إميل أمين :
من يسعى إلى تخفيض سكان العالم إلى 500 مليون نسمة؟
الحقيقة والوهم في ألواح جورجيا الغامضة ومقررات لوغانو المتطرفة ومشروع "لقاح بيل غيتس"
أعمدة جورجيا التي تتضمن الألواح الغامضة (غيتي)
فجأة ومن جديد فتحت وسائل الإعلام أبوابها أمام أحاديث تتقاطع ما بين الغموض والشك، الحقيقة والخيال، وهو أمر طبيعي جداً في أزمنة المحنة، وفجأة كذلك عادت الأصابع تشير إلى ألواح جورجيا الغامضة، وتعيد قراءة سطور تقرير لوغانو الأكثر إثارة في العقدين الماضيين، بما فيه من رؤى مالتوسية تربط بين مستقبل العالم وعدد سكان الكرة الأرضية، وأضحى الجميع في حالة تساؤل مستمر: هل كورونا هي الفصل المكمل والمتمم للمؤامرة الكونية، أم أنها استراتيجيات الأقطاب الدولية الكبرى، تلك التي تعمل جاهدة للحفاظ على مكتسباتها التاريخية، وتدافع عنها بطرق مشروعة تارة، وبفوقية إمبريالية ليبرالية كما سيسميها أحد المؤرخين المعاصرين تارة أخرى؟
*مهما يكن من أمر الجواب، وقبل الخوض في غمار هذه القصة، وحتى لا يتهمنا البعض بأننا نروج لغموض، أو نثير الذعر، عبر تبني نظرية المؤامرة، دعونا نتفق على أن أصحاب نظرية التاريخ المتآمر ومعهم أصحاب نظرية الهيمنة العذراء، كلاهما يثير الغبار والدخان، من حول الواقع الحالي... لماذا؟
لأن العلاقات الدولية صراعات وقوى، ومصالح تمارس فعلها بالنار، وتندفع إلى سباق الحياة بأقصى سرعة يسمح بها العقل والعلم، وهي تجرب فرض إرادتها بكل الوسائل علناً وسراً، إقناعاً وقسراً، حرباً مكشوفة وتربصاً في الظلام، ومن هنا فإن التاريخ يصعب اعتباره مؤامرة مستمرة، وفي اللحظة عينها يصعب إطلاقاً اعتباره فردوساً للأطهار.
كورونا الوباء الفتاك القاتل
على حين غرة ضرب فيروس كورونا العالم، من غير تأكيد حتى الساعة من أين جاء، ومن دون مقدرة على التنبؤ بمساراته ومساقاته المستقبلية، وإلى أين يمضي، وبينهما يسقط الآلاف، وربما لاحقاً الملايين، وبخاصة في ظل عدم المعرفة الكافية للمنشأ، وهل هو طبيعي أم مخلّق أو مصنّع، ناهيك عن الضبابية التي تحوم من حول وسائل مجابهته، فلا أمصال أو لقاحات تبدو ظاهرة في الآفاق، ولا أدوية لمعالجة المصابين. وبين هذا وذاك تروج القصص التي يتفتق عنها العقل البشري، وجميعها تدور حول فكرة "الداروينية الاجتماعية"، وهي النظرية التي ظهرت في المملكة المتحدة وأميركا الشمالية وكذا أوروبا الغربية في سبعينيات القرن التاسع عشر، وتدعى تطبيق المفاهيم البيولوجية للانتخاب الطبيعي والبقاء للأصلح، على علم الاجتماعي والسياسة.
وعلى الرغم من أن المصطلح اكتسب اسمه من عالم الأحياء الشهير البريطاني تشارلز داروين، إلا أن الأفكار التي يشير إليها سابقة لصدور مؤلف داروين "أصل الأنواع"، ويتم وصف أعمال العديدين بالداروينية الاجتماعية مثل "روبرت مالتوس" و"فرانسيس كالتون" مؤسس نظرية تحسين النسل في نهاية القرن التاسع عشر.
يدّعي البعض أن هذه النظرية تشجع العنصرية، معتمدة على أفكار "أرتو دي كوبينو" السابقة لنشر داروين لنظريته والتي تتعارض مع نظرية داروين بشكل مباشر.
في هذا الإطار، يضحى من الطبيعي أن يتحدث البعض شفاهة ومن غير تأصيل علمي، أو حفر عميق تاريخي وسيسيولوجي عن أفكار من نوعية القلة التي تحكم العالم، وكيف أن فيروس كورونا هو بداية المخاض، لإحداث انهيار عالمي اقتصادي، ومن ثم ظهور حكومة عالمية موحدة. ووسط هذ الطرح يكثر الحديث عن مسألة العلاقة بين حال ومآل سفينة البشر في بحر كورونا الهائج، وبين تعداد سكان الكوكب الأزرق، كما أن هناك من يعتبر الأمر خرافات وضرباً من ضروب الخيال والقناعة بالمؤامرة، بل إن الأمر وصل حد القول إن الفيروس هو أحد* أعمال مؤسسة "جافي" التابعة لبيل غيتس، ولهذا استقال الرجل من منصبه في مايكروسوفت ليتفرغ لقصة الأمصال واللقاحات، والحديث يطول عن أفكار من هذه الشاكلة والتي ينظر إليها على أنها مثيرة للشفقة عند عقول ضعيفة البنية والتكوين، غير أن أي بحث علمي موضوعي يقتضي أن يترك فيه المرء هامشاً من الشك، فليس كل ما هو ظاهر على السطح هو الحقيقة الكاملة، وهناك دوماً وراء الأكمة ما وراءها.
النص المتعلق بتخفيض عدد سكان العالم (من ويكيبيديا)
سر ألواح جورجيا الغامضة
يمتلئ العالم بالمعالم الأثرية التاريخية، بعضها يعود إلى آلاف السنين، فيما بعضها الآخر حديث العهد لا يتجاوز أربعة عقود، مثل ألواح جورجيا، الواقعة في مدينة ألبرتا، بالولايات المتحدة الأميركية، والتي طفا الحديث عنها على السطح من جديد بالتزامن مع جائحة كورونا.
باختصار نحن أمام ألواح عدة حجرية غرانيتية مصنوعة بدقة وفخامة، خمسة ألواح، يبلغ طول الواحدة منها 4.9 متر، ويزن 20 طناً، في الوسط يتمركز لوح آخر، تحيط به أربعة ألواح مستطيلة، محفورة على اللوح المتوسط رسالة بلغات مختلفة قديمة وميتة، البابلية واليونانية والسنسكرينية والهيروغليفية المصرية، ومنقوش على أوجهها الأمامية رسالة بلغات معاصرة الإنجليزية، الإسبانية، السواحلية، الهندية، العربية، العبرية، الصينية، الروسية.
السؤال الرئيسي من الذي قام ببناء هذه الألواح ولأي غرض، ثم ما هي الرسائل المنقوشة على جدرانها وماذا تعني؟
البحث المعمق يؤكد أن من يقف وراء هذا العمل مجهول، وإن كان يرمز له C.R، أما الشركة المنفذة فهي شركة "ألبرتون لأعمال الغرانيت" أهم وأكبر شركة غرانيت حول العالم.
بالقرب من الأحجار الغرانيتية الضخمة هناك بلاطة على الأرض منقوش عليها العبارة المثيرة التالية: LET* THESE* BE GUIDESTONES TO AN AGE OF REASON *أي: لتكن أحجار هذا النصب السبيل إلى عصر الرشد.
لكن عن أي رشد يتكلم صاحب الألواح المثقبة بثقوب تتقاطع والنجوم والكواكب، والشمس والقمر، ما يدلل على أن الأمر أهم وأخطر من كونه "أداة فلكية ضخمة" كما أخبر C.R *صاحب ورئيس شركة ألبرتون "جو فندلي"؟
هنا نقترب من السر الغامض، الذي وصفه البعض بأنه دستور الماسونية، وقال فريق آخر إنه مانفيستو المسيح الدجال، لا سيما أنها عشر نقاط وكأنها تقابل الوصايا العشر الأولى في التوراة.
أما الرسالة أو الوصايا فهي كالتالي:
ابقوا عدد الجنس البشري أقل من 500 مليون نسمة في توازن دائم مع الطبيعة.
وجهوا التناسل البشري مع تحسين اللياقة البدنية والتنوع.
وحدوا الجنس البشري بلغة جديدة معاصرة.
تحكموا بالعاطفة وبالعقيدة وبالتقاليد وبجميع الأشياء بمنطق معتدل.
إحموا الناس والدول بواسطة قوانين عادلة ومحاكم منصفة.
أتركوا الدول تحكم داخلياً مع تصفية النزاعات الخارجية في المحكمة العالمية.
تجنبوا القوانين التافهة والموظفين العديمي الفائدة.
وازنوا ما بين الحقوق الشخصية والواجبات الاجتماعية.
شجعوا الحقيقة، الجمال، الحب، لإيجاد التوافق المطلق.
لا تكونوا سرطاناً فوق الأرض، افسحوا مجالاً للطبيعة، افسحوا مجالاً للطبيعة.
ملاحظات عدة تتخفى وراء هذه الجدران الغرانيتية التي طلب "روبرت كريستيان" CR *أن توضع بطريقة ومن مواد تواجه أعتى الكوارث الطبيعية التي يمكن أن تضرب الأرض هناك، وفي مقدمها أنها صنعت عام 1980، أي في أوج الحرب الباردة بين حلفي الناتو ووارسو، وقد كان سيف "ديموقليس" النووي معلقاً على رقاب العالم، فهل كان صانع ألواح جورجيا يتوقع حرباً نووية مهلكة أم كوارث طبيعية إيكولوجية مدمرة تقضي على غالبية البشر؟
يمكن تفهم كل ما تقدم من خلال تسع وصايا، أما تلك التي توصي بالاحتفاظ بعدد الجنس البشري عند حدود 500 مليون نسمة فقط وفي توازن دائم مع الطبيعة، فهي التي تثير الجدل والشك حتى الساعة، وربما لهذا تعرض النصب عام 2008 إلى محاولة تشويه بشكل رسمي، من خلال طلاء حجارته بطلاء البولي يوريثان، والكتابة على جدارنه بعبارات من نوعية "الموت للنظام العالمي الجديد".
أما أغرب الأشياء في هذا البناء فهو الحديث عن كبسولة زمنية مدفونة تحت اللوح المتوسط، بها تواريخ ترتبط بمسيرة الإنسانية، الأمر الذي يعيد للأذهان قصة الفيلم الأميركي الذي أخرجته هوليوود للعالم عام 2009 بعنوانKNOWING *من بطولة الممثل الشهير نيكولاس كيدج.
هل نحن أمام سردية خفية لحكومة عالمية كما يذهب البعض؟