحيان
ظروفاً معيشيّة و اجتماعيّة صعبة في سبيلِ هدفهم كبعدهم عن أوطانهم و عائلاتِهم و تشديد قوانين الإقامة عليهم على اختلافِها طبعاً .
إن وضع البطالة و تقليص حجم الفرص أمام الشّباب السّعوديّ هوَ مسؤوليّة الّدولة أوّلاً و أخيراً ,
إذا سلّمنا بأنّ الشّباب السّعودي قادر على الحلّ محلّ الطّاقات الأجنبيّة بدءاً من الأستاذ و الطّبيب و المهندس و انتهاءاً بالسّائق و الخادمة .
الدّولة اذن مسؤولة عن الحدّ من شغل الوظائف من قبل الأجانب بقوانين اقتصاديّة تضمن حقّ السّعوديّ بالعمل و نيل الفرص .
أشكركَ و الجميع هنا .